13 سبتمبر 2025

تسجيل

جنون العصر

04 يناير 2016

عندما ألتفت من حولي فإني أرى جنوناً في كل شيء وتسابقا نحو الجنون، لا أقولها مبالغة ولكنه واقع تعيشه مجتمعاتنا اليوم وثقافة يتشربها أبناؤنا دون أن نعلم أي جيل سوف تنتجه لنا تلك الثقافة، فعندما أسير في الطرقات وأجلس هنا أو هناك أشاهد رجلاً يتحدث مع نفسه لا يهمه ما يقول ولكن جل همه أن يرسل سناباً حتى لو كان من داخل بيته وفي أقصى درجات خصوصيته، بل بعضهم يجاهر بمعاصيه وآخر يقضي ساعات على تويتر تجده يفتي في كل أمر ويتحدث في كل شأن وينقل معلومات لا يعلم عن مصدرها وصحتها وقد يشتم ويقذف وهو في حياته لم يقرأ كتاباً ولم يبحث عن معلومة، لأنه يريد أن يصبح رقماً صعباً في المتابعين وقبل أن أنام أرجع لهاتفي فأجده قد تكدس بمقاطع المهرجين الذين أصبحوا في ثقافة اليوم مشاهير، بعضهم فصل من وظيفته بسبب تهريجه ونجد منصات إعلامية ورجال مجتمع يصدرونهم ويستضيفونهم كنجوم ومبدعين وأمثلة نجاح تقدم لأجيالنا، فأي حال وأي ثقافة وأي أخلاق نصدرها، فمثل هذه الظواهر ألا تستحق محاربتها ودراستها ومعرفة أسبابها ونتائجها على الفرد والمجتمع.إن جيلا يعيش هذا الضجيج وذاك الجنون يحتاج لأن نحميه، توعية وتثقيفاً، فحرمات البيوت تنتهك وكرامة الناس تهدر وأخلاقهم تندثر وخصوصيتهم تستباح دون وعي أو رادع، بل هناك من يستخدم تلك البرامج للنصب والاحتيال والاستدراج الذي يذهب ضحيته الكثيرون، صغاراً وكباراً، واستغلال أسماء الناس وشخصياتهم.نحن اليوم لسنا ضد التطور ولكننا ضد الانفلات ولسنا ضد التواصل ولكننا ضد الانحلال الأخلاقي والفكري والثقافي والاجتماعي والذي نزرعه بشكل غير مباشر في أذهان أجيالنا دون أن نعلم.إن هذا الجنون أخطر من أن يناقش في مقال ولكننا نحذر من طوفانه الذي يتسلل لعقول أبنائنا وبناتنا وينخر في صميم مجتمعنا وليس لدينا سلاح نحارب به هذا الجنون إلا سلاح الوعي والتثقيف وعلى مدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا المجتمعية أن تعلن حالة التأهب القصوى وتبدأ بتفعيل برامج توعوية تحارب من خلالها هذا الجنون لنحمي مستقبل أجيالنا من التيه وأوقاتهم من العبث وعلينا ألا نستهين من تلك الأجهزة التي نحملها معنا ويحملها أبناؤنا في كل مكان، فهناك من ينام ويصحو على وقع جرس ثقافتها.أيها القارئ أنا وأنت جميعنا مسؤولون عن هذا الجنون والكل مطالب بأن يقوم بدوره وكل واحد منا راع ومسؤول عمن يرعى وقد أكون أنا وأنت نهيم ونشارك في هذا الجنون دون أن نعلم، فهل نحن قادرون على أن نصحو من هذا الجنون أم أنه مرض سيستمر؟.