30 أكتوبر 2025

تسجيل

بقعة الزيت

04 مايو 2014

مضحكة بعض المواقف التي تمر علينا في العمل حتى وإن كان يشوبها شيئاً من القهر نتيجة أفعال بعض المديرين، الأمر الذي يُخيل إليك أنك تُشاهد مقطعاً كوميدياً من مسلسل "خالتي قماشة"، أو مشهدا من إحدى المسرحيات الكوميدية، فالفن الكوميدي ليس مقصوراً على الأفلام والمسلسلات والمسرحيات، بل أيضاً في مجال العمل، فيرتدي بعض المديرين "جلابية خالتي قماشة" ويتكأون على عصاتها التي تمشي بها بطريقة متعرجة، ويرتدون نظارتها الطبية المائلة على أنفها، ولا ننسى غرّتها البيضاء التي على جبينها وهي تتطاير كما يتطاير الشرار من عينيها عندما تُراقب "زوجات أبنائها".هكذا هم بعض المديرين والذي يمكن أن نطلق عليهم لقب "بقعة الزيت"، فيسترقون السمع مثل الشياطين على موظفيهم بطريقة "خالتي قماشة" ولكن بالأسلوب الكلاسيكي وذلك بوضع الإذن على باب أحد الموظفين ومراقبته والاستماع إلى حديثه مع أحدهم، خوفاً من أن يؤكل لحمه الطازج المُتبل بأفخر أنواع البهارات… بمعنى خشية أن تتم "العقرة فيه"، خاصةً إذا كان المدير من ذوي الإعاقة الفكرية! فيُسيئون استعمال حقهم كمديرين ويطلبون من الموظفين الوقوع في حبهم! يا لهذا الغربال!تكمن المشكلة لدى بعض المسؤولين في أنهم لا يفصلون مابين العلاقات الشخصية والعمل، فإذا كانت هناك مشكلة شخصية مابين الرئيس والمرؤوس فإنها تؤخذ على محمل الجد والانسياق إلى الإيذاء أيضاً على مستوى العمل، كأن يقوم الرئيس بإتلاف أوراق ومعاملات أحدهم عمداً نظراً لحصول موقف سلبي فيما بينهما في السابق … فيُصبح الرئيس أشبه بــ "بقعة الزيت" فيتعمد إزلاق المارة الذين يكرههم.وأيضاً هناك قصص في هذا الشأن مختلفةً في الأحداث، فإحدى المديرات المتسلطات فئة "أسلوب ولسان" في إحدى الجهات، كانت تكره موظفة من الموظفات لأسباب شخصية لا صلة لها بالعمل، فقط من باب المزاجية، بمعنى "أكرهك وفي المقابل أطفشك"!، في يوم من الأيام اجتمعت عدد من الموظفات في استراحة قصيرة لتناول وجبة الإفطار وذلك في ذات الإدارة التي تمسك زمام أمرها تلك المديرة المتسلطة، فكن مجتمعات في حالهن وكانت من بينهن الموظفة المغلوب على أمرها، فإذا بهن يسمعن صوتاً آتٍ من مكانٍ بعيد يصدر صدى راعداً وكأنما الرعد قد توسط سطح الأرض: "وينهاااااا؟ وينهاااااا؟؟؟ طلعوها؟؟"، الأمر الذي يُخيل إلي أن شارة مسلسل "خالتي قماشة" قد تم تشغيلها: "يتكم بقعة الزيت …. يتكم بقعة الزيت"!وتنتفض الأرض من ثقل قدميها، ورفيف أجنحتها أصدر ريحاً عاصفاً قد سقطت اثره لوحات الإعلانات من الحائط، مُكشرةً على أنيابها مثل "دراكولا" استعداداً لمص دم الضحية، وتهتز الأبواب خوفاً.. وتسيح أصباغ الحائط حزناً وألماً … والمتسلطة سابقتها خطواتها هرولةً، فأصبحت كالقطار تسير دون الاكتراث بمن هو أمامها … تنظر بعينيها الناتئة إلى الأمام بتركيز مُفرط وكأنما تبحث عن المجهول …. ابليس هرب من أمامها … خشية أن تركله! حاضناً أطفاله وهم يُغنون بصوت خافض: "يتكم بقعة الزيت …. يتكم بقعة الزيت"، فقد تجاوزت ابليس في التسلط والشر!وأما الموظفة المغلوب على أمرها فقد اختبأت وراء الباب خوفاً من أن تراها المديرة المتسلطة وكأنها "أم عليوي" عندما اختبأت في "الكبت"، إلى أن حطت المديرة رجليها داخل ذلك المكتب الصغير الذي يحوي أربع موظفات والخامسة وراء الباب، تصرخ بشدة تبحث عن فضولي! وينها؟؟؟، صحون الإفطار تتقارع بشدة من هول الموقف … حبيبات زيتون أخضر تناثرت من أفواه الموظفات رعباً … وانقلبت "غرشة الفلفل" رأساً على عقب … يارب سلّم … يارب سلّم … فإذا بالمديرة شاخصةً عينيها مثل الليزر، تبحث وتبحث … وأخيراً بيدها الضخمة الساخنة تدفع الباب وتقبض على الموظفة المسكينة الملتصقة بالحائط، بعدها بدأ كرنفال التوبيخ والتهديد والوعيد … ووصل الأمر إلى سعادة الوزير … وتم التحقيق في الأمر … وكل ذلك لأسباب شخصية! وتكسرت الصحون! وبها بقايا حمص … وقليلاً من مربى التوت! ويا للفشيلة …والنتيجة باختصار هي أن عقول بعض المديرين على المحك.قصص أخرى كثيرة من هذا النوع لا يسعني الوقت لذكرها … وبغض النظر عن اسهابي في الخيال الواسع في الوصف … إلا أنه حدث واقعي اختصاره مجرد تسّلط … اختناق … عقاب دون دليل … خلط سفاسف شخصية في العمل …. لا يوجد احترام … وكل ذلك باسم "الكرسي"!قصص متنوعة وواقعية من بطولة مديري "بقعة الزيت" فلا يتركون لك المجال للسير في طريقك المهني دون سكب ذلك الزيت أمامك لتنزلق وينكسر فيك الطموح … الشكوى لله!