27 سبتمبر 2025
تسجيلعند صدور حكم قضائي يفصل في موضوع متنازع بشأنه، يكون المحكوم له قد اكتسب حقا بموجب ذلك الحكم، ويصبح منطوقه واجب النفاذ، وإذا أقر بإلزام المحكوم عليه بأن يؤدي له مبلغا أو دينا وعملا يتعلق بالذمة المالية يجوز له رفع دعوى تنفيذ ذلك الحكم، لينتقل من مجرد حق مكتسب بمقتضى نص حكم إلى حق ملموس على أرض الواقع ساري النفاذ. لكن في الحالة التي يرفض فيها المحكوم عليه تنفيذ منطوق ذلك الحكم ويمتنع عن سداد الدين المترصد بذمته بموجبه فقد أعطى المشرع للمحكوم له عند وجود امتناع عن التنفيذ مجموعة من الضمانات التي تكفل له الوفاء بحقه وتجبر المحكوم عليه على تنفيذ منطوق الحكم القضائي قد تصل إلى غاية تقييد حريته عن طريق ما يسمى حبس المدين. يتم حبس المدين الذي امتنع عن تنفيذ الحكم القضائي الصادر ضده إذا تحقق شرطان أساسيان، هما أن يكون الحكم الصادر بالتنفيذ نهائيا حائزا لقوة الأمر المقضي به، وأن يكون المدين ممتنعا عن السداد، أي أنه يمتلك الموارد الكافية من أجل التنفيذ، أو على الأقل يستطيع توفير موارد للسداد لكنه يرفض ذلك. وتتم إجراءات الحبس من خلال تقديم المحكوم له طلبا إلى قاضي التنفيذ من أجل التصريح له بدعوى حبس المحكوم ضده، وبمجرد الموافقة تتم مباشرة الدعوى وفق الإجراءات العادية للتقاضي، فإذا تبين لقاضي التنفيذ يسار المحكوم عليه وامتناعه عن السداد قضى بحبسه لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر. لكن هنالك أحوال لا يجوز معها القضاء بحبس المدين، استثناها المشرع بنص المادة 516 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وهي خمس حالات، أولها عدم جواز حبس المدين الذي لم يبلغ بعد سن الثامنة عشرة، والمدين الذي تجاوز سبعين سنة، ثم الحالة التي يكون فيها المدين قريب الدائن من أصوله أو فروعه أو زوجه باستثناء حالة المدين بدين النفقة الذي يجوز الأمر بحبسه عند الامتناع عن التنفيذ. ولا يجوز الأمر بحبس المدين كذلك في الحالة التي يقدم كفالة مصرفية تضمن قيامه بالسداد، أو تقديم كفيل يكفله شخصيا بشأن الوفاء ضمن المواعيد المقررة، وأيضا لا يجوز الأمر بالحبس إذا قام المدين بالإرشاد عن أموال لديه داخل الدولة يجوز التنفيذ عليها وكافية للوفاء بكامل الدين موضوع التنفيذ. وكذلك لا يتم الأمر بحبس المدين الممتنع عن السداد إذا ثبت لقاضي التنفيذ بواسطة تقرير طبي معتمد أن الشخص المراد حبسه يعاني مرضا مزمنا لا يرجى منه الشفاء، ولا يستطيع معه تحمل صعوبة الحبس. والحالة الخامسة التي لا يتم فيها إصدار أمر بحبس المدين هي الحالة التي يكون فيها الدين موضوع التنفيذ تقل قيمته عن مبلغ ألف ريال، ففي هذه الحالة لا يحكم القاضي بالحبس بل يتم التنفيذ عن طريق الضمانات الأخرى المقررة قانونا، لكن هذا الاستثناء لا يشمل التنفيذ المتعلق بالغرامات أو تنفيذ النفقات التي تقل قيمتها عن ألف ريال. وهنالك حالات يجوز بشأنها الأمر بحبس المدين الممتنع عن السداد، لكن القاضي لا يحكم بها ولكن يؤجل ذلك لوقت لاحق، ويتحقق ذلك في حالتين اثنتين هما: حالة المريض مؤقتا الذي لا يتحمل مرضه ظروف الحبس شريطة أن يقدم تقريرا طبيا معتمدا، وحالة المرأة الحامل بحيث يتم تأجيل حبسها لغاية الوضع ومرور سنتين من أجل رعاية الرضيع خارج ظروف الحبس. وفي جميع الأحوال إذا تم تنفيذ الأمر بالحبس في مواجهة المدين فإنه يجوز وضع حد له في أي وقت إذا استطاع سداد ما بذمته أو تقديم ضمانات كافية لذلك.