19 سبتمبر 2025

تسجيل

كيف فشلت روسيا سياسياً في سوريا لثماني سنوات؟

03 أكتوبر 2023

دخل الاحتلال الروسي لسوريا في الثلاثين من سبتمبر/‏ أيلول الماضي سنته التاسعة، ودخل معه الفشل الروسي في استثمار نصر عسكري جزئي حققه على الشعب السوري بشكل سياسي سنته التاسعة أيضاً، ومعلوم أن أي انتصار عسكري لا ينعكس ويترجم سياسياً على الأرض هو أقرب ما يكون إلى انتصار قطاع الطرق في السلب من أجل السلب، والقتل من أجل القتل، وبالتالي فإن الفشل الروسي في ترجمة هذه الانتصارات العسكرية الجزئية إلى انتصار سياسي يعد هزيمة وفشلاً روسياً بالمفهوم السياسي وحتى العسكري، تحدثت عنه كثير من النخب الروسية قبل سنوات، وحمّلت بذلك وزير خارجية روسيا لافروف المسؤولية في هذا الفشل، وذلك بالعجز عن الترجمة السياسية له. الفشل السياسي الروسي يتجلى أكثر ما يتجلى في منافستها من قبل جيوش إقليمية ودولية خمسة على مساحة جغرافية لا تتعدّى 185 ألف كيلومتر مربع، وهي مساحة سوريا الحالية، الأمر الذي يعني باختصار أن وزن روسيا هو هذا، بحيث بدت عاجزة عن حسم مسألة بهذا الحجم، فكيف يمكن التعويل عليها في حسم مساحات على مستوى الدول الكبرى، إن كان في أوروبا أو في أوكرانيا وغيرها، فالكل ينافسها على الكعكة السورية، مما بدا أنها متورطة في مستنقع سياسي سوري، تماماً كتورطها في مستنقع عسكري أوكراني، الفارق بينهما أنها في المستنقع السوري تُستنزف سياسياً وعلاقات دولية، وحواضن اجتماعية، بعد أن كسبت بعضها في السنوات الماضية، نتيجة الغضب العربي والإسلامي من حروب أمريكا على أفغانستان والعراق، لتجد روسيا نفسها اليوم من أكثر الدول كراهية لها، بسبب جرائمها ومجازرها التي ارتكبتها بحق السوريين. أما المستنقع العسكري الأوكراني فيستنزفها بشكل يومي، والذي نرى تداعياته أخيراً بالتخلي عن الأرمن في أذربيجان، وانتهاز الأخيرة فرصة لم تكن أن تتحقق لها، لولا ما يجري في أوكرانيا وانشغال روسيا بها. التراجع السياسي الروسي في سوريا سبقه تراجع عسكري واضح وملموس، فكل متابع للشأن السوري يرى بشكل يومي انسحابات عسكرية روسية باتجاه أوكرانيا، ويرى معه كذلك تراجع سطوة ميليشيات فاغنر بعد مقتل زعيمها بريغوجين في حادث تحطم الطائرة الغامض، أما على الأرض السورية فقد تجسد بانسحابات قوات فاغنر من البادية السورية وحلول قوات من الحرس الثوري الإيراني وفاطميون وغيرهم محلها. أكثر ما تجلى التراجع السياسي الروسي أخيراً، هو بالتقدم الصيني الأخير في سوريا، وتوقيع بكين مع رأس النظام السوري خلال زيارته الأخيرة للصين على ثلاث اتفاقيات وصفت بالاستراتيجية، والتي بدا أنها تتطلع إلى قواعد عسكرية وموانئ استراتيجية تحل بها محل الروسي، ولاسيما في ظل احتدام التنافس والصراع الغربي مع كل من الصين وروسيا، ومستغلة انشغال روسيا في أوكرانيا. إذن لم تنجح روسيا سياسياً طوال السنوات الثماني الماضية، ولن تنجح غيرها مع استمرارية انتفاضة الشعب السوري، هذه الانتفاضة التي تزداد قوة وثباتاً يوماً بعد يوم، وتجدد شبابها يوماً إثر يوم، والذي تجلى ذلك بحراك السويداء في الجنوب السوري، وكذلك انتفاضة العشائر في ظل الهيمنة والسطوة الأمريكية من خلال ميليشيات قسد، كل هذه تطورات مهمة ومفصلية تتطلب من الثورة السورية ومؤسساتها، بالإضافة إلى داعميها وداعمي الشعب السوري تكثيف الدعم والمساندة، أملاً في تقصير فترة المعاناة عن هذا الشعب الذي طالت معاناته وعذاباته.