16 سبتمبر 2025

تسجيل

مجلس الشورى المنتخب: تحد للجميع

03 نوفمبر 2011

إن إعلان حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى أول أمس خلال خطابه أمام دور الانعقاد الأربعين لمجلس الشورى بأن دولة قطر سوف تعقد الانتخابات البرلمانية في عام 2013، وضع الدولة في طليعة التغيير، فجاء إعلان حضرة صاحب السمو كنقطة تحول في تاريخ قطر. في عام 1995، عندما تولى صاحب السمو الأمير مقاليد الحكم في البلاد، كان هدفه الرئيسي وضع قطر على الخريطة الدولية في مجال الديمقراطية والإعلام والاقتصاد. وبرؤيته استطاعت قطر بالفعل أن تكون واحدة من أغنى البلدان والأسرع نموا في العالم، واستطاعت الدولة غير المعروفة الحصول على مكانة مرموقة على الساحة العالمية. ما زلت أتذكر مقابلة حضرة صاحب السمو التي أجراها لراديو ألمانيا في فبراير 2001، حين قال: "سأكون سعيدا بعدم وجود كل السلطات بيدي. أعتقد أن البرلمان سيكون في صالح بلادنا والجيل القادم. ويجب علينا أن نتبع الممارسات التي تنتهجها دول أخرى من أجل صالح شعوبها". في السنوات العشر الماضية، حققت قطر قفزات كبيرة في تطوير اقتصادها، وقطاع التعليم، والصحة والإعلام والقطاعات الاجتماعية الأخرى. ففي عام 1995، كان الناتج المحلي الإجمالي للبلاد 29.6 مليار ريال قطري (8.1 مليار دولار) فقط وكان نصيب الفرد من الدخل 16164 دولارا، أما اليوم، فتحظى دولة قطر بأعلى نصيب للفرد من الناتج المحلي الإجمالي في العالم وهو272733 ريالا قطريا (74721 دولارا). وقد طورت قطر أيضا قطاع التعليم بإنشاء مؤسسة قطر التي تحتضن مؤسسات تعليمية على مستوى عالمي. بالإضافة إلى ذلك، فإن إنشاء قناة الجزيرة جعل من قطر قوة كبيرة في صناعة الإعلام. قد يقول بعض الناس إنه استغرق تحقيق حلم عقد الانتخابات البرلمانية عشر سنوات. ولكن حضرة صاحب السمو الأمير يدرك أن سبب التأخير يعود إلى متطلبات دستورية وقوانين واجب توافرها، من أجل التأسيس للديمقراطية. علما بأن الدولة كانت مشغولة خلال السنوات الماضية في عملية تطوير الغاز الطبيعي والبتروكيماويات لإنشاء قاعدة اقتصادية قوية لترسيخ هذه الديمقراطية. وقد يسميها البعض تأخيرا، ولكنني أعتقد أنه جزء مهم من عملية التحول، فالاقتصاد السليم شرط أساسي لديمقراطية قوية ونابضة بالحياة، ورفاهية الشعب أمر لا بد منه، لتحقيق الأمن والاستقرار والازدهار. أما الزيادة الأخيرة في رواتب موظفي الدولة فهي ليست إلا جزءا من جهود الحكومة لتجهيز شعبها للتحول المرتقب إلى الديمقراطية. لذلك نرى أن خطاب حضرة صاحب السمو في مجلس الشورى، جاء ليلقي تحديا واضحا لكل من الحكومة والشعب. فنحن لا نريد أن نصل إلى عام 2013 لنجد أن هناك فجوة بين رؤية الحكومة وقدرات الشعب. كلاهما مسؤولان عن العمل معا لتحقيق أهداف الدولة. وبالفعل، ذكر حضرة صاحب السمو في خطابه أنه سيتم تقييم كل من الشعب والحكومة ليكونا مسؤولين عن أفعالهما، وحذر سموه من مخاطر نشر ثقافة الكسل. من جانبها، تحتاج الحكومة إلى الإسراع في نص القوانين واللوائح اللازمة لإجراء الانتخابات البرلمانية، كما ينبغي عليها إعداد الشعب من خلال التوعية الاجتماعية والتعليم. وفي الوقت نفسه، يتوجب على الشعب القطري أن يرتفع إلى مستوى التحدي. لا يمكن للحكومة أن تفعل ذلك وحدها، لأن جوهر العملية الديمقراطية هو مشاركة الشعب في سياسة الدولة. وبالفعل نرى أن التجربة الديمقراطية التي خضناها في انتخابات المجلس البلدي المركزي في فترته الرابعة، ستخدم عملية الانتخاب المقبلة لأنها كانت بمثابة نموذج للتجربة الديمقراطية في المستقبل. ورغم ذلك، فإننا ما زلنا بحاجة لإعداد أنفسنا وتعليم أطفالنا المزيد عن الديمقراطية. ويمكننا القيام بذلك من خلال عدد من الأنشطة كتشجيع أطفالنا على أن يكونوا نشطاء في برلمانات المدارس وأن يشاركوا في برامج مثل مناظرات قطر ومناظرات الدوحة التي تستطيع أن توسع آفاقهم حول الديمقراطية. يعتقد البعض أن قطر محظوظة لأنها لم تتأثر بالأزمة الاقتصادية العالمية وتبعاتها وبالثورات العربية. ما لا يعرفونه هو أن الربيع العربي قد حدث في قطر عام 1995، نحن الآن نحصد ثمار جهودنا وعملنا الدءوب. صحيح أن قطر دولة صغيرة الحجم، ولكن نفوذها وتأثيرها يفوقان حجمها الجغرافي ليس فقط على صعيد الشرق الأوسط بل في المجتمع العالمي. رئيس تحرير جريدة البننسولا [email protected]