11 سبتمبر 2025

تسجيل

أعضاء فريق السيسي في الإجرام 3

03 نوفمبر 2013

أعضاء فريق السيسي في الإجرامبئس الزاد إلى المعاد، العدوان على العباد.العضو الثالث : الساكتون على جرائم فريق الانقلابجاء عن بعض السلف: أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق" هذا نوع آخر من الشياطين قال ابن القيم - رحمه الله تعالي-: "  وليس الدين بمجرد ترك المحرمات الظاهرة، بل بالقيام مع ذلك بالأمور المحبوبة لله، وأكثر الديَّانين لا يعبأون منها إلا بما شاركهم فيه عموم الناس، وأما الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة لله ورسوله وعباده، ونصرة الله ورسوله وكتابه ودينه، فهذه الواجبات لا تخطر ببالهم، فضلًا عن أن يريدوا فعلها، وفضلًا عن أن يفعلوها، - ومعنى ذلك السكوت على هذه الجرائم وهو محل الشاهد - وأقل الناس دينًا، وأمقتهم إلى الله من ترك هذه الواجبات وإن زهد في الدنيا جميعها، وقلّ أن ترى منهم من يحمرّ وجهه، ويتمعَّر في الله، ويغضب لحرماته، ويبذل عرضه في نصرة دينه، وأصحاب الكبائر أحسن حالًا عند الله من هؤلاء" عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين (ص: 147).والأصل في جريمة هذا العضو قوله تعالى " لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ  كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ " المائدة : (78) -(79) هذه الآيات الكريمة نص فى تجريم الساكت عن الحق، قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في تفسير هذه الآية جـ 2ص155: "أي كانوا يفعلون المنكر ولا ينهى بعضهم بعضًا، فيشترك بذلك المباشر وغيره، الذي سكت عن النهي عن المنكر مع قدرته على ذلك، وذلك يدل على تهاونهم بأمر الله، وأن معصيته خفيفة عليهم، فلو كان لديهم تعظيم لربهم لغاروا لمحارمه ولغضبوا لغضبه". اه إن السكوت على ظلم الظالم من أعظم أسباب عقوبة الله تعالى، وعدم استجابة الدعاء كما في حديث حذيفة رضي الله عنه مرفوعاً "وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ" . سنن الترمذى برقم (2323) وهو صحيح لغيره وعَنْ قَيْسٍ قَالَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ هَذِهِ الآيَةَ وَتَضَعُونَهَا عَلَى غَيْرِ مَوَاضِعِهَا (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) وَإِنَّا سَمِعْنَا النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ "إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ". وَقَالَ عَمْرٌو عَنْ هُشَيْمٍ وَإِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ "مَا مِنْ قَوْمٍ يُعْمَلُ فِيهِمْ بِالْمَعَاصِى ثُمَّ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يُغَيِّرُوا ثُمَّ لاَ يُغَيِّرُوا إِلاَّ يُوشِكُ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ مِنْهُ بِعِقَابٍ" سنن أبى داود برقم (4340) وهو صحيح، ومن الخطأ الشائع الظن بأن فساد السلطة نتيجة لفساد الرعية، والعكس أولى بالصواب- فالناس على دين ملوكهم - غير أن الرعية تعاقَب على سكوتها عن ظلم السلطان،  ورضاها به، باستدامة ذلك الظلم عليهم جزاء وفاقاً، ولا يظلم ربك أحداً. ولذا كان سيد الشهداء من أنكر على السلطان فساده فقتله " الحسبة لابن تيمية ت الشحود بتصرف يسير(ص: 133)خطورة وضرر السكوت على الظلم والإجرامفإن السكوت عن ذلك كله حرام، وَحُرْمَةِ السُّكُوتِ لِأَنَّهُ امْتِنَاعٌ عَنْ إظْهَارِ الْحَقِّ وَتَرْكٌ لِلْوَاجِبِ احْتِشَامًا لِلْغَيْرِ، ولِأَنَّ السُّكُوتَ عَنْ الْبَاطِلِ يُوهِمُ الْجَوَازَ، ولأنه يجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر. ولأن السكوت فيه خذلان وتخذيل لإخوانهم الذين لم يأخذهم فى الله لومة لائم فجهروا بالحق وصدعوا بالشرعية،  والمسلم - كما فى الصحيح - أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يُسلمه " ولَا يَنْبَغِي لعين مُؤمنَة ترى مَن يعْصى الله تَعَالَى فَلَا تُنكر عَلَيْهِ،  وكل من رأى سيئة وسكت عليها، فهو شريك في تلك السيئة، فكل من يُشاهد جرائمهم فى أي مكان فى العالم ويسكت فهو شريك لهم  بمشاهدته وعدم تغييره ما رأي من المنكر بواحد من مراتب تغيير المنكر الثلاثة المستطاعة . فَمَنْ أَمَرَ بِالْمَعْرُوفِ شَدَّ ظَهْرَ الْمُؤْمِنِ , وَمَنْ نَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ رَغِمَ أَنْفُ الْمُنَافِقِ , وَمَنْ صَبَرَ فِي الْمَوَاطِنِ قَضَى الَّذِي عَلَيْهِ , وَمَنْ غَضِبَ لِلَّهِ وَشَنَأَ الْفَاسِقِينَ غَضِبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ.يقول الشيخ ابن باز - رحمه الله تعالى - ومتى سكت أهل الحق عن بيان أخطاء المخطئين، وأغلاط الغالطين لم يحصل منهم ما أمرهم الله به من الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومعلوم ما يترتب على ذلك من إثم الساكت عن إنكار المنكر وبقاء الغالط على غلطه، والمخالف للحق على خطئه، وذلك خلاف ما شرعه الله سبحانه من النصيحة والتعاون على الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والله ولي التوفيق ".والأصل في تجريم السكوت على ظلم الظالم وجرائم المجرم التي وقع فيها هذا العضو من أعضاء فريق الإجرام من السنة النبوية المطهرة...في صحيح البخاري وجامع الترمذي عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مَثَلُ الْقَائِمِ فِي حُدُودِ اللَّهِ وَالْوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَصَارَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، وَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا، إِذَا اسْتَقَوا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا فَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوا وَنَجَوا جَمِيعًا" هذا الحديث مثل ضربه الرسول صلى الله عليه وسلم للاعتبار والتفكر والانتقال إلى نظيره وشبيهه، من فوائد هذا الحديث: أن شركاء السفينة إذا سكتوا عمن أراد خرقها كانوا هم وإياه في الهلاك سواء، ولم يتميز المفسد في الهلاك من غيره، ولا الصالح منهم من الطالح، كذلك إذا سكت الناس عن تغيير المنكر عمهم العذاب ولم يميز بين مرتكب الإثم وغيره، ولا بين الصالح منهم وغيره، ومن سكت عن خرق الشريك السفينة مع استطاعته حتى غرق، آثم فيما نزل به، وعاص بقتل نفسه، كذلك الساكت عن إنكار المنكر آثم بسكوته، عاص بإهلاك نفسه .سكوت شركاء السفينة عن الشريك الذي أراد فسادها سبب هلاكهم في الدنيا، كذلك سكوت المسلمين عن الفاسق وترك الإنكار عليه سبب هلاكهم في الآخرة، بل في الدنيا، وأيضا من الأدلة النبوية على تجريم هذا العضو حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ أَوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ، فَيَقُولُ: يَا هَذَا، اتَّقِ اللَّهَ وَدَعْ مَا تَصْنَعُ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكَ، ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الْغَدِ، فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَقَعِيدَهُ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ "، ثُمَّ قَالَ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ [ص:122] عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ} إِلَى قَوْلِهِ {فَاسِقُونَ} [المائدة: 81]، ثُمَّ قَالَ: "كَلَّا وَاللَّهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيِ الظَّالِمِ، وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا، وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا" سنن أبي داود (4/ 122) (4336) حسن.وعن ابن عباس قال: قيل: يا رسول الله؛ أتهلك القرية وفيها الصالحون؟