14 سبتمبر 2025
تسجيلقال الله تعالى: (إنه ظن أن لن يحور) أي: لن يرجع، والمحاورة: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة. فالحوار هو: محادثة بين شخصين أو فريقين، حول موضوع محدد، لكل منهما وجهة نظر خاصة به، هدفها الوصول إلى الحقيقة، أو إلى أكبر قدر ممكن من تطابق وجهات النظر، بعيداً عن الخصومة أو التعصب، بطريق يعتمد على العلم والعقل، مع استعداد كلا الطرفين لقبول الحقيقة ولو ظهرت على يد الطرف الآخر. يكتسب الحوار أهميته من كونه وسيلة للتآلف والتعاون وبديلاً عن سوء الفهم والتعسف. أكد ديننا الإسلامي على قيمة الحوار وأهميته في حياة الأمم والشعوب، يقول سبحانه (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)، وهذا توجيه حكيم إلى أمة محمد بأهمية استخدام الحكمة والحوار في دعوة الناس إلى طريق الحق والتأكيد على قيمة الرفق بالآخر والصبر وإظهار محاسن الدين بالقدوة الحسنة. وهنا استوقفني قوله تعالى (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَىٰ هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ) هذا الكلام للكافرين مع أن من الممكن أن يقول الله تعالى وإنا على هدى وأنتم في ضلال مبين ولكنها دعوة للحوار فواحد من الفريقين مبطل، والآخر محق، لا سبيل إلى أن تكونوا أنتم ونحن على الهدى أو على الضلال، بل واحد منا مصيب. يؤكد المهتمون بالحوار أن من أهم أسباب نجاح الحوار يعود إلى إدراك المحاورين لآداب الحوار وفنياته الموصلة إلى الهدف ومن أهم آداب الحوار أن يكون المحاور حاضر الذهن مركزاً في الطرح وألا يقاطع الطرف الآخر ولا يسابقه بالحديث ولا يرفع صوته وأن يحسن النية بالطرف الآخر ولا يظهر الظن السيئ به لأنه حضر لكي يطرح رأيه للوصول إلى الحقيقة، ويحدد الموضوع مسبقاً بين المتحاورين لكي يسهل التركيز في الطرح للوصول إلى النتيجة الإيجابية، وان يركز المتحاور على موضوع الحوار وليس صاحب الحوار من أجل أن يكون الحوار موضوعيا ومحققا للهدف، وليس من أجل تحقيق انتصار شخصي للطرف الآخر، وأن يستخدم الكلمات الجيدة بين المتحاورين وتحية بعضهم بتحية الإسلام الخالدة، والتحلي بالشجاعة في تقبل الرأي الآخر، وعدم الإساءة للآخرين بالعبارات أو الإشارات.