13 سبتمبر 2025

تسجيل

إيقاع أبنائنا.. ولا إيقاعنا!

03 نوفمبر 2018

للطفل عالمه الخاص، وإيقاعه الذي يحرك به هذا العالم الخاص، وفي كثير من الأحيان نقوم نحن – المربين – آباء وأمهات، معلمين ومعلمات – نقوم بمحاولة تغيير ذلك الإيقاع، ومحاولة تطويعه ليتلاءم مع إيقاعنا نحن في الحياة، وفق تفكيرنا وقدراتنا، وعندها تحدث الأزمات والمشكلات بيننا وبين أبنائنا، وتترك الأثر البالغ في نفوسهم. نطلقها كلمات لنفرض إيقاع حياتنا عليهم، والعبرة ليست في الكلمات، بل فيما وراء الكلمات، وما تبقيه من أثر يجعلنا نعيد التفكير أمام كل كلمة نقولها لأبنائنا. غالبا ما تتردد تلك الكلمات على لسان المربين (عجّل، أسرع، هيّا)، فنجد عبارات مثل: (عجل وأنه طعامك)، (أسرع ستفوتك الحافلة)، (هيّا بسرعة، يجب أن تعود إلى البيت)، ومع سرعة إيقاع الحياة التي نعيشها الآن، أصبحنا نسرع في عمل كل شيء، وعندها لا نهتم بالتفاصيل، وغالبا ننفذ الأمور بشكل سيئ، وعلى حساب أي شخص، فالوالدان المتعجلان هما والدان متوتران مضغوطان، قطَعا خطّ الوصول قبل أن ينطلقا في السباق الذي لا يشترك فيه سواهما، يجب الإسراع دوما معهما، ولكن عندما نسرع ونركض، ننسى دائما أشياء مهمة. الوالدان بتلك الصورة هما ساعتان بشريتان، ولكنهما دائما متأخران، وعادة متعجلان خوفا من عدم الوصول في الوقت المحدد. ولذا نوجه نداء رقيقا للآباء والأمهات، إنكم لكثرة ما تكونون متعجلين تفسدون إيقاع أولادكم، وهو إيقاع لا يتطابق بالضرورة مع طريقتكم في فهم الوقت، هذا يعني أنكم يجب أن تتكيفوا مع إيقاعهم هم، لا أن تجبروهم على اللحاق بكم، إذا اعتبرتم أنه من الأفضل لولدكم أن يكون مبادرا وفاعلا في حياته، توقفوا عن توتيره، ودعوه يقوم بمختلف شؤون حياته بإيقاعه هو، وعندها سينجز بأفضل ما يمكن. ونتوقف هنا أمام ذلك الموقف التربوي، فعن أنس رضي الله عنه قال: (كانت الأَمَةُ من إماء المدينة لَتأخُذُ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت) رواه البخاري. فانظر إلى هدوء النبي الكريم، وحسن استماعه، وصبره على طلبها، إنه المربي الذي يدرك قدرات من يربيهم، فيتعامل معهم بحكمة حتى يرتقي بهم للأفضل، وما أجمل تعليق الإمام ابن حجر على ذلك، حيث يقول: (والمقصود من الأخذ باليد: لازِمه، وهو الرِّفْقُ والانقياد، وقد اشتمل على أنواعٍ من المبالغة في التواضع: لذِكْرِه المرأةَ دون الرجل، والأَمَةَ دون الحُرَّة، وحيث عمَّم بلفظ (الإماء) أيَّ أَمَةٍ كانَتْ، وبقوله (حيث شاءت) أي: من الأمكنة، والتعبيرُ بالأخذ باليدِ إشارةٌ إلى غايةِ التَّصرُّفِ، حتى لو كانت حاجَتُها خارجَ المدينة، والتمسَتْ منه مساعدتَها في تلك الحاجة، لساعد على ذلك، وهذا دالٌّ على مزيد تواضُعِه، وبراءته من جميعِ أنواعِ الكِبْر صلى الله عليه وسلم). حقا إنّ ( أسرع )، و( تعجل ) فعلان ينتميان إلى مفردات عدم الإنجاز إذا لم يوافقا إيقاع أبنائنا في الحياة.