19 سبتمبر 2025

تسجيل

شارع «المها»

03 أكتوبر 2022

الإعلان عن افتتاح شارع «المها درايڤ» في جزيرة المها بمدينة لوسيل، ‏وهو الشارع الوحيد في العالم الذي يضم مجموعة من أشهر المطاعم العالمية الفاخرة، وسيقتصر الدخول إلى الشارع على المشتركين من أصحاب السيارات الكلاسيكية والفارهة، ومن المقرر افتتاحه في نوفمبر. الطموح كبير لدى المسؤولين في جعل قطر تتميز بكل ما هو جديد، خاصة ونحن نعيش بداية إرهاصات مسابقة كأس العالم، وهي حدث في حد ذاته عظيم، لم تحظ أي دولة عربية بشرف تنظيم مثل هذه المسابقة العالمية، حتى على مستوى القارات، حصلت عليه جنوب أفريقيا بشق الأنفس، واليابان وكوريا اشتراكاً، حدث لم يكن أحد يحلم أن يقام في دولة عربية، استطاعت القيادة القطرية بكل ذكاء أن تفوز به، منذ عشرة أعوام والدولة تعمل على تحقيقه ومن خلفها الشعب القطري بكل مكوناته. لا أعرف مدى ارتباط هذه المشروع بالمشاريع المصاحبة لافتتاح كأس العالم، وأعتقد أنه سيستمر بعدها وأنه ليس مشروعاً مؤقتاً، حيث هناك اشتراك سنوي لصاحب كل سيارة فارهة وكذلك العدد محدد. ما يهمني ما يمثله المشروع اجتماعياً، وهل هو انعكاس لأحد جوانب هذه البنية، خاصة أنه مشروع ترفيهي على ما يبدو أو دعنا نقول مخملي. أولاً: السيارة الفارهة كيف نعرفها أو نحددها؟. ثانياً: المشتركون من هم؟، هل هم أصحاب السيارات، يعني أن نحدد قيمة الشخص بمعنى أن يصبح مشتركاً دون غيره بنوعية السيارة التي يملكها. ثالثاً: يصبح الدخول لهؤلاء ملاك السيارات فقط وباشتراك سنوي كذلك، ما القيمة في ذلك أن أدخل أنا دون غيري في شارع للتسوق؟، سوى أنه تسليع مركب ليس للسلعة وإنما لمن هو قادر على أن يشتريها أو يمتلكها، بما في ذلك السيارة التي جعلت من صاحبها مؤهلاً للدخول وحولته إلى سلعة مثلها تماماً. رابعاً: أشهر المطاعم العالمية هل هي تبحث عن أصحاب سيارات فارهة أو كلاسيكية دون غيرهم أو لم يقتصر ارتيادها عليهم دون بقية أفراد المجتمع طالما هم قادرون مالياً على ذلك أليس هذا أولوية للسيارة على الإنسان الذي يمتلكها؟. خامساً: كيف يمكن تفسير ذلك في مجتمع لا يمتلك طبقة عمالية محلية إنتاجية، مجتمع غير إنتاجي، يتعلق سقفاً بالاستهلاك في أبشع مظاهره؟. سادساً: كيف يمكن تفسير ذلك في مجتمع لا يمتلك طبقة وسطى مستقلة؟ تمتعت فترة بحماية الدولة في السبعينيات والثمانينيات الماضية ثم تُركت تتبخر وتهوي حتى لم يعد تشعر بوجودها. سابعاً: كيف يمكن تفسير ذلك في مجتمع ريعي؟، ألا يمزق الحالة النفسية للكثير من أفراد المجتمع؟. كلنا مع قطر وكلنا ننصهر لإنجاح هذه المناسبة الكبيرة على قلوبنا جميعاً، ولكن على المسؤولين القائمين على مثل هذه المشاريع مراعاة الصحة النفسية للمجتمع كذلك، فبدنياً منتخبنا جاهز، يبقى أن يصبح مجتمعنا أيضاً جاهزاً نفسياً كمجتمع متراص لا يشعر فيه المواطن بأي أنواع التمييز، مهما كان ذلك يمثل ثورة عالمية في عالم الإبهار.