18 سبتمبر 2025
تسجيلتُعتبر بداية العام وقتًا مناسبًا لإلقاء نظرة عامة على التحديات التي تواجه العالم. ويجتمع عدد كبير من زعماء العالم خلال شهر يناير في مدينة دافوس السويسرية لحضور القمة السنوية للمنتدى الاقتصادي العالمي. وليس من الممكن على الإطلاق توقع حجم أو طبيعة المخاطر الكامنة بدقة. فعلى سبيل المثال، لم يساور العالم قدرٌ كبيرٌ من القلق بشأن انتشار فيروس كورونا الجديد في يناير 2020، ولكن الأمر انتهى بانتشار جائحة كوفيد-19 وعمليات الإغلاق المرتبطة بها، وهو ما أدى إلى حدوث تأثير اجتماعي واقتصادي في ذلك العام أكبر من أي شيء آخر. وبعد مرور أربع سنوات، ربما يكون الصراع في الشرق الأوسط هو أكبر مصدر للقلق بينما أصبح فيروس كوفيد-19 مجرد ذكرى. ولا تُظهِر إسرائيل أي علامة تشير إلى التراجع في حملتها العسكرية للقضاء على حركة حماس، مع ما يترتب على ذلك من تكاليف باهظة في أرواح المدنيين الفلسطينيين. وتُعدُ الهجمات التي شنتها قوات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، والهجمات الانتقامية التي شنتها القوى الغربية على قواعد الحوثيين في اليمن نتيجةً مباشرة لهذه الأحداث. ورغم توسط قطر لترتيب عملية وقف إطلاق النار في غزة وإعادة بعض الرهائن في شهر نوفمبر الماضي، فقد تبين أن تلك الهدنة لم تدم طويلاً. ومن ناحية أخرى، اندلع التوتر بين إيران وباكستان، حيث أطلقت القوات المسلحة من الجانبين النار على الجماعات الإرهابية المزعومة في أراضي الطرف الآخر. وشكَّلت عملية احتواء الصراعات الإقليمية أو منعها مصدر قلق كبير في دافوس، واحتلت مكانها على جدول الأعمال إلى جانب القضايا التجارية وغيرها من القضايا الاقتصادية. وفي عام 2024، سيتوجه حوالي نصف سكان العالم إلى صناديق الاقتراع، حيث ستُعقد الانتخابات الوطنية في الولايات المتحدة الأمريكية، والهند، والمكسيك، وجنوب أفريقيا، إلى جانب انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي. ولم يتأكد حتى الآن موعد إجراء الانتخابات العامة في المملكة المتحدة، ولكن من المقرر إجراؤها في نهاية العام الحالي. ويخشى العديد من المعلقين، سواء في دافوس أو أماكن أخرى، من أن يصبح دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، وهو الأمر الذي يبدو مرجحًا على نحو متزايد. ونظرًا لأن ترامب سبق له شغل منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بالفعل لمدة أربع سنوات، فإن الخوف قد يبدو مبالغًا فيه، أو سطحيًا على الأقل. لكن فترة ولايته الثانية، على افتراض انتخابه، قد تكون مختلفة تمامًا. فعلى الصعيد الداخلي، أعلن ترامب عن اعتزامه السعي للانتقام من أعدائه السياسيين، ومن المرجح أن يكون نظامه معاديًا للمهاجرين. وعلى صعيد الشؤون الخارجية، أعلن ترامب أنه سوف يسترضي بوتين في روسيا ويسعى إلى وضع نهاية سريعة للصراع في أوكرانيا، لكن الرئيس زيلينسكي والاتحاد الأوروبي يدركان ذلك ويخططان للتطورات الطارئة. وقد يتبين أن تأثير رئاسة ترامب على حركة التجارة العالمية وقطاع الأعمال محدود، فهو مثلاً مؤيد للأعمال التجارية وتجارة النفط. وكان ترامب قد اقترح فرض تعريفات جمركية على الواردات، بيد أنه من غير المرجح أن تؤدي هذه التعريفات إلى تعطيل حركة التجارة بشكل كبير، ولكن ترامب يُعدُ شخصيةً لا يمكن التنبؤ بها. وقد أكد سعادة السيد/ منصور آل محمود، الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار، في لقاء مع تلفزيون بلومبرج أثناء مشاركته في قمة دافوس، على براغماتية صندوق الثروة السيادية من خلال إعادة التأكيد على التزام الجهاز باتباع سياسة استثمارية طويلة الأجل، وأن الجهاز لن يتأثر بالعناوين الإخبارية والاتجاهات قصيرة المدى. وقد حدد جهاز قطر للاستثمار أوروبا واليابان باعتبارها مناطق ذات إمكانات استثمارية، في حين تظل الولايات المتحدة الأمريكية الوجهة الأكثر أهمية للاستثمار، حيث يتبنى الجهاز توجهًا عالميًا. وفيما يتعلق بالقطاعات، سلط سعادته الضوء على أهمية الذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية والبرمجيات المؤسسية والتحول الرقمي. وكثيرًا ما يشار إلى اجتماع دافوس بطريقة سلبية، باعتباره منبرًا للحوار غير المجدي بين النخبة المتطرفة. ومع ذلك، فإن النخبة ستظل معنا دائمًا، ومن الأفضل أن يتحدثوا مع بعضهم البعض بدلاً من الامتناع عن التفاعل والتواصل سويًا.