09 أكتوبر 2025
تسجيلعندما كانت بلجيكا تحتل رواندا (وسط أفريقيا) في النصف الأول من القرن العشرين، قامت بتصنيف الشعب لطبقتين: أقلية غنية (من كان يمتلك أكثر من 10 بقرات، وهي علامة للثراء) أسموها "توتسي"، وأغلبية شعبية فقيرة أسموها "هوتو". وسرعان ما نمت الكراهية بين الطبقتين. وبعد الاستقلال حكم الهوتو رواندا. وفي التسعينيات ازدادت شعبية قناة إذاعية حكومية بسبب برامجها الترفيهية المميزة، ولكنها كانت تأجج الكراهية ضد التوتسي التي شيطنتهم، ووصفهم بأقبح الأوصاف وأنهم يستحقون القتل، فهم سبب جميع المشاكل في البلاد، وبثت رسائل مفادها مقاطعة التوتسي وعدم التعامل معهم بل وحتى عدم تزويجهم وعدم الاختلاط بهم، ومن يقوم بذلك فهو خائن. وقد نجحت هذه الإذاعة في بيئة يسودها الجهل في تعبئة جمهورها بالكره والحقد، وكل من له رأي عاقل يتم وصمه بالخيانة. وفي 6 ابريل 1994 قُتل رئيس رواندا عن طريق إسقاط طائرته بصاروخ، فاتهمت الحكومة التوتسي بقتل الرئيس، فقام الهوتو (المعبئين نفسياً) بالانتقام من التوتسي بمجازر وحشية مروعة بالأسلحة والسواطير راح ضحيتها أكثر من 800 ألف شخص من التوتسي خلال 100 يوم فقط، وانتهت المجازر بعد تدخل قوات دولية تابعة للأمم المتحدة. اتضح لاحقاً من خلال تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية أن من قام بقتل الرئيس هو فصيل سياسي آخر من الهوتو، ولكن ما فعلته الإذاعة هو أنها هيأت المناخ للمجازر عن طريق نشر الكراهية، وقامت المحكمة بإدانة المذيعين والقائمين على القناة. وشهد بعض ممن نفذوا المجازر أنهم "لم يكونوا في وعيهم، ولا يعلمون لماذا ارتكبوا هذه المجازر". عندما يشيع الجهل، ويسمح الناس لعقولهم بتقبل أي رسائل يبثها الإعلام، هنا يبقى دور الإعلام وضميره، في التحريض.. أو التنوير. Twitter: khalid606