، قال: ((نعم))، قيل: بم يا رسول الله؟. قال: ((بتهاونهم وسكوتهم على معاصي الله)). أخرجه البزار والطبراني، وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا رَأَيْتُمْ أُمَّتِي لَا تَقُولُ لِلظَّالِمِ: أَنْتَ ظَالِمٌ، فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهُمْ " السنن الكبرى للبيهقي (6/ 158) (11516) صحيح لغيره، وقال تعالى: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} [النساء: 148]والساكتون على هذه الجرائم ومجرميها، كُثُر من طوائف وأفراد الشعب والأمة، ويأتي فى مقدمتهم الدعاة والخطباء والأئمة والمدرسون والوعاظ والمفكرون والكتاب والأدباء الذين آتاهم الله الكتاب وأخذ عليهم العهد أن يبينوه للناس ولا يكتمونه فهؤلاء هم هداة الأمة ومرشدوها وهم المطالبون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهم إذًا المسئولون بعد الأمراء الذين بيدهم الحل والعقد؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (ألا كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته)، ولقوله أيضًا: (ما من عبد يسترعيه الله رعية فلم يحطها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة) إلى غير ذلك من الآثار الكثيرة، فوجه مسئولية هذه الشرائح كلها فى هذه الجرائم التي تُرتكب – ولا زالت - هي أنهم عدلوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى التزلف والتملق لركاب كابينة سفينة الانقلاب التى يؤذن الله تعالى الحق بغرقها ونجاة أرض الكنانة وشعبها، عدل هؤلاء بسكوتهم عن الإرشاد الصحيح إلى التضليل، وعدم مواكبتهم بموضوعاتهم أحداث الساعة وبيان الحق فيها الأرضي لله تعالى ورسوله صلوات الله وسلامه عليه، واستمع إلى قول الحق تبارك وتعالى:" لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ" المائدة : (63).قال القرطبي في تفسير هذه الآية جـ6 ص 237: "دلت الآية على أن تارك النهي عن المنكر كمرتكب المنكر فالآية توبيخ للعلماء في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".أقول : صلوات وسلامه على النبي المصطفى المختار كان له منبر واحد، درجاته من الخشب لا مزخرفات ولا منقوشات، فأسمع منه الدنيا كلها صوت الحق، دعاها فلبَّت، وأمرها فأطاعت، وعندنا اليوم آلاف بل ألوف المنابر، فيها النقش البارع والزخرف الرائع يعلوها الخطباء فينادون (يا أيها الناس اتقوا الله). فلا يتقي أحد، لأن الخطيب ما قال إلا بلسانه، والمصلي ما استمع إلا بأذنه قد فسد العلماء فهم يعلمون ولا يعملون، ويُزهِّدون فى الدنيا ولا يزهدون، ويقولون (الساكت عن الحق شيطن أخرس). ويسكتون، ويتلون (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) ويذلون للوزراء والأغنياء والسلاطين. فسد العلماء ففسد الناس فمن أين ينتقى الصلاح؟.إن سكوتهم  هؤلاء – الذين أشرنا إليهم - على هذه الجرائم التى تُرتكب ولا زالت إنما هو فى الحقيقة تركٌ للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا بخلاف ما شهد اللَّه به لهذه الأمَّة من أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وتجد كثيراً من الصحف والمجلات والقنوات والمواقع  تنادي زوراً وبهتاناً بحقوق الإنسان وبالعدالة وبالديمقراطية وغير ذلك، بينما تغض الطرف وتكسر الأقلام وتكمم الأفواه عندما يكون هناك أمر متعلق بالمسلمين، فلتجر الدماء سيولاً ولتزهق الأرواح بالآلاف ولا شيء في ذلك !!!!!، ولتنتهك حقوق الدعاة والعلماء والمنادين بالشرعية، ومع ذلك تصدر الصحف في بلاد المسلمين صباح مساء ليس فيها حتى إشارة، وإنما تجد فيها إثارة وتعدِّياً واستعداءً وتهييجاً للعقول وصرفها عن إدراك مثل هذه المخاطر والجرائم، والأمر في هذا بين واضح، وفي المقابل تجد أن إذاعات وصحف ومواقع وقنوات الكفر أحياناً تخبر بكثير من الوقائع والفظائع التي تحصل للمسلمين، وحسب ذلك بعداً للكلمة الحرة الصادقة فى ديارنا، وحسبه أيضاً إهانة للكلمة التي لا تستطيع أن تكون عادلة. فى بلاد الوحيين.ذكر ابن أبي الدنيا: "أن الله أوحى إلى يوشع بن نون، إني مهلك من قومك أربعين ألفاً من خيارهم، وستين ألفاً من شرارهم، قال: يا رب، هؤلاء الأشرار، فما بال الأخيار؟ قال: إنهم لم يغضبوا لغضبي، وكانوا يُواكلونهم ويُشاربونهم". وذكر ابن عبد البر وغيره: "أن الله تعالى أمر ملكاً من الملائكة أن يخسف بقرية، فقال: يا رب، إن فيهم فلاناً الزاهد العابد، قال: به فابْدأ، وأسمعني صوته، إنه لم يتمعَّر وجهه فيّ يوماً قط". فالنجاة عند نزول العقوبات، هي لأهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما قال تعالى: فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ" الأعراف: 165] .