10 سبتمبر 2025

تسجيل

تجاوَز

03 نوفمبر 2022

ليس مقالاً مرورياً ولا هي مفردةٌ اعتبرها مدخلاً لسطور تتحدث عن قيادة المركبات في الشوارع، فهذا الأمر يعود لذوي الاختصاص اكثر، وإذا كان تجاوز السيارات أثناء القيادة يعتبر من الأمور التي تستوجب أخذ الحيطة والحذر عند ممارستها حيث ينبغي عدم تجاوز السيارات الأخرى إلا بوجود ضرورة مُلحّة تستدعي ذلك، فبلا شك الأمر ذاته ينطبق على حياتنا اليومية وتعاملاتنا الحياتية. ففي محيطنا نتجاوز لأجلنا وقد يكون ايضاً هذا التجاوز سلاحاً ذا حدين ولكن يبقى أفضل شعور، فعلية ان تتجاوز الظنون، والمشاعر، وتتجاوز الفترات والمواقِف، وحتى تتجاوز الأشخاص، أشخاص كانوا بيوم كل شيء بالنسبة لك، ولكنك تجاوزتهم كأعمدة إنارة منطفئة بنهار مضيء، شعور مُريح ومُطمئن. فالأزمات تُعرف لدى الكثيرين على أنها المحك الحقيقي لمعرفة معادن الناس، ولكنها بحسب آخرين الواقع الذي نعيشه بشكل يومي في حياتنا، ورغم أن البعض يعتبرها بمثابة الاصطدام الاضطراري في محيط العمل والبيت وأحيانا في الشارع والذي نعيش بعده حالة من الذهول نحاول خلاله إيجاد حل سريع يخرجنا من عنق الزجاجة، وغالبا ما تكون هذه الأزمة سواء كانت مالية أو أسرية أو إدارية هي تجربة تجعلنا أقوى في المرات القادمة، وقد تصبح نقطة تحول بحياتنا تجنبنا تكرارها بعد أن نكون قد جنينا جيدا فوائد التجربة واستخلصنا عبرها، فمن هنا تبدأ عملية التجاوز لما يؤذي النفس ويحول سكينتها المنشودة لإعصار من تراكمات قد لا تهدأ مع مرور الوقت، ولأن الحياة لن تعتذر لك أبداً، تعلم أن تتجاوز ثم تعلم ان تتعامل بالتغافل التام والتجاوز الكامل، مع كل تلك المواقف التي كانت تستحق منك الشراسة". ‏قديماً وحتى يومنا هذا كان الحديث عن المشاعر هو للضعفاء والنساء والأطفال، بينما هو جزء رئيس من الصحة النفسية للإنسان فمن أساء التعامل معها ساءت حالته النفسية رغم تظاهره بالقوة والكمال حتى ينهار فمن منا لم يتأثر بتصرفات أو كلمات الآخرين مثلاً، وبكل الأحوال قد تخلف تلك الجروح في داخلك مشاعر دائمة بالغضب أو المرارة أو حتى الانتقام، والبعض في هذه الحاله يذهب نحو التجاوز وهناك من يتخذ من التسامح سبيلاً، وان كان معنى التسامح يختلف عند الكثير من الأشخاص ورغم ذلك عادة ما يشمل معنى التسامح اتخاذ قرار بالتغاضي عن الشعور بالاستياء والتخلي عن الأفكار الانتقامية، فالفعل الذي سبب لك الشعور بالجرح أو الإهانة ربما يرافقك طوال الوقت ولكن التسامح من الممكن أن يقلل من سيطرة ذلك الشعور على نفسك ويساعدك على التحرر من القيود النفسية التي يفرضها الشخص الذي أساء إليك والتسامح من الممكن أن يؤدي حقا للشعور بتفهم موقف من تسبب في جرح مشاعرك واستيعاب مشاعره والتعاطف معه وليس من التسامح أن تنسى الضرر الذي تعرضت له أو تتجاوز عنه أو أن تسعى لإصلاح ما فسد في علاقتك مع من تسبب في جرح مشاعرك بل إن التسامح يجلب لك انت الشعور بالراحة التي تساعدك على الاستمرار في الحياة، اذاً فالتسامح لأجلك انت شخصيا. ففي كل مره يظل الإنسان يتجاوز ويعبُر ويجدف بذراعيه في شراعه الصغير وسط محيط الحياة الواسع ويتخطَّاه بقوة إيمانه ويقينه بأن صورة الغد سوف تكون أوضح وأفضل رغم كل الصعاب والعقبات التي مر بها وتجاوزها، فالحياة لا تستمر إلا بالتجاوزات. قد تتعقد أو تصعب الحياة أحيانًا وتتركنا في مفترق طرق لا نعرف فيه ما هي الخطوة التالية التي علينا أن نأخذها، سواء كانت مشكلة مادية أو موت أحد الأقربين أو طلاق او خسارة ما، وليس من السهل أن تتبين دائما الخطوة القادمة التي عليك أن تتحرك تجاهها، لكن هناك بعض الخطوات التي يمكن أن تفعلها لكي تقلل من توترك حتى لو سارت الحياة في مسارات غير متوقعة. اذاً لتبدأ التجاوز عليك ان تتحدث مع نفسك وللحديث اسلوب فما هو أسلوبك بالتحدث مع نفسك؟ هل هو حاد ام لطيف، تذكر انك تبحث عن اللطف في حديثك مع الآخرين ولكن نفسك احق بهذا اللطف قبل الجميع، وربما تكون قد تلقيت عدة نصائح تريدك أن تكون أكثر لطفا مع نفسك كون الصوت الذي بداخلك يحمل التأثير الأكبر عليك والأقدر على معرفة نقاط ضعفك، وعلى الرغم من أن هذا الكلام يحمل الكثير من الصحة كوننا بالفعل نحتاج لأن نسمع أحاديث تشجعنا ولا تكون دائمة الانتقاد لنا، ولكن في نفس الوقت فإن الإنسان في بعض الأحيان يحتاج لتلك القسوة التي يسمعها من داخله والتي يمكن أن توقظه وتسمح له برؤية أخطائه الأمر الذي يسمح له بمعالجتها أو على الأقل بعدم ارتكابها مرة أخرى. ولكن علينا هنا أن نتذكر أن هناك خط رفيع يفصل بين النصيحة القاسية وبين القسوة نفسها، لذا عليك ألا تكون قاسيا مع نفسك وإنما اجعل قسوتك إيجابية ومحملة بالنصائح البناءة. عليك اذاً أن توجه لنفسك كلمةٌ مفادها (انا لا أتناسى، أنا من أصحاب التجاوز فلا يترجل، الألم عن مكانته بالنسيان.. إنما بالإزاحة ولا مجال لأنصاف الحلول هنا). ‏وأصدق القول ان من ليس بمقدوره الصبر على الألم فيروج لفُتات الحلول. السؤال: ما الأشياء التي تهمك في الحياة؟ يجب على المرء أن يحدد الأشياء المهمة له في هذه الحياة وأن يتصرف بطريقة تظهر هذه الأهمية له. فعندما يبدي اهتمامه بالأشياء التي تهمه فسيشعر بالقوة والدافعية التي تجعله ينظر للحياة من زوايا أخرى تمنحه الأمل بتجاوز عقباته. ومن الأشياء التي غالبا ما يتحدث الناس عن أهميتها لهم العائلة والأصدقاء والصحة والمال. ولكن ترى هل نقوم بما يظهر أهميتها بالنسبة لنا؟ فجميعنا نقول بأننا نهتم بصحتنا، ولكن هل نقوم بتناول الطعام الصحي؟ هل نمارس الرياضة بانتظام؟ نقول بأننا نهتم بالعائلة فهل سبق وأن أخبرنا عائلتنا بحبنا لهم؟ هل نترك مشاغلنا في حال احتاج أحد أفراد عائلتنا للمساعدة بأمر، هنا تتفاوت ردود الأفعال باختلاف المتلقين فنحن لا نمر بالتجارب ذاتها لذا لسنا بالصلابة ذاتها، ولا يملك جميعنا الحكمة الكافية لتحجيم المشاكل فقد ينهار أحدنا أمام المواجهة الأولى ولا تقوم له قائمة بعدها، بينما تزداد صلابة آخر بعد كل نزال يخرج منه رابحا كان أو مهزوما، بعض المشكلات نلج عبرها إلى حزن سحيق ولا نقوى الفكاك منه حتى نرد على مراحل الحزن الخمس: النكران، الغضب، المساومة، الاكتئاب، ثم القبول. وبعد القبول يأتي التجاوز، وقد لا نتجاوز، وتعيش بنا الغصة ما حيينا. وأعود لمفردة بدأت بها مقالي، ضعها نصب عينيك وتذكر ان التجاوز يشمل افكاراً، احداثاً، اشخاصا واماكن ايضاً. وفي النهاية، فى كل محنة منحة، فالمحن تعيد تشكيل شخصية الإنسان من جديد، وتجعله يكتشف فى نفسه قدرات وإمكانيات، ما كان ليعرفها، لولا الظروف القاسية التى مر بها، وحولته من شخصية هشة إلى شخصية أكثر صلابة وقدرة على التحمل. أخيراً: هل تستطيع أن تتجاوز؟