11 سبتمبر 2025

تسجيل

حمــى اللــه الســـودان وأهلــه

03 نوفمبر 2021

وكنا نظن أنه يمكننا أن نطوي صفحة السودان العزيز على قلوبنا جميعا، بعد أن تشكل المجلس الانتقالي الذي أعقب الانقلاب على الرئيس السابق عمر البشير، القابع اليوم في سجن خاص بتهم تتعلق بالفساد وسوء إدارة السلطة، ولكن يأبى كل انقلاب إلا أن يأتي بانقلاب آخر في سلسلة لا يبدو أن هذا البلد سيخرج منها دون خسائر، رغم الوساطات التي تقودها الأمم المتحدة ودول إفريقية حاليا للملمة الفوضى التي حدثت بعد انقلاب قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان على رئاسة الحكومة الانتقالية ورئيس وزرائها عبدالله حمدوك في 25 أكتوبر الماضي انتقل الأخير بعده قيد الإقامة الجبرية في منزله تحت دعوى الحفاظ على سلامته، رغم ترشيحه فعلا لرئاسة أي حكومة انتقالية جديدة يضعها الجيش كما قال البرهان في مقابلة متلفزة مع وكالة (سبونتيك) الروسية بأنه شخصيا لم يستسغ كلمة انقلابه على السلطة بهذا المسمى، وإنما وصفه بتصحيح مسار المجلس السيادي الذي وصفه بأنه لم يحقق شيئا من المتفق عليه وكان فيه خلل كبير حيث عجزت الأحزاب المكونة للائتلاف في التوافق على أي من موضوعات الساعة وفشلت في التوافق حتى على احتواء القوى السياسية وعلى قيام المجلس التشريعي وقيام حكام الولايات وأنه توقع جيدا أن يقوم الإعلام الذي وصفه بأنه غير دقيق وغير أمين وغير صادق، باعتبار ما قام به من خطوة تصحيحية لمسار الخطة السياسية للبلد هو انقلاب واستيلاء شخصي على السلطة مما أثار ردود أفعال دولية غاضبة على خطوته التي قادها بمساعدة الجيش، وهو أكبر سلطة تملك القوة والنفوذ لبسط أي سياسة جديدة سواء على الشعب أو حتى الحكومة مثمنا في الوقت نفسه موقف روسيا المساند لخطواته التي اتخذها وأنه على اتصال مستمر مع السفير الروسي في بلاده حول إنشاء قاعدة بحرية روسية وأنه ملتزم باسم السودان على تنفيذ كافة الاتفاقيات الدولية أو حتى الثنائية حتى النهاية. أنا هنا لست في الخلاف الحاصل حاليا بين البرهان وحمدوك وهما اللذان قادا الانقلاب الأكبر في الإطاحة بعصا البشير الرئاسية التي لطالما كان يلوح بها في الأفق إبان المظاهرات التي كانت تخرج على شكل مجموعات شعبية منظمة والمطالبة بإسقاط نظامه الممتد منذ أكثر من ثلاثين عاما، ونجحت أخيرا في انتزاعه من سدة الحكم بقوة الجيش الذي اصطف يوما بجانب رغبة الشعب فهما في الأخير يبدوان شريكين جيدين في ترؤس البلاد وتبدو مصالحهما واحدة وإن افترقت وتفرعت طرقهما في أواخر أكتوبر الماضي. لكني بصدد العبارة الكبيرة المتمثلة اليوم في طرقات وأرصفة شوارع السودان العظيمة حجما ومساحة وثقلا وشعبا وهي عبارة (مدنية مدنية) التي تضج بها هذه الشوارع وتنطلق بقوة من ألسنة السودانيين الذين يرون أن القضاء على حكم العسكر الذي كان يمثله البشير وارتقاء عسكر آخرين لمجلس سيادي وعد في بداية إسقاط البشير بفترة انتقالية تمتد لثلاث سنوات أو أقل قبل أن يسلم هذا المجلس تفويض استلام السلطة لحكومة مدنية ينتخبها ويختارها الشعب عبر عمليات الاقتراع والتصويت، ولكن هذا الشعب الذي هدأ في البداية لم يمهله قادة الانقلاب فرصة لإظهار حسن النوايا ولكن انقلب الانقلابيون على أنفسهم من مجموعة العسكر أنفسهم، ولذا كانت عبارة "مدنية مدنية" هي السائدة اليوم لأن الشعب السوداني موقن بأن هذا البلد يجب أن يخرج من جلباب العسكر للملابس الرسمية لمجلس مدني كامل وعملية انتخاب كاملة يتصدر فيها المرشحون من خارج الجوقة العسكرية ونزولا عند رغبة الشعب الذي لربما اليوم يعود للمربع الأول حينما أسقط البشير بكثير من الضحايا بعد أن ظهر اليوم ضحايا لانقلاب البرهان الأخير، وكأن التاريخ يعيد نفسه في فترة قريبة تعد مؤلمة لهذا الشعب الذي ندعو الله أن يحفظه ويرعاه ويحقن دماءه ويحمي مقدراته من كل من أراد به وبأرضه شرا أيا كان وممن كان وفي أي وقت كان!. [email protected] ‏@ebtesam777