19 سبتمبر 2025

تسجيل

صندوق الذكريات

04 مارس 2013

في البداية دعنا عزيزي القارئ نقرأ هذه القصة معا.. عاد الرجل مساء إلى منزله متعبا بعد يوم شاق في العمل.. استلقى على كرسيه المفضل بجوار النافذة .. حاول أن يبعد مشاكل العمل عن ذهنه.. لم يكن حتى راغبا في مجرد التفكير في وسيلة تساعده على اجتياز أزمته المالية.. رفض عرض زوجته تناول الطعام زاعما أنه تناول بعض الشطائر أثناء وجوده بالعمل.. تركته زوجته لشأنه بعد أن وضعت إلى جواره كأسا من العصير وانصرفت لأداء بعض الأعمال المنزلية .. هذا أفضل.. انها أدرى بطباعه.. وهو لايحب أن يسأله أحد عما به حتى يهدأ وقد يحكى عما ألم به. انقضى جزء من الليل – لا يدرى كم من الوقت – هل نام وهو جالس ؟ لا يدرى.. ولكن ما كان يدركه أنه ما زال لا يجد حلا لمشاكله.. عندما شعر بصوت خطى صغيرته وهى تقترب من الشرفة – حيث كان يجلس – وبهدوء وضعت على المنضدة لفافة صغيرة من الورق الملون -ما هذا ؟ -انه هدية لك.. هل تود أن تراها ؟ مد الرجل يده وتناول اللفافة وبدأ يتأملها.. -انها تحتوى على صندوق صنعته لك بنفسي من الأوراق التي كانت ملقاة في شرفة المطبخ. -ومن أين أتيت بهذا الورق الملون ؟ -لقد أخذته من فوق مكتبك. كان الرجل – بسبب الضغوط والمشاكل التى يواجهها - ولأنه كان لا يحب أن يعبث أحد بحاجياته قد أصبح فى غاية الضيق وظهر ذلك جليا على وجهه.. فى الوقت الذى كان قد انتهى فيه من فض اللفافة وفتح الصندوق والذى وجده – لدهشته – فارغا. صاح الرجل فى وجه ابنته وقد ألقى بالصندوق على الطاولة المجاورة : -ولكنه فارغ. -لقد ملأته لك بالقبلات.. لقد وضعت فيه قبلات كثيره. قالت الابنة هذا وقد بدأت دموعها تتساقط على خديها مثل حبات اللؤلؤ.. واحتواها الأب بين ذراعيه وأخذ يمسح دموعها ويقبل وجهها ورأسها.. وأخذ الصندوق ووضعه فى خزانته الخاصة واعدا اياها أن يحتفظ به إلى الأبد. كبرت الابنة.. وتزوجت.. وسافرت إلى الخارج .. ولم يعد أمام الرجل من تسلية في شيخوخته إلا أن يخرج الصنوق من آن لآخر وينظر إليه ويقبله ثم يعيده إلى مكانه في حذر بعد أن يكون قد ملأه بالقبلات . والآن عزيزي القارئ وبعد أن انتهيت من قراءة هذه القصة – التي أرجو أن تكون قد أعجبتك- دعنى أسألك.. أليس كل واحد فينا في حاجة إلى مثل هذا الصندوق ؟ وأزيد – هامسا في اذنك عن حب – هل يستحق عزيز لديك أن تنفجر صارخا فى وجهه وتخرج ما في نفسك من ضيق نتيجة مشاكل الدنيا وهو أو هي – صغيرك أو صغيرتك – لا تدرى شيئا عن مشاغلك ولا تفكر إلا فى شئ واحد .. وهو أن يكون صندوق ذكرياتك مليئا بالقبل. همسة أخرى: تذكر دائما أن اللحظة التي تمضى لن تعود أبدا.. فلم لا تكون كل أوقاتك بين صغارك مليئة بالصفاء والذكريات الجميلة التي ستتذكرها يوما وستكون بحاجة إلى أن يكون صندوق ذكرياتك مليئا بكل ما هو جميل. وإلى لقاء جديد في مقال قادم بحول الله.