وذكر ابن أبي الدنيا عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: " لَمَّا أَصَابَ دَاوُدُ الْخَطِيئَةَ، قَالَ: يَا رَبِّ، اغْفِرْ لِي، قَالَ: قَدْ غَفَرْتُهَا لَكَ، وَأَلْزَمْتُ عَارَهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، قَالَ: كَيْفَ يَا رَبِّ؟، وَأَنْتَ الْحَكَمُ الْعَدْلُ لَا تَظْلِمُ أَحَدًا، أَعْمَلُ الْخَطِيئَةَ وَتُلْزِمُ عَارَهَا غَيْرِي؟، فَأَوْحَى اللَّهُ: يَا دَاوُدُ، إِنَّكَ لَمَّا اجْتَرَأْتَ عَلَيَّ بِالْمَعْصِيَةِ، لَمْ يُعَجِّلُوا عَلَيْكَ بِالنَّكِيرِ " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابن أبي الدنيا (ص: 109).إِنَّ الدِّينَ هُوَ الْقِيَامُ لِلَّهِ بِمَا أَمَرَ بِهِ، وَتَارِكُ حُقُوقِ اللَّهِ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهِ – ومن ذلك إنكار المنكر على مرتكبه - أَسْوَأُ حَالًا عِنْدَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - صلوات الله وسلامه - مِنْ مُرْتَكِبِ الْمَعَاصِي؛ فَإِنَّ تَرْكَ الْأَمْرِ أَعْظَمُ مِنْ ارْتِكَابِ النَّهْيِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ وَجْهًا ... وَأَيُّ دِينٍ وَأَيُّ خَيْرٍ فِيمَنْ يَرَى مَحَارِمَ اللَّهِ تُنْتَهَكُ وَحُدُودَهُ تُضَاعُ وَدِينَهُ يُتْرَكُ وَسُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُرْغَبُ عَنْهَا وَهُوَ بَارِدُ الْقَلْبِ سَاكِتُ اللِّسَانِ؟ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ، كَمَا أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ بِالْبَاطِلِ شَيْطَانٌ نَاطِقٌ، وَهَلْ بَلِيَّةُ الدِّينِ إلَّا مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ إذَا سَلَّمْت لَهُمْ مَآكِلَهُمْ وَرِيَاسَاتِهِمْ فَلَا مُبَالَاةَ بِمَا جَرَى عَلَى الدِّينِ؟، وَخِيَارُهُمْ الْمُتَحَزِّنُ الْمُتَلَمِّظُ، وَلَوْ نُوزِعَ فِي بَعْضِ مَا فِيهِ غَضَاضَةٌ عَلَيْهِ فِي جَاهِهِ أَوْ مَالِهِ بَذَلَ وَتَبَذَّلَ وَجَدَّ وَاجْتَهَدَ، وَاسْتَعْمَلَ مَرَاتِبَ الْإِنْكَارِ الثَّلَاثَةِ بِحَسَبِ وُسْعِهِ. وَهَؤُلَاءِ الساكتون رغم إمكان  الله تعالى على التغيير - مَعَ سُقُوطِهِمْ مِنْ عَيْنِ اللَّهِ وَمَقْتِ اللَّهِ لَهُمْ - قَدْ بُلُوا فِي الدُّنْيَا بِأَعْظَمَ بَلِيَّةٍ تَكُونُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، وَهُوَ مَوْتُ الْقُلُوبِ؛ فَإِنَّهُ الْقَلْبُ كُلَّمَا كَانَتْ حَيَاتُهُ أَتَمَّ كَانَ غَضَبُهُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ أَقْوَى، وَانْتِصَارُهُ لِلدِّينِ أَكْمَلُ.وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ أَثَرًا "أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَوْحَى إلَى مَلِكٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَنْ اخْسِفْ بِقَرْيَةِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ وَفِيهِمْ فُلَانُ الْعَابِدُ؟ فَقَالَ: بِهِ فَابْدَأْ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَمَعَّرْ وَجْهُهُ فِي يَوْمًا قَطُّ".وَذَكَرَ أَبُو عُمَرَ فِي كِتَابِ التَّمْهِيدِ "أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَوْحَى إلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِهِ أَنْ قُلْ لِفُلَانٍ الزَّاهِدِ: أَمَّا زُهْدُك فِي الدُّنْيَا فَقَدْ تَعَجَّلْت بِهِ الرَّاحَةَ، وَأَمَّا انْقِطَاعُك إلَيَّ فَقَدْ اكْتَسَبْت بِهِ الْعِزَّ، وَلَكِنْ مَاذَا عَمِلَتْ فِيمَا لِي عَلَيْك؟ فَقَالَ: يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ لَك عَلَيَّ؟ قَالَ: هَلْ وَالَيْت فِي وَلِيًّا أَوْ عَادَيْت فِي عَدُوًّا" ؟ إعلام الموقعين عن رب العالمين (2/ 121).تَكَلَّمَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ الرَّازِيّ يَوْمًا فِي الْجِهَادِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ: هَذَا وَاجِبٌ قَدْ وُضِعَ عَنَّا، فَقَالَ: هَبِي أَنَّهُ قَدْ وُضِعَ عَنْكُنَّ سِلَاحُ الْيَدِ وَاللِّسَانِ، فَلَمْ يُوضَعْ عَنْكُنَّ سِلَاحُ الْقَلْبِ، فَقَالَتْ: صَدَقْت جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا. إعلام الموقعين عن رب العالمين (2/ 120)، ومما يقتل النفس حسرة سكوت الساكتين القادرين على التغيير ولو بقلوبهم، وهذا  السكوت  إما أن يكون هيبة وخوفا  أو توقيرا أو خوف فتنة متوهمة أو اشتباه.ولِرَد هذه البواعث نقول عن السكوت هيبة وخشية " وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ" الأحزاب :37،   عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَحْقِرَنَّ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ، إِذَا رَأَى لِلَّهِ أَمْرًا حَقَّ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِيهِ، فَيَقُولُ اللَّهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَكَلَّمَ؟ فَيَقُولُ: خَشِيتُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: إِيَّايَ كُنْتَ أَحَقَّ أَنْ تَخْشَى".وإذا كان السكوت  خوف الفتنة فإن السكوت على هذه الجرائم هو فى حد ذاته فتنة للأضرار التي تترتب على هذا السكوت الآثم كما وضحنا سابقا." أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا " التوبة :49، وإذا كان باعث السكوت الخوف على الرزق أو الأجل فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ، أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ، فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ، وَلَا يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ"وأخيرا:  دفع شبهة ورد إلتباسكيف يؤخذ المحسنون بظلم الظالمين، والله سبحانه وتعالى يقول: "وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى؟" (18: فاطر)، ويقول سبحانه: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ؟" (105: المائدة) .. ويقول: "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" .. فكيف يكون مع المتقين ثم يأخذهم بما أخذ به الظالمين؟.والجواب- والله أعلم-:أولا: أن سكوت غير الظالمين عن الظالمين هو وزر، له عقابه، فهم وإن لم يظلموا أحدا، فقد ظلموا أنفسهم بحجزها عن هذا المنطلق الذي تنطلق منه إلى رضوان الله، وإلى حماية أنفسهم وحماية المجتمع الذي هم فيه مما يشيعه الظالمون من فساد وضلال، وشر مستطير.وثانيا: أن قوله تعالى: "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ" هو حماية للمؤمنين من أن يجرفهم تيار المفسدين، وأن يسلموا زمامهم لهم، ويسلكوا معهم الطريق الذين سلكوه حين يستشرى الفساد ويغلب المفسدون.. فهنا يكون واجب المؤمن حيال نفسه أن يحميها أولا من هذا الوباء، وأن يمسك عليه دينه حتى لا يفلت منه فى زحمة هذا الفساد الزاحف بخيله ورجله..ومع هذا، فإنه لن يعفى المؤمنين استشراء الشرّ من أن يقوموا بما يجب عليهم فى تلك الحال، من النصح، والتوجيه، والدعوة إلى الله، فهم أساة المجتمع لهذا الوباء الذي نزل به.. فإذا قصّروا في أداء هذا الواجب كانوا بمعرض المؤاخذة والجزاء..وثالثا: قوله تعالى: "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" هو توكيد لما يجب على المؤمنين من التناصح، والتناهي عن المنكر فيما بينهم، وإلا لم يكونوا من المتقين، ولم يحسبوا فيهم.. إذ كيف يكون المؤمن ممن اتقى الله، وهو يرى المنكر ولا ينكره، ويرى الظلم ولا يقف فى وجهه؟ورابعا: إن المجتمع الإنساني جسد واحد، وما يصيب بعضه من فساد وانحلال، لا بد أن يتأثر به المجتمع كله، كما يتأثر الجسد بفساد عضو من أعضائه وإنه كما يعمل المجتمع على حماية نفسه من الأمراض المعدية والآفات الجائحة، فيحشد كل قواه لدفع هذا الوباء، بتطبيب المرضى أو عزلهم- كذلك ينبغي أن يعمل على إخماد نار الفتن المشبوبة فيه، والضرب على أيدي مثيريها. وإلا امتد إليهم لهيبها، والتهمتهم نارها.. فحيث كان شر، فإنه لا يصيب من تلبّس به وحده، بل لا بد أن ينضح منه شيء على من حوله.. فكان من الحكمة دفع الشر ومحاربته في أي مكان يطل بوجهه منه، هذا وبالله التوفيق ومنه وحده العصمة من الخلل والخطأ والزلل في القول والعمل.