14 سبتمبر 2025
تسجيلطالعتنا الصحافة المحلية بسيل من التصريحات والبيانات المالية والأرباح للبنوك المسجلة رسميا في الدولة، وهذه عملية تشكر عليها جهات الاختصاص لإعلان ميزانيتها العامة للرأي العام، لكن ما استوقفني هو إعلان القيادة الإدارية العليا في بنك قطر الوطني بأن التضخم في دولتنا حفظها الله من كل مكروه يتراوح ما بين صفر % و1 %، لكن صاحب هذا الرأي لم يبين المعادلة المالية التي ارتكز عليها في قياس نسبة التضخم السائد في البلاد. من المهم أن نتوقف برهة لنعطي القاري الكريم لمحة عن مفاهيم مصطلح التضخم. لا شك بأن المدارس الاقتصادية لها اجتهادات في التعاريف بهذا المصطلح (التضخم) لكنها في النهاية متفقه على معنى واحد. هناك رأي يقول التضخم هو ارتفاع أسعار السلع والخدمات، أي زيادة الطلب الفعلي على السلع والخدمات على المعروض من تلك السلع، وعلى ذلك فإن التضخم مرتبطا بكمية النقود الطروحة للتداول، وكذلك أسعار الفائدة وعوامل الإنتاج.. مدرسة أخرى تقول بأن التضخم هو نتيجة لارتفاع تكلفة إنتاج السلع والخدمات وهذا ما يعمل على منواله أصحاب رؤوس الأموال الأمر الذي يودي إلى ارتفاع الأسعار لتحقيق معدلات ربحية عالية ويمكن أن نجمل القول بأن التضخم هو عبارة عن انخفاض القيمة الشرائية للنقود. مثال كيلو البندورة " الطماط " كان يباع بريالين الآن الكيلو من ذات السلعة أصبح يباع بثمانية ريالات، هذا الفرق في السعر يساوي مقدار التضخم كما ألمعنا النظر أعلاه. من هنا سؤال يطرح للأخوة في المصرف (البنك) المركزي وبنك قطر الوطني وطبقا للتعاريف السابقة هل يوجد في البلاد تضخم أم لا؟ حتما هناك تضخم جامح فعلى سبيل المثال وللتقريب فقط سيارة الكروزر تويوتا كانت تمول وقودها " بنزين " ممتاز بمبلغ 95 ريالا تقريبا، اليوم التكلفة تزيد عن 125 ريالا، فهل هذا ارتفاع في معدل الأسعار وطبقا للتعاريف الاقتصادية أعلاه فإن 25 % زيادة في أسعار الوقود يعني أن التضخم يساوي ذات النسبة لأن تكلفة النقل العام وتكلفة الديزل المستخدم في الآلات والمعدات الزراعية سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتج الزراعي، وتذاكر السفر بالطائرات سترتفع المواد الغذائية المستوردة سترتفع لأن وقود سيارات النقل سيرتفع وقس على ذلك. (2) حكومتنا الرشيدة بقيادة سمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وآل بيته الكرام عندما وقعت واقعة الأزمة المالية العالمية عام 2008 وكادت أن تحل بالوطن كارثة تشبه كوارث الدول الأخرى إلا أن قيادتنا الشجاعة سرعان ما امتدت يدها الكريمة لإنقاذ البنوك من أي أزمة مالية فغذت البنوك بما قدر بـ 50 مليار ريال في شكل تعويضات للبنوك للتمويلات العقارية المكتملة البناء والتي تواجه مصاعب في السداد نتيجة للازمة المالية العالمية وانخفاض معدلات دخل تلك المشاريع إلى أدنى درجة. السؤال الذي يطرح نفسه من المستفيد الفعلي من وراء ذلك العطاء السخي من الدولة؟ حقا إنها البنوك. الدولة دعمت البنوك لمواجهة أزمة الأسعار العالمية لكن البنوك لم تقدم شيئا لمساعدة المواطنين من أجل الاستمرار في عملية التنمية العقارية أو الصناعية، البنوك حصلت على حقها كاملا من تمويل العقار من قبل الدولة (خمسين مليارا) وما برحت تأخذ حقوقها المرتفعة الفوائد من المالكين لتلك العقارات،في ذات الوقت أثناء صدور قرار دعم البنوك وتنفيذه عام 2009 كان هناك مشاريع أخرى قيد التنفيذ ولكن عند الانتهاء منها واجهت ذات الصعوبات وحتى تاريخه فهل تمتد يد العناية الإلهية وقيادة المصرف" البنك" المركزي لإنقاذ تلك المشاريع المتوسطة من الانهيار ؟ (3) نشرت الصحافة في الأسبوع الماضي أن أحد البنوك حقق أرباحا بما قدر بخمسة مليارات ريال لعام 2010 وارتفع إجمالي الموجودات بما قدر 223 مليار ريال. بنك آخر أعلن أنه حقق صافي أرباح تقدر 559 مليون ريال اللهم لا حسد. الغريب أن هذه البنوك العاملة في الدولة تحقق أرباحا عالية جدا لكنها ليست نتيجة للاستثمار من أجل التنمية وإنما جنت تلك الأرباح من اقتراضات المواطنين إما لشراء سيارة أو بناء بيت أو تعليم أبنائه أو العلاج في الخارج أو الداخل على نفقته الخاصة أو في استثمار قطعة ارض لديه لبناء عقار ليحقق له دخلا يكفيه عن السؤال أو الاستجداء. البنوك أقدمت في الأيام الماضية القريبة بتخفيض سعر الفائدة على الودائع بما يقدر تقريبا 1 % وهذا يخالف عقيدة التنمية إذ أن الواجب يقتضي أن تقوم البنوك بزيادة سعر الفائدة على الودائع لكي تشجع الناس على الادخار، وفي الوقت نفسه تخفض سعر الفائدة على الاقتراض من أجل أن يقدم الناس إلى الاقتراض بهدف التوسع في أنماط الصناعات المختلفة والزراعة وما في حكمها. إن الأمر يقتضي تدخل المصرف " البنك " المركزي من أجل تخفيض أسعار الفائدة على القروض الاستثمارية والعقارية من أجل فتح مجال لتشغيل اليد العاطلة عن العمل والقضاء على البطالة المقنعة السائدة في البلاد، ورفع سعر الفائدة على الودائع من أجل تشجيع الناس للحد من الاستهلاك واللجوء إلى الادخار وذلك بهدف محاربة التضخم. آخر القول: رحمة يا بنوكنا الوطنية بالمواطنين أصحاب الدخول المحددة في أسعار الفوائد على قروضهم، ليبارك الله لكم في أرباحكم.