18 سبتمبر 2025

تسجيل

تفاضل بين صفقة ومأساة

04 فبراير 2024

(هذا الرجل أذلنا) بهذه العبارة المختصرة تداول الإعلام العبري ما يتناقله مجلس الحرب الإسرائيلي الذي يقف اليوم متخبطا أمام القبول بصفقة تبادل كبرى للأسرى وبين رفضها باعتبارها إنها يمكن أن تمثل انتصارا حاسما لحماس وهزيمة نكراء لإسرائيل التي تمضي في يومها الـ 22 بعد المائة في عدوانها الوحشي على غزة وإن القبول بأي صفقة يعني أن تنتظر قيادات إسرائيل وحكومتها موافقة (يحيى السنوار) قائد حركة المقاومة حماس على هذه الصفقة التي لم تتضح معالمها جيدا لكنها وبحسب الإسرائيليين الذين يريدون استعادة أسراهم بأي طريقة كانت من قبضة المقاومة الفلسطينية خاضعة للتنفيذ إذا ما وافق السنوار عليها الذي وصفه وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير بأنه أذل الكيان الإسرائيلي بحسب قوله الذي ينتظر كلمته الفاصلة بشأن التبادل الذي يجب أن يكون بحسب شروط حماس لا غيرها وإنه يراقب من ملجأه الحصين ما يجري ويبتسم على الخلافات التي تعصف بقيادات وحكومة إسرائيل وما يلقونه من ضغط شعبي جارف من عائلات الأسرى والمتضامنين معها بشأن إلزامية وقف العدوان على غزة فورا وإتمام الصفقة بأي شكل كان وإعادة أبنائهم أحياء لا في توابيت لاحقا وتحت مراسم عزاء لا تشفي غليل ذويهم الذين كانوا يتأملون في عودتهم كما تركوهم قبل السابع من أكتوبر الماضي من العام المنصرم. وبغض النظر عما يمكن أن تفضي له الصفقة التي عُقدت تمائمها من باريس وصولا إلى إسرائيل مرورا بمصر وقطر وهم الوسطاء الذين يمكن أن يمرروا الشروط والمباحثات للأطراف المعنية بشأن الصفقة فإن العدوان لا يزال قائما والمجازر اليومية لا تزال تباغت الآمنين في خيامهم البالية ومن يهرب من الموت بردا فإن صواريخ وقصف الطائرات الإسرائيلية يمكن أن تقتله فورا وسط مجاعة مخيفة تسللت بين النازحين وسكان الشمال تحديدا وأمراض وأوبئة تفتك بأجساد أطفالهم الهزيلة وكأن العالم قد أمن لدخول الآلاف من أطنان المساعدات الإنسانية ووصلت الشاحنات لمستحقيها وليس العكس ! فالوضع كارثي جدا وعشرات الأطفال تتلقفهم كاميرات المصورين وهم متجمدون من البرد وقد فاضت أرواحهم لبارئها من قلة التدفئة لا سيما بين الرضع وحديثي الولادة لدرجة إن تقارير مؤكدة لوكالات إغاثة نشرت إنها تقدم ما وصفتها بالرشاوى الضخمة أمام المعابر المشتركة مع القطاع لتتمكن من إدخال اليسير من الإعانات لمن يمكن أن يصلوا لهم من السكان الذين يتكدس منهم ما يزيد عن 1,2 مليون نازح في رفح فقط وهي التي لا تستوعب كل هذا الكم من المهجرين من بيوتهم والمتكدسين في خيام غارقة في الوحل والأمطار والبرد القارس الذي يأكل أطراف أبنائهم الصغيرة فلم الحديث والتأكيد والتركيز على صفقة تبدو حتى الآن باهتة الملامح أمام ما هو واضح من حرب غير متكافئة على أهل القطاع جوا وبرا من قصف بالصواريخ والمدفعية وسقوط العشرات من الشهداء والجرحى بصورة يومية حتى عجزت وزارة الصحة الفلسطينية عن إحصاء أعدادهم تفصيلا ناهيكم عن آلاف من المفقودين ومن تحللت جثامينهم تحت الأنقاض ولم يتمكن أحد من انتشالهم ودفنهم والصلاة عليهم كما هو حق لكل مسلم ؟! لم على الإعلام أن يبلور الصفقة بحسب تحليلات ضيوفه العسكريين الذين يستضيفهم في نشراته الإخبارية وما يمكن أن يظل طافيا على السطح لتبقى ذاكرة العالم حاضرة به بات يسقط من هذه الذاكرة قصيرة المدى ؟!. أنقذوا غزة وسوريا وقد ذكرت سوريا لأن وضع اللاجئين السوريين أيضا يضاهي حال النازحين من غزة ألما وصعوبة ووبالا وكلنا رأينا تلك المشاهد لأطفال من غزة وسوريا يكادون يموتون بردا ولا تستر أجسادهم الصغيرة والضعيفة سوى خرق بالية فأين سوف نذهب من كل هذا يا عرب ويا مسلمون ؟! ماذا سنقول وبما سوف نبرر تخاذلنا عما استطعنا فعله وتهاونا عن أدائه بالصورة التي يجب ؟! فهل تحسبونه هينا ؟! لا والله فإنه عند الله عظيم !.