12 سبتمبر 2025

تسجيل

المرأة العاملة

03 ديسمبر 2014

مما لا شك فيه أن المرأة لها شأن عظيم في كل المجتمعات بما في ذلك المجتمع المصري.. والمرأة هي الزوجة والأم.. وهى – إلى جانب الرجل – عماد الأسرة.. وتلعب دورا محوريا في سعادة واستقرار المجتمعات.. إذا ما كانت صالحة ومثقفة.. وكما قال الشاعر العظيم حافظ إبراهيم في قصيدته الرائعة بعنوان " العلم والأخلاق ": الأم مدرسة إذا أعددتها.. أعددت شعبا طيب الأعراق وكل إنسان عاقل لابد أن يتفق مع شاعرنا العظيم فيما ذهب إليه.. ولا شك أيضا أن المرأة المصرية لم تكن تحيا في ظروف مماثلة للحياة في الوقت الراهن.. كانت زوجة وأما وتتمتع بهذا القدر الكبير من الأهمية وهى لم تخرج بعد إلى ميدان العمل.. فما بالك وهى تعمل الآن في كافة مجالات الحياة.. وتشارك الرجل دون تمييز.. ومن بين النساء الآن الوزيرة.. والقاضية.. فضلا عن الأعمال التي تميزت فيها في السنوات الأخيرة.. مثل الطب والتمريض والتدريس والصحافة والإعلام وغيرها من المجالات.. يعنى لم تعد الأم أبداً " أمينة ".. كما كانت في ثلاثية " نجيب محفوظ " القابعة في منزلها.. والتي لا ترى المجتمع إلا من خلال خصاص النافذة.. ولا تعرف عن المجتمع شيئا غير ما يخبرها به " سي السيد ".. وغني عن القول أنها مرت برحلة كفاح حتى انتزعت لنفسها حق احتلال مكانها الطبيعى إلى جانب الرجل.. وغنى عن القول أنها كانت رحلة طويلة ومضنية. المرأة إذاً هي نصف المجتمع كما في كل المجتمعات المتقدمة.. ولكن أيهما أكثر سعادة.. " أمينة محفوظ ".. أم السيدات العاملات في الوقت الراهن؟ هذا نصف السؤال فقط أما النصف الآخر فهو.. أى المجتمعات أكثر سعادة.. مجتمع الأمس أم مجتمع اليوم؟ يعنى ما مدى تأثير خروج المرأة للعمل على أطفالها وزوجها.. بل وعليها هي نفسها؟ الإجابة ليست سهلة أو بسيطة.. وفي الوقت نفسه لا يمكن الوصول إلى إجابة يمكن تعميمها على الجميع.. ولكن الشئ الحتمي والمؤكد هو أن كل شيء وله ثمن.. وهذه المكتسبات العظيمة التي حصلت عليها سيدة اليوم لابد أن يقابلها تأثيرات – هي في الغالب سلبية – عليها وعلى أسرتها.. كيف؟ دعونا نتناقش بهدوء.. مع اعترافنا الكامل بداية أننا نقر بفضل المرأة.. سواء كانت تعمل في أي مجال.. أو كانت ربة منزل.. فهى نصف المجتمع.. وهى الأم والابنة والزوجة والأخت.. وفي جميع الأحوال لها مكانتها العظيمة في نفوسنا. خرجنا إلى الميدان لنستطلع الآراء على أرض الواقع.. فماذا قالت حواء وما هو رأى الرجل؟ السيدات أولا.. ما رأيهن: تقول السيدة منار عزت – أخصائية مكتبات – بأنها تقوم بكل ما كانت تفعله جدتها " أمينة " مضافا إليه قيامها بتوصيل الأبناء إلى المدارس ومساعدتهم في المذاكرة وحل الواجبات بالإضافة إلى عملها والذي يتطلب الكثير من التركيز والانتباه.. وأنها تفعل كل هذا بكفاءة دون تقصير وإن كان هذا على حساب راحتها الشخصية. وتتفق معها السيدة نسرين فؤاد درويش – أخصائية كمبيوتر ومسؤولة النشر في إحدى المجلات – فيما ذهبت إليه.. وأن السيدة العاملة تتحمل كل هذه المسؤوليات خصما من رصيد راحتها الشخصية.. ولكن فرحتها بنجاح الأبناء وتفوقهم لا يعادله شيء آخر..