12 سبتمبر 2025

تسجيل

أيها المدير الجديد.. لو رتعت لرتعوا

04 يناير 2024

وظيفة المسؤول في البيئة العربية تتسم بأنها تشريف ليست تكليفاً، فتجد الكثير من المهنئين يقفون أمام المدير الجديد أو الرئيس الجديد في طوابير طويلة لتهنئته وجهاً لوجه أو عن طريق مواقع التواصل الحديث التي جاءت بكل معنى من معاني التملق الكاذب، ولا ننفي وجود صدق في بعض المشاعر للتهنئة، وذلك لا يكون إلا للقلة التي تمكنت لكفاءتها وليس للصدف القدرية والفئوية والقبلية، لذلك نوجز هنا بعضاً من النصائح للمدير الجديد في عالم الإعمال والوظائف: كن أيها المدير الجديد قدوة حسنة في التزامه بمبادئه في العمل وتنفيذ قراراته وجديته في العمل واحترامه لمواعيده وسلوكياته، وذلك لا يتأتى حتى يكون المدير الجديد في نظر أتباعه بمثابة المنارة التي تدلهم على السلوك القويم والممارسات الفضلى، فإذا وجدوا من مديرهم الجديد رتعا في المخالفات لرتعوا معه، فقد جاء في الأثر عن علي بن أبي طالب أنه قال لعمر بعد تأثره بممارسة بعض الصحابة للأمانة بكل إخلاص: (عففت فعفوا.. ولو رتعت لرتعوا). وأيضا يجب على المدير الجديد أو ممن تكلف المنصب الجديد أن يحترم سابقيه ويعرف فضلهم وسبقهم وألا يبادر إلى نسف مشروعاتهم ومجهوداتهم وتاريخهم، نعم النقد موجود والأخطاء واردة لكن يبقى هناك نوع من الرمزية لمن ذهبوا والأولى القيام بفتح صفحة جديدة لتعديل ما حصل سابقا، وأيضا لاستكمال ما قد أتمه السابقون من إنجازات. وعلى المدير أيضا ألا يستنكف عن الجلوس مع مرؤوسيه ومعرفة طموحاتهم ومشاكلهم والتودد إليهم، فالتواضع سمة الأكابر وكم هو جميل عندما نرى المديرين الجدد يميلون إلى خلق نوع من الود الوظيفي وجسور العلاقات الدافئة المبنية على رسم حدود منطقية للعلاقة وأن تكون مغلفة بالاحترام مما يخلق الولاء المؤسسي لدى الموظفين تجاهك وتجاه المنظمة أو الوزارة أو المؤسسة وبالتالي تزيد إنتاجيتهم مما يحقق الأهداف المرجوة. ومن التعقل أيضا في نصيحتنا إلى المدير الجديد ألا يغلو في تصرفاته وألا يتطرف في ممارساته ولا في طريقة أدائه للعمل، فيفرق بين الحزم المطلوب والغلظة المذمومة وبين التواضع المطلوب والدروشة الوظيفية التي تسقط مكانة المدير من أعين المرؤوسين فيتسلطون عليه. وتذكر أنه من الخطأ أن تعتقد أن الجميع في المؤسسة سيرحبون بقدومك، فليس ذلك بالضرورة أن قدومك سيئ أو سلبي، فمن الموظفين من كان يقتات في العهد السابق ويخشى على نفسه ذهاب تلك المصالح والمنافع، ومن الموظفين أيضا من كان ينعم بإدارة رشيدة محكمة الأفعال ويخشى أن الإدارة الجديدة لا تملك ذلك الحس الإداري الرشيد فتضيع الجهود العامة التي بناها السابقون ويهدمها اللاحقون.. وخذها قاعدة، أنه من الخطأ النظر لمن يريد التقرب إليك أنهم أصحاب مطامع شخصية وأن تتوجس منهم خيفة وأنها سيئة المرامي دائما ومن ثم تأخذ منهم موقفا عدائيا. فهذه دلالة على التسرع في الأحكام التي تناقض الحس الإداري الاحترافي لدى المديرين الفعالين. ولا تتعجل إحداث تغييرات سريعة واتخاذ قرارات عاجلة فور توليك للإدارة دون أن تكون لديك رؤية كاملة لأوضاع المؤسسة. تلك ومضة من النصائح أهديها لك أيها المدير الجديد وتذكر بأن المناصب «لو دامت لغيرك ما وصلت إليك».