12 سبتمبر 2025
تسجيلفي الاسابيع الماضية تناول كل من الدكتور محمد الكبيسي والدكتور ربيعة الكواري شأن المتقاعد وقوانين ولوائح التقاعد، وكلاهما تناول الموضوع بدقة علمية وحجج قانونية ولهما الفضل والثناء في القاء الضوء على السلبيات التي تعج بها لوائح وانظمة التقاعد في البلاد، فلعل هناك من يستمع ويبصر ويسارع في سد الثغرات بطرق ايجابية تعود لصالح ذلك الانسان الذي اعطى البلاد وهو في ريعان العطاء وبجرة قلم احيل الى التقاعد دون ان يؤخذ في الاعتبار ان الدولة في هذه الحقبة التاريخية العصيبة (مرحلة البناء وتثبيت قواعد الاستقلال) تحتاج الى كل جهد قادر على العطاء. تفسير التقاعد عند بعض الدول عند سن معينة، هو لإعطاء فرصة لشباب يتطلع الى دخول سوق العمل وهذا الاسلوب يكون في الدول ذات الكثافة السكانية العالية. التقاعد في كثير من الدول يكون مكافأة وليس عقابا كما في بعض دول الخليج العربية. هيئة التقاعد مشكورة تعمم من حين الى آخر اسماء محلات تجارية تعطي المتقاعد بمجرد ابراز بطاقته التقاعدية تخفيضات على مشترياته، لكنها تخفيضات زهيدة لا تروي عطش المتقاعد ولا تسد رمقه، وهي في الحقيقة اعلان مجاني لذلك المحل التجاري ليس إلا. ❶ في الدول المتقدمة تعطي الدول من تسميهم (سينير ستزن) اي المتقاعدين او ان شئت كبار السن امتيازات رفيعة المستوى، اضرب مثلا، يحق لأي متقاعد في تلك الدول الانتساب الى الاندية الرياضية وما في حكمها برسوم رمزية لا تزيد عن بضعة دولارات او يورو او جنيه استرليني سنويا، له الحق في الانتساب الى الاندية الصحية بالمجان. انها امتيازات لا تعد ولا تحصى بما في ذلك المكتبات العامة ونظام استعارة ميسر دون تأمينات، حق دخول المسرح والسينما بتخفيضات تزيد عن 70 % في كثير من الحالات، جميع خطوط المواصلات البرية والبحرية والجوية وكذلك المتاحف يدفع 50 % من قيمة التذكرة الحقيقية، إعفاء من الضرائب، فلماذا لا تتحقق هذه الامتيازات للمتقاعد القطري والخليجي عامة؟. ❷ أسوق تجربتين حدثتا للكاتب، الاولى في باريس، كنت مشاركا في مؤتمر علمي في جامعة السوربون العام المنصرم، وعند الانتهاء من المؤتمر قررت السفر بواسطة القطار في معية صديق هو الدكتور صباح المختار الذي كان مشاركا في المؤتمر، قال صاحبي انا احمل الجنسية البريطانية ومن حقي تذكرة على القطار من باريس الى لندن بنصف التكلفة، وسألته وماذا عني، اجاب دعنا نذهب الى شباك التذاكر لنرى ما سيحدث، تحدث مع بائع التذاكر باللغة الفرنسية وطلب البائع ابراز بطاقتي الشخصية فقدمت جواز سفري ومنحني تخفيضا 50 % اسوة بصاحبي البريطاني الجنسية لأنه اعتبرني (سينير ستزن) اي من كبار السن. حمدت الله واثنيت عليه فقد وفرت اكثر من 200 يورو العام الماضي. البائع لم يقل انني اجنبي بل عاملني كإنسان كبير السن. تجربة اخرى في مدينة نيويورك الصاخبة، كنت مع الاخوة الدكتور محمد الخليفي عميد كلية القانون بجامعة قطر والدكتور ماجد الأنصاري من ذات الجامعة في مهمة عمل وذهبنا قاصدين واشنطن العاصمة بالقطار، تولى قيادتنا الدكتور الخليفي فذهب الى شباك التذاكر لشراء تذاكر لثلاثتنا الى واشنطن العاصمة، وبعد ان سدد الرسوم المطلوبه لمحني بائع التذاكر بلحيتي البيضاء فاسترجع تذكرتي ومنحني 50 % من قيمة التذكرة دون مساءلتي من اين انا، ومن اي جنس او دولة، وهكذا تمت معاملتي في زياراتنا لمتاحف واشنطن. ❸ في قطر اكرمت هيئة التقاعد منتسبيها بإرشادهم الى محلات تجارية تمنح المتقاعد تخفيضات على مشترياته لكنها في الواقع تعتبر اهانة لحامل بطاقة التقاعد عن تحصيل قيمة مشترياته لضآلة قيمة التخفيضات، «اوريدو» تعطي تخفيضا عن قيمة الاشتراك السنوي بموجب طلب من هيئة التقاعد لكنها لا تشمل المكالمات الهاتفية. اما ام المصائب في هذا الشأن فهي «الخطوط القطرية» والحق انها «الخطوط الاجنبية» لأن المتمتع بامتيازات هذه الخطوط هم غير القطريين على وجه العموم والخاسر الاكبر هو المتقاعد القطري، لأن دخله لا تشمله الزيادة السنوية اسوة بغيره من الموظفين. كثير منا ومن بيننا المتقاعدون يلجأ الى المستشفيات الخاصة للمعالجة لطول قائمة الانتظار في معظم الاحيان في مؤسسة حمد الطبية، لكن هذه المستشفيات الخاصة تكاليفها باهظة الأثمان وخاصة على المتقاعد الذي لا يتلقى زيادة في دخله سنويا كما اشرت اعلاه. ❹ لهذا وسواه، يقترح الكاتب على الجهات المختصة عامة وهيئة التقاعد خاصة منح المتقاعد حق العلاج في المستشفيات الخاصة على حساب الدولة اذا تعذر عليه الحصول على موعد في مؤسسة حمد الطبية وافرعها في زمن معقول، وفي تقدير الكاتب الزمن المعقول لا يزيد عن اسبوع، اما في حالة الطوارئ فلا يجوز انتظار المريض لساعات طوال في الممرات كي يجد سريرا، او يتحمل المتقاعد التكلفة في تلك المصحات بتكاليف رمزية. كذلك اشعار جميع الاندية الصحية والرياضية الخاصة والعامة معاملة المتقاعد معاملة خاصة. اعطاء المتقاعد واسرته غير العاملين حق تخفيضات جوهرية على الخطوط الجوية القطرية تصل الى 50 % من القيمة الحقيقية للتذاكر وليس عن طريق التلاعب في تحديد القيمة كما هو حاصل في الواقع العملي، (ارحمينا يا خطوطنا القطرية). آخر القول: صحيح ان دخل المواطن القطري مرتفع جدا مقارنة بغيره من دول الجوار لكن أسعار السوق تشبه نار جهنم على المواطن والمقيم، فلا يجوز ان تكون تكلفة فنجان من القهوة على سبيل المثال في مكان عام 30 ريالا وكأنك في مقاهي الشانزلزيه في باريس او فيافينتو في روما، على الاقل هناك مناظر قد تستمتع بها، اما عندنا فمناظرنا الترفيهية بالبصر تكاد تكون منعدمة. والحق ان الامر يحتاج الى تدخل سلطة عليا في كبح هذا التضخم الجامح.