19 سبتمبر 2025

تسجيل

لكيلا تتحول إلى صنم يُعبد

04 مايو 2020

اصطفافنا وراء مصطلح الديمقراطية حولها إلى أيقونة أو صنم يُعبد وهو ما كنت أخشاه، كنت أتمنى أن تعالج مشكلات مجتمعاتنا على اختلافها في ندواتنا ومحاضراتنا بعيداً عن مصطلح الديمقراطية. فإيجاد حلول لمشاكل البطالة والعمالة الأجنبية ودور المرأة وخلق الوظائف وغير ذلك من مشاكل يمكن طرحها ومعالجتها ليس بالضرورة ربطها بمصطلح الديمقراطية الاختزالي. اختزال مرض المجتمع العربي في غياب الديمقراطية فقط اختزال مُخل ولا يساعد على الرؤية الحقيقية لتضاريس الواقع العربي. إن كثرة تداول اسم الديمقراطية وقيام الاجتماعات والندوات والمنتديات التي تحمل اسم الديمقراطية كما هي مقترنة في وعينا العربي جعلنا نبحث عن الدواء في صيدلية أخرى غير صيدلية الواقع المعاش؛ لأن الديمقراطية بالصورة التي نتداولها إفراز لمجتمعات وواقع مختلف، فنحن نقفز إلى العنوان دون قراءة ما يحتويه الكتاب ثم إن المتكلمين في معظم تلك الندوات والمحاضرات؛ إما أنهم من الغرب فينطلقون من تجربة مجتمعاتهم، وإما أنهم عرب فهم نتاج مجتمعات غير ديمقراطية أصلاً خاصة من يصور منهم أن هناك حالة من الخصام بين الديمقراطية والواقع العربي، فهو يكرس مفهوم العقيدة التي تُعبد ويُطلب منها أو من خلالها تدارك الأمر عن طريق تدخل الغيب. كنت أتمنى ألا نبحث كثيراً في ذلك المفهوم أكثر مما بحثنا، فنقطة الانطلاق يجب أن تكون من الواقع، حيث لكل مجتمع مكوناته الخاصة، وحيث تفاعل تلك المكونات بصورة معينة وعبر حركة التاريخ يمكن أن ينتج عنها تصور لإمكانية تعايش أفراد هذا المجتمع انطلاقاً من رضاهم ؛ وهنا يكمن مفهوم التداول المجتمعي الفعال. ثم إن العملية الديمقراطية نفسها ناشرة للوعي الديمقراطي ؛ أي أن الممارسـة هي الأساس. يجب الابتعاد عن المماثلة مع الغير من المجتمعات، لأن مكونات مجتمعاتنا تختلف تماماً عن غيرها؛ فلدينا العائلة والقبيلة والطائفة الخ... فهي بالتالي مكونات الاتفاق المرجو والمطلوب. كذلك ( مثالاً أو عقيدة ) لا يخدم الشعوب بقدر ما يخدم الأنظمة، لأن عدم تحقق المثال في هذا الحياة وهو أمر طبيعي، يعني معايشة الواقع بشكله وصورته الراهنة وهو ما أورثنا المصائب. [email protected]