17 سبتمبر 2025

تسجيل

(وين القلب اللي يفقه)

03 أكتوبر 2021

مع نشر هذا المقال تكون الصورة قد اتضحت للجميع، وعرفنا الفائزين في الانتخابات التشريعية لعضوية مجلس الشورى، و"انفض المولد"، كما يقول إخواننا المصريون، وذهب "كلٌ في حال سبيله"، فالحدث الأكبر والأبرز الذي شغل المجتمع والرأي العام القطري في هذه السنة لن يتكرر إلا بعد أربعة أعوام من الآن. ولقد رأيت قبل أن أطوي صفحة الانتخابات التي تناولتها في أكثر من اثني عشر مقالاً وعلى امتداد أكثر من ثلاثة أشهر أن أقدم المقال الأخير أو كما يقال في عالم الدراما الغربية "الفينالي"، أي الخاتمة أو الحلقة الأخيرة، والتي أرى أنه ينبغي عليَّ أن أناقش الدروس المستفادة من هذه التجربة الأولى، وذلك لما لها من أهمية في تفادي الأخطاء والعثرات مستقبلاً. ولنبدأ أولا بأهم السلبيات التي عشناها خلال المرحلة الماضية وهي في وجهة نظري المتواضعة كانت أشد تأثيراً في الناخبين والمرشحين على حد سواء، ألا وهي الشائعات. فلقد انتشرت الشائعات كالنار في الهشيم حتى قبل إصدار قانون نظام الانتخابات الذي وضع النقاط على الحروف. فهناك شائعات انتشرت بقوة وكان لها صدى كبير بين الناخبين في الدوائر المختلفة، منها شائعة أن هناك دعما أو توجيها أو مساندة بشكل غير مباشر من الحكومة لمرشحين بعينهم، الأمر الذي أثبتت نتائج الانتخابات أنه مجرد زوبعة في فنجان، وأن كل ما تداول إنما هو نوع من الحيل أو "التكتيكات" الانتخابية للتأثير على أصوات الناخبين. ومن الدروس المستفادة الأخرى، انعدام الجاهزية والاستعداد لدى بعض المرشحين في خوض الانتخابات، وجهل البعض الآخر أو عدم إدراكهم لصلاحيات واختصاصات عضو مجلس الشورى، فرأينا من يعد الناخبين بمنحهم الأراضي وآخر سيتكفل بعلاجهم بالخارج، وبعضهم تحدث عن أمور ليست في الأصل من مسؤوليات وواجبات السلطة التشريعية التي يسعى لشغل كرسيها، وإنما هي من اختصاصات السلطة التنفيذية، أضف إلى ذلك قلة الوعي في إدارة الحملات الانتخابية ومواجهة الجمهور والقدرة على الإقناع بحكمة وعلم، فظهر البعض بصورة تمثيلية رديئة انعكست عليهم بالسلب. وننتقل إلى السلبية الثالثة، والتي يمكن أن أطلق عليها "تحالفات المصالح" والتي لا يقوم أكثرها على التحالف أو التعاون لدعم المرشح الأكفأ وإنما لتبادل المصالح بين فئتين أو أكثر في سبيل إيصال مرشح من هذه الفئة أو تلك إلى كرسي المجلس، سعيا للسيطرة على عضوية المجلس واحتكارها لفئات معينة، مما يعني حرمان من لا ينتمي لهذه المجموعات من خدمة أبناء دائرته ووطنه، حتى وإن كان على درجة عالية من الكفاءة والقدرة لتحقيق ذلك. أما السلبية الأخيرة فