10 سبتمبر 2025
تسجيلحينما تحولت ثورة سوريا بعد أقل من ستة شهور من انطلاقها إلى فوضى ثم إلى حرب شوارع قبل أن تتغلغل داعش وغيرها من التنظيمات الإرهابية إلى عمق الأراضي السورية وتتحول الثورة التي كانت تنادي بـ ( الشعب يريد إسقاط النظام ) إلى نظام إقطاعيات يبحث كل قطاع فيه بما يخدم مصالحه وعليه ظهرت حركات وثوار وعصابات دخلت بعدها دول في تلك المعمعة التي احتضنتها سوريا ولا تزال مثل إيران وروسيا وقفتا بالمال والسلاح والعتاد والعدة والرجال إلى جانب حزب الله اللبناني أيضا إلى جانب نظام بشار الذي يمارس أعتى صنوف القتل والتعذيب والاختطاف والتنكيل والقهر واستخدام أسلحة محرمة دوليا على مرأى من العالم لا سيما المنظمات الدولية والإنسانية ودول المؤسسات التي تنادي بالحرية والعدل ولا يمكن لأي منها حتى أن يقول كلمة إدانة واحدة لهذا النظام القاتل لشعبه وأطفاله حتى مع قيام حكومة انتقالية لم يجرؤ العرب ماعدا قطر - ولها الشرف في هذا - أن يعترفوا بهذه الحكومة حتى مع إقرارهم في قمة الكويت العربية التي انعقدت قبل عدة سنوات على أن تتبوأ هذه الحكومة كرسي سوريا في القمم والتجمعات العربية، فإذا بنفس العرب ينادون بإدخال سوريا المنطوية تحت حكم بشار الأسد إلى عضوية جامعة الدول العربية وإعادتها إلى مظلة العرب والحمدلله أنه لا يزال هناك من الشرفاء العرب الذين يمانعون ذلك ويتحفظون على هذا القرار إلى حين انتهاء أزمة الشعب السوري الذي يدخل عقده الأول وهو إما معذب في أرضه ومهجر مشتت وفقير جائع أو لاجئ محروم من أقل مسببات العيش الكريم داخل بعض الدول العربية أو كما نرى اليوم مشرد داخل البلاد الأوروبية إلا من رحم ربي منهم وآخرهم من نراهم اليوم على أبواب اليونان التي تبدو أنها تفتقر لأقل آداب الترحيب بضيوفها، فقد استقبلت مئات اللاجئين الذين تدفقوا إلى حدودها طلبا للجوء الإنساني الذي تقره منظمات الأمم المتحدة الداعية لاحتضان كل لاجئ هارب من بطش نظامه وتعذيبه وأي شكل من أشكال التهديد الذي يلاحقه فيها إما على حياته أو حريته أو معتقده الديني وغيره بقنابل دخانية وقنابل مسيلة للدموع لم ترحم منها الأطفال الصغار والرضع السوريين الذين ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمقاطع حية مصورة لهم وهم ينازعون الحياة الصعبة والظالمة ويلتقطون أنفاسهم بصعوبة جراء هذا الاستقبال الذي استقبلته بهم اليونان في خطة منها ومن غيرها من دول الغرب الذين استاءوا من إعلان الزعيم التركي رجب طيب أردوغان قبيل دخول قواته أرض إدلب السورية لوقف إطلاق النار وتصميمه على إقامة منطقة آمنة وملاحقة جماعة جول الإرهابية وقوات بشار التي تدعمها أنه سيفتح حدود بلاده الممتدة مع عدد من الدول الأوروبية ما لم تناصف أوروبا الجمهورية التركية مسؤولية احتضان هذا الكم من السوريين اللاجئين نظرا لتواجد ما يزيد على ثلاثة ملايين لاجئ سوري داخل الأراضي التركية، وهذا ما يفوق قدرة أنقرة على استيعاب المزيد منهم لا سيما وأن توزيعهم العشوائي في عاصمة ومحافظات ومدن تركيا الكبرى يزيد من عبء حكومة أردوغان في هذا الشأن، ولذا تبدو اليوم أوروبا الواقعة بين ( حيص ) إنسانيتها المزعومة ذات الصيت الواسع في العالم و ( بيص ) المسؤولية الضخمة التي ستقع على عاتقها إذا ما فتحت أراضيها لهذا العدد الكبير جدا من أعداد السوريين منفتحة أكبر للتفاوض مع أنقرة رغم تجاهلها لهذا المطلب التركي من البداية لكنه بات في نظر أردوغان متأخراً جدا بعد تصريحه الأخير بأن المسألة قد حُسمت بشأن تدفق اللاجئين إلى الدول التي تشترك بحدودها مع بلاده، ولكن يبقى المتضرر الأكبر من كل هذه الصراعات ( اللفظية ) التي تتبادلها الحكومات هو اللاجئ السوري المحمل بعائلته وصغاره وهمومه وآلامه إلى المجهول إما بحرا يواجه فيه الغرق والموت أو برا يُستقبل فيه بالقنابل والجوع والتشرد والعرب أين ؟! هناك حيث يحصون عدد المصابين لديهم بـ (فيروس الكورونا ) بينما مصابهم الحقيقي هو في مرض إنسانيتهم المعدية الذي يميتهم وهم أحياء !. [email protected]