11 ديسمبر 2025

تسجيل

في رحاب جامعة كامبريدج العريقة

04 يناير 2011

بعد أن انتهت أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية وبعد أن انتهت حلقاتنا الفكرية التي عقدت في رحاب " مجلة الآداب والفنون " التي أشر ت إليها في هذه الزاوية في الأيام الماضية، قمت بزيارة جامعة كيبرج التي كانت محطتي الأولى لطلب العلم في تلك المدينة خارج العالم العربي في أواخر ستينيات القرن الماضي. رحت أسير في شوارعها ففي كل زاوية من زواياها لي ذكريات، مقاهيها ومطاعمها ومكتباتها المنتشرة في كل زاوية، رحت أتنقل بين كليات تلك الجامعة، مساكن الطلاب وقاعات المحاضرات، زرت مدرستي الأولى في تلك المدينة وزرت أساتذتي الذين ما برحوا يدرسون فيها وآخرون أثروا الحياة خارج سلك التعليم، زرت كليتي " كيبرج بولي تكنك " ولم أجد ممن أعرف ومن الذين تعلمت على أيدهم في تلك الكلية التي كبرت واتسعت في حاضر الأيام، قمت بزيارة كلية الدراسات الشرقية علي أجد من أعرف من أساتذتها وأتعرف على الجديد في مكتبتها التي تضم وثائق ومراجع نادرة عن عالمنا العربي. في كلية الدراسات الشرقية في جامعة كيبرج عرفت المستشرق الكبير البرفوسور أربري، وقد انتقل إلى الدار الآخرة، ذلك المستشرق الكبير تتلمذ على يده الكثير من طلاب الدراسات العليا من العرب في الدراسات الشرقية أذكر منهم الصديق العزيز الدكتور حسن نعمة، لكني وجدت مكتبه في الكلية مابرح اسمه على بابه وطاولة مكتبه لم يتغير مكانها رغم وجود عضو هيئة تدريس آخر يشارك الراحل في المكتب بعد الوفاة، وعرفت البرفسور بودول، وسارجنت وغيرهم من دهاة المتخصصين في دراسات الشرق الأوسط، منهم من فارق الحياة ومن هم على مشارف الرحيل. في هذه المدينة الجامعية العريقة تعرفت على شخصيات عربية وأجنبية وربطتني بهم علاقات صداقة ما برحت قائمة رغم مرور الزمن ووصول بعض تلك الشخصيات إلى أرقى الدرجات البعض منهم أصبح رئيس دولة، سمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، والبعض تقلب في وظائف عليا مرموقة أذكر منهم أستاذ الأدب العربي الدكتور حسام الخطيب والذي أصبح نائبا لوزير التعليم العالي في دمشق، ثم أستاذا للأدب العربي في جامعة قطر، والشريف الدكتور راشد الراجح الذي أصبح رئسا لجامعة أم القرى في المملكة السعودية ثم أصبح أحد أعضاء هيئة كبار العلماء في المملكة، والدكتور عبد الله النفيسي، إلى جانب شخصيات أخرى من خارج العالم العربي، إنها مدينة خلابة من عاش فيها لبعض الوقت وحب العلم وقاعاته ومكتباته لن تنمحي من ذاكرته مهما طال الزمن. (2) بعد هذه الجولة في مرابع الصبا انتقلت إلى " مبنى نادي طلبة الدراسات العليا " فوجدته كعادته مملوءا بطلاب من جنسيات مختلفة وفي تخصصات مختلفة تعرفت على بعض الطلاب العرب الذين يدرسون في الجامعة واقترح أحدهم أن التقي مع من يستطيع الحضور لندوة مفتوحة تغلب عليها المناقشة العامة في هموم الشرق الأوسط وليس المحاضرة وفعلا اجتمع ما يزيد على العشرين طالبا وطالبة بعضهم من العرب والبعض الآخر من طلاب الدراسات الشرق الأوسط غير العرب والمتخصصين في تاريخ الشرق الأوسط أو الأدب العربي والعلوم السياسية، كان الموضوع الأول يدور حول التوقعات المستقبلية في المملكة العربية السعودية قلت: لا شك أن هناك مشكلة إلا أن الأسرة الحاكمة هناك قادرة على إدارة المشكل القائم دون خلل وأن خطوات السلم الإداري محسومة في خطواته الثلاث فإذا غيب القدر الملك عبد الله بعد عمر طويل فإن خلفه معروف، وإذا امتدت يد القدر إلى خلفه وهو قريب من عمر أخيه الملك عبد الله ويواجه نفس الأعراض التي يعيشها الملك فإن الدرجة الثالثة جاهزة لتولي القيادة، لكن هناك جيلا آخر صاعدا وفي عز الشباب يتولى قيادات تنفيذية في الجيش والحرس الوطني والأمن والمخابرات العامة، هذا الجيل يحتاج إلى حكمة الشيوخ فكيف يمكن التزاوج بين الجيلين تلك هي المشكلة التي تحتاج إلى إمعان النظر في شأنها. المسألة الثانية كانت الخليج العربي والتركيبة السكانية والتسلح النووي الإيراني وضياع العراق بين الطائفية والعرقية والهيمنة الأجنبية، واليمن يواجه أعاصير سياسية لا يعلم عنفوانها المستقبلي إلا الله. حقا يواجه الخليج العربي ندرة سكانية، وصناع القرار يعلمون ذلك لكنهم لم يتخذوا قرارا بترجيح الوجود العربي عما عداه في الخليج، ولم يدركوا خطورة سيادة اللغة الأجنبية في التعليم العام والجامعي على اللغة القومية أعني العربية وكذلك خطورتها على ضياع الهوية والانتماء الوطني العربي، أما ما يتعلق بنوايا وخطط إيران لاكتساب سلاح الردع النووي فهذا حقها أن تتسلح، لكن العرب لن يستطيعوا منع إيران من دخول نادي الدول النووية، وفي الوقت نفسه لن يسمح لهم بالتسلح أو صناعة سلاحهم بأنفسهم لأن الغرب يريدوننا سوقا لإنتاجهم العسكري وسيبقى الحال على ما هو عليه حتى تمتلك دول مجلس التعاون الإرادة السياسية لدخول نادي صناعة السلاح وهم قادرون على ذلك. في نهاية الحديث قلت: عالمنا العربي في عام 2011 سيشهد زلازل سياسية مخيفة وحروبا طائفية وعرقية وقبلية، حركات انفصالية مدعومة من الخارج ستعصف ببعض الأقطار العربية، اعترف بأني لست من العرافين أو أصحاب علم الفلك لكني أرصد الأحداث وأتابع سير الأزمات في هذا الشرق المخيف. آخر القول: اللهم احم أمتنا العربية من كل شر، واحم أوطاننا من التفكيك والتجزئة إنك على كل شيء قدير.