12 سبتمبر 2025

تسجيل

الضرائب وتنويع الإيرادات

04 مارس 2018

تصميم نظم ضريبية تمتاز بالعدالة والكفاءة تأخذ معظم المؤسسات الدولية على دول مجلس التعاون أنها وبالرغم من إدراكها خطورة الاعتماد شبه الكلي على مصدر رئيسي للدخل، إلا أنها لم تعمل طوال السنوات الماضية على تنويع مصادر الإيرادات بصورة تغير هذا الجانب بشكل ملموس. وغالبا ما تتركز ملاحظات تلك المؤسسات على ضرورة التحرك لإصلاح أوضاع المالية العامة في دول المجلس بصورة تتناسب مع الدور المنوط بالسياسة المالية في تحقيق أهداف الاستقرار المالي والاقتصادي، وتنويع مصادر توليد الدخل وضمان العدالة بين الأجيال في الثروات الناضبة. وبنفس الوقت يؤدي ذلك الإصلاح إلى تهيئة الاقتصاديات الخليجية لمواجهة الصدمات الكبيرة والمستمرة كالتي نشهدها اليوم التي تتعرض لها هذه الاقتصاديات، وما تفرضه من تحديات، في إطار برنامج متدرج يحظى بدعم قوي من صناع القرار، لأن من شأن ذلك يخفض من حالة عدم اليقين الحالية المرتبطة بانخفاض أسعار النفط. وفي هذا الإطار، إطار تطوير هيكل الإيرادات في دول المجلس، تبرز الضرائب كأحد الخيارات، إن لم نقل أبرزها. ومن شأن تصميم نظم ضريبية تمتاز بالبساطة، والعدالة والكفاءة أن تسهم وتدعم النمو والاستقرار، لأنها ستوفر حيزا ماليا لحكومات دول المجلس تسمح بزيادة النفقات على بنود تزيد من النمو، وتخفض من حالة عدم اليقين في المدى المتوسط، وتجعل السياسة المالية معاكسة للاتجاهات الدورية. وتتجاوز أهمية تطوير نظام ضريبي في دول المجلس مسألة تدعيم الوضع المالي الذي سيسمح بزيادة الإنفاق على بنود تزيد من التنافسية الطويلة الأجل، كالصحة، والتعليم والبنية التحتية المادية، وجعل الإيرادات أكثر استقرارا، ما سيسمح بدوره بتجنب تقلب النفقات، إلى جوانب أخرى ذات أهمية كبيرة؛ أهمها أن الضرائب سوف تسهم في ترشيد قرارات الإنفاق وتضفي المزيد من الحوكمة والرقابة على هذه القرارات كونها ترتبط بالمال العام، مما يعظم إنتاجية الإنفاق العام. وفي بعض دول أمريكا اللاتينية وإفريقيا التي تحكمها أنظمة حوكمية جيدة، تعتبر الضرائب أحد الجوانب الرئيسية لدولة مسئولة وفعالة. من هذا المنطلق، يعتبر الإصلاح الضريبي استثمارا مهما في التنمية المؤسسية على نطاق واسع.   وبما أن إدارة السياسة المالية في دول المجلس تعتمد على النفقات، سوف يسمح تطوير نظام ضريبي بجعل إدارة السياسة المالية تعتمد أيضا على الإيرادات. كما سيساعد فرض الضرائب على تجاوز العديد من التشوهات الموجودة حاليا، ما سيسمح بتفعيل السياسة المالية، فمثلا: لا يتم فرض ضرائب على الدخل الشخصي في دول المجلس، لأنها إن فرضت تعتبر تخفيضا للأجور الممنوحة في القطاع العام، كما لا يتم فرض الرسوم على العديد من السلع والخدمات العامة، لأنها تتعارض مع سياسات الدعم المقدمة، ولا شك أن ذلك يتعارض مع عقلانية استخدام الموارد في ظل زيادة النفقات على البنود السابقة، وبالتالي، التأثير سلبا على هدف تحقيق العدالة بين الأجيال. كما أنها تجعل السياسة المالية مقيدة وغير مرنة في استجابتها للاتجاهات الدورية، في ظل صعوبة تخفيض النفقات على مثل هذه البنود. ويستلزم تصميم نظام ضريبي متطور استحداث وتطوير إدارات وأجهزة ضريبية متخصصة وفعالة، ما يعني أن فرض الضرائب سيكون حافزا لتطوير وتحديث الإدارة الضريبية، وتوفير قاعدة بيانات ومعلومات مهمة تساعد في اتخاذ القرارات، وتطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. ويعتبر التخلف أو عدم الخبرة في كفاءة إدارة الضرائب عاملا هاما في تفسير إخفاق الإصلاحات منها الضريبية في عدة دول. كما يمكن اعتبار تطوير الأنظمة الضريبية في دول المجلس أنه سيوفر المزيد من الدعم والتنسيق لعملية التكامل بينها.