19 سبتمبر 2025
تسجيلجاء خطاب الرئيس المصري د.محمد مرسي أمام مجلس الشورى ليعيد إحياء فكرة الخيارات ومفترق الطرق الذي تعيشه مصر منذ ثورة يناير 2011 في علاقاتها الخارجية. أيقظ الخطاب مجددا تلك الفكرة التي تلح على العقل بأن الرئيس والدولة تعيش حالة الخيارات التي عاشتها مصر في عام 1952، وأن تلك الخيارات لم تتبلور بعد في الخطاب الرسمي على نحو محدد! الرئيس المصري تحدث عن خيارات السياسة الخارجية فوضع العلاقات مع أوروبا والولايات المتحدة في آخر السطر ودون ذكر اسم الولايات المتحدة. هو حدد الدوائر التي تتحرك السياسة الخارجية المصرية ضمن أولوياتها فذكر الأشقاء العرب أولا، وقال إن مصر اتخذت خطوات جادة لتقوية علاقاتها بالشرق فوضعها في المرتبة الثانية دون أن يحدد ما يقصده بالشرق،هل هو الشرق العربي أم أن الشرق يمتد إلى روسيا والصين والهند واليابان وغيرها أيضا وهو وضع السعي لبناء علاقة إستراتيجية مع إفريقيا خاصة دول حوض النيل في الدائرة الثالثة من اهتمام السياسة الخارجية المصرية لكنه وصفها بالعلاقات الإستراتيجية رغم وضعها في المرتبة الثالثة. بعدها تحدث عن أن مصر ستعزز علاقاتها بالدول الرائدة في أمريكا الجنوبية ووضعها في الدائرة الرابعة فحدد دائرة تتعلق بدول العالم الثالث أو النامي، أما العلاقات مع أوروبا وأمريكا الشمالية فوضعها الرئيس مرسى في آخر سطر دوائر حركة السياسة الخارجية المصرية ودون أن ينطق اسم الولايات المتحدة. تلك لغة جديدة وتحديد أكثر وضوحا لدوائر حركة السياسة الخارجية المصرية بالاختلاف مع لغة ودوائر حركة السياسة الخارجية في زمن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك. وتلك بداية للإفصاح أكثر في مرحلة تالية عن توجهات أكثر تحديدا خاصة وأن الرئيس رفع من سقف الخطاب الوطني فقال بوضوح أن مصر لن تخضع أبداً ولن تركع بفضل الله دون أن يحدد الجهة التي يتحدث عنها أو دون أن يذكر الجهة التي تحاول إخضاع مصر وتركيعها وهو ما طرح تساؤلات لدى البعض عن ما إذا كان الرئيس المصري يرد على ما قاله الرئيس الأمريكي أوباما حين تحدث أن مصر ليست حليفا وأنها ليست عدوا. لكن اللافت أن الرئيس المصري لم يتحدث عن العلاقات الإسلامية لمصر ضمن تلك الدوائر والاتجاهات بما يطرح تساؤلات كثيرة حول ما إذا كان الرئيس يراعي طبيعة التخوفات في الخارج والداخل بشأن توجهات السياسة الخارجية المصرية في ظل أول رئيس قادم للحكم من جماعة الإخوان المسلمين أم أن الرئيس اعتبر أن الدائرة الإسلامية لا تحتاج إلى ذكرها أو توضع في ترتيب جدول الاهتمامات الإستراتيجية. على كل لم يكن الخيار الخارجي هو المطروح وحده في هذا الخطاب بل كانت الديمقراطية وحرية الإعلام محورا من محاور تحديد التوجهات أو إيضاح نوايا وأفكار الرئيس. فهو شدد على الحوار الداخلي أو الحوار الوطني وعلى خيار الديمقراطية بطبيعة الحال لكنه شدد على حرية الإعلام مضيفا حديث آخر حول جماعات المصالح والتمويل الفاسد للإعلام. وهو ما يدفع للحديث عن رسالة مباشرة من الرئيس لوسائل الإعلام تأتي أهميتها من الهجوم الضاري الذي تشنه الفضائيات الخاصة المملوكة لرجال أعمال مصريين على الرئيس والحركة الإسلامية ومن أن هذا التشديد جاء مع بدء تغيير نمط الإشراف الحكومي على الإعلام بعد إقرار الدستور وإلغاء وزارة الإعلام وتشكيل مفوضية للصحافة وأخرى للإعلام. الرئيس مال إلى البدء في تحديد الخيارات بعد مرحلة لم يكن واضحا فيها توجهات الدولة المصرية في مختلف المجالات وهي حالة تذكرنا بالخيارات التي وضعت فيها مصر بعد عام 1952 حين حدث التغيير في رأس هرم السلطة وجرى التحول رويدا رويدا على صعيد وضوح دوائر السياسات الخارجية والداخلية. وفي ذلك بدا لافتا حديث الرئيس عن أن امن مصر لا يقف عند حدودها وهو ما يفتح الطريق لإعادة تعريف الأمن القومي المصري أو لإعادته مجددا لدوائر أوسع من تلك التي وصل إليها نظام مبارك في تراجعاته المتواصلة.