ولكنها تعترف بأنها تشعر بالذنب إذا اضطرتها ظروف مرض أحد الأبناء إلى التغيب عن العمل.. ولا تنكر أن ذلك يكون سببا في ارتباك في العمل.. وأحيانا يكون مدعاة لغضب الرؤساء في العمل. أما المهندسة أميره مصطفى فتقول أن الزوجة والأم العاملة تكون دائما بين نارين.. فهي مضطرة للاستعانة بمربية أطفال وهى لا تأمن عليهم من المكتسبات الخاطئة.. أو إيداعهم في إحدى دور الحضانة.. يعنى أن عملها يكون دوما على حساب الأطفال. وتؤكد الدادة إيمان – عاملة نظافة بإحدى المدارس – أنه لولا حاجتها للمرتب لما خرجت للعمل.. لأن بيتها أولى بها على حد قولها.. ولأنها تتحمل الكثير في العمل وتعود آخر اليوم غاية في الإجهاد.. ولا يمكنها أخذ قسط من الراحة لاضطرارها لمواصلة تحمل أعبائها المنزلية. وتضيف إحدى السيدات – رفضت ذكر اسمها – أنها تعمل بالتدريس وتتحمل في سبيل ذلك مالا يطيقه بشر.. فهي تستيقظ قبيل الفجر.. وتعمل كالنحلة حتى منتصف الليل.. وتقول بصراحة أنها فقدت الكثير من أنوثتها.. وأن الحياة لا ترحم حسب رؤيتها للأمر.. ولكنها لن تيأس وستواصل الكفاح إلى جوار زوجها حتى يمكنهما مواجهه أعباء الحياة. فماذا يقول الأزواج.. محمد على – محاسب بإحدى الشركات الخاصة – يرى أننا نعيش في عصر مختلف وأن خروج المرأة للعمل أصبح أمرا حتميا لمساندة الرجل ومساعدته في أعباء الحياة.. وأضاف أن زوجته تتعاون معه حسب ما اتفقا عليه منذ خطبتهما وأن أي مورد مالي يُجمع على الآخر ويتم الصرف أو الادخار وفق متطلبات الحياة.. وعما إذا كان يجد غضاضة في مساعدة زوجته ماليا أجاب بالنفي.. بل اعتبر ذلك مصدر فخر له. أما سمير زخارى – مرشد سياحى – فيتفق مع ما ذهب إليه المحاسب محمد على.. ويزيد بأن الرجل هو المسؤول عن الإنفاق.. ولا بأس أن تعاونه زوجته طالما أنها قادرة على ذلك.. وأضاف أنه بعد مرور عدة سنوات قد لا تتمكن الزوجة من الاستمرار في العمل فيجب أن يكون الزوج مستعدا لذلك وأن يتقبل الأمر بصدر رحب. م.م. – مدرس لغة عربية – يرفض عمل المرأة تماما لأن مكانها الطبيعي هو المنزل وخدمة الزوج ورعاية الأبناء وأن كل إنسان مُيسًر لما خُلق له.. وواجب الزوج أن يلبى كافة متطلبات الأسرة المادية.. ورداً على مقولة أن المرأة الريفية تعمل في الحقل إلى جوار زوجها.. بل حتى إن المرأة البدوية كانت ترعى الأغنام في البادية.. وكانت امرأة منتجة يقول الأستاذ م. م. أنه غير ملزم بالسير على هذا النهج لأن الحياة الحديثة مختلفة ومليئة بالمفاسد والشرور مما يجعله مصراً على أن مجال المرأة الأمثل هو المنزل.. كما وأن هذا يتيح فرص عمل أوسع أمام العاطلين من الشباب. أما محسن س.- ضابط شرطة – فكان رده ساخرا.. لقد تزوج من فتاة من خريجات كليات القمة.. وهى تعمل منذ تخرجها وراتبها لا يكفيها للصرف على مظهرها.. بل إنها تطالبه بمصروف شخصي تعتبره حقا مكتسبا لها.. ويسأل.. لماذا العمل إذاً؟ ويكمل بسخرية.. الصيت ولا الغنى كما قال من سبقونا في الأمثال. وحتى تكتمل الدائرة توجهنا بالسؤال إلى الشيخ أحمد السمنودي من علماء الأزهر الشريف الذي أكد أن الإسلام دين سماحة ويصلح لكل الأزمنة وكل المجتمعات وأنه لا يجد غضاضة في عمل المرأة طالما أن هذا العمل يحفظ لها كرامتها ويجب أن يكون عملها بموافقة الزوج.. أما عن مساعدة الزوجة ماديا فيرى أن ذلك جائز على أن يكون هذا بكامل إرادتها حيث إن الإسلام جاء بمبدأ واضح وهو فصل الذمة المالية لكلا الزوجين ولا يجوز للزوج أن يجبر زوجته على المساهمة المادية.. ويرى في النهاية أن الزواج شركة تتطلب التعاون من كافة الجوانب وليس الجانب المادي فقط. والآن عزيزى القارئ.. عزيزتى القارئة.. فقد طرحنا القضية للمناقشة ونحن على استعداد لتلقي آرائكم أو تجاربكم الشخصية.. وسنطرح بدورنا جميع الآراء للمناقشة دون تحيز منا لجانب على حساب الآخر بغية الوصول إلى ما فيه الخير للجميع. وإلى قضية أخرى بحول الله.