14 سبتمبر 2025

تسجيل

أنماط سلوك الأطفال ومسئولية الآباء

03 ديسمبر 2015

كنا قد تناولنا فى مقالاتنا السابقة كيف أن الأطفال يميلون للتقليد بالفطرة وهو الأمر الذى قد يترتب عليه سمات شخصياتهم المستقبلية .. ولا شك فى أن جانبا كبيرا من هذه السمات الشخصية يتوقف على النشأة والتربية .. وقبل أن نتناول الأمر بالتفصيل يجب أن نفرق بين النشأة والتربية . - النشأة يمكن تعريفها بالمكان الذى يولد فيه الإنسان وينمو ويعيش فيه مراحل عمره الأولى والمتمثلة فى مرحلة الطفولة ثم المراهقة .. وغالبا ما يتأثر المرء بالجو النفسى الذى يعيش فيه وبالعادات والتقاليد السائدة فى هذه البيئة . - أما التربية فتعتمد بالدرجة الأولى على ما يكتسبه الإنسان من والديه فى مراحل عمره الأولى من التوجهات والأساليب التى يتبعونها مثل الترغيب والترهيب وأيضا المكافأة والعقاب أو كلاهما .. ثم المدرسة التى يتأثر بها الإنسان لخروجه من البيئة المحدودة فى منزله والإختلاط بأطفال آخرين من بيئات عديدة ومتباينة .. وهنا يجدر بنا أن نشير إلى حقيقة علمية ثابتة أجمع عليها علماء التربية وعلم النفس وهى أن الطفل لا يقلد من هم أكبر منه فحسب ولكنه يقلد من هم فى مثل سنه أيضا .. ولا يمكننا فى هذا الصدد أن نغفل دور المدرسين والمدرسات والذى لا يختلف كثيرا عن دور الوالدين وهم أكثر الناس – بعد الوالدين – تأثيرا فى الأطفال وبالتالى يقوم أى طفل بتقليد من يدرسونه .. وسنتناول ذلك لاحقا . وإذا أردنا تحديد مسئولية أنماط سلوك الأطفال فيجب علينا أن نأخذ فى الإعتبار وجهة نظر الدكتور محمد يوسف أبو زيد أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس والتى يذكر فيها أن نمط السلوك يعتمد أساسا على عدة محاور منها الجينات الوراثية التى يولد بها الإنسان وتحدد سمات شخصيته وهى تحمل أيضا نسبة الذكاء الإجتماعى والأكاديمى التى تميزه عن غيره .. ونحن نتفق مع هذه النظرية إلى جانب المحاور الأخرى التى تناولناها والمتمثلة فى النشأة والتربية والتى يجب أن يراعى فيها النقاط التالية : - يجب أن يدرك الكبار ( الوالدان والمعلمون ومن فى حكمهم من أعمام وأخوال .. إلخ ) أن الطفل يرى أن تصرفاتهم هى الصحيحة وهى القمة فى الكمال وأنه بالتالى لابد وأن يسير على نهجهما . - لابد أن يحرص الأباء ( وبالتالى المدرسون ) على توفير القدوة الصالحة من خصال الخير والفضيلة والأخلاق الكريمة . - من الأهمية بمكان الحرص على عدم وجود تناقض بين الكلام والعمل وما يؤمر به الطفل . ويجب أن يفطن كل أب وكل أم إلى أن الطفل لا يقلد الكبار فحسب ولكنه يقلد أيضا من هم فى مثل سنه كما أسلفنا وتأسيسا على ذلك المفهوم يجب على الوالدين التدقيق فى إختيار الأصدقاء .. وبالنسبة للزملاء فى المدرسة فمن المعروف أن طلابها يكونون من بيئات مختلفة وأن سلوكياتهم تكون متباينة .. وأن الطفل وخاصة فى مراحل الدراسة الأولى يظن أن كل طفل زميل له فى المدرسة هو بالتالى صديقا له .. وهنا مكمن الخطورة ويجب تصحيح ذلك المفهوم وأنه ليس كل زميل صديق وتعريفه مفهوم الصداقة . وأخيرا فإننى أضع أمام القراء الأعزاء مقولة الإمام على بن أبى طالب " لا تربوا أولادكم على ما نشأتم عليه فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم " .. وهذا معناه أن كل جيل يختلف عن سابقه .. وبالتالى فإن ذلك يعنى أن هذا الجيل نشأ فى زمان غير زماننا .. زمان أسرع نمطا وأكثر تطورا .. ومن الأفضل أن نترك لهم مساحة أوسع من الإختيار مع عدم الجمود على ما كان عليه الآباء وفى ذات الوقت نلقنهم الأخلاق والأعراف الصحيحة .. وفق الله الآباء والمعلمين فى رسالتهم وحفظ الله الأبناء . وإلى موضوع جديد ومقال قادم بحول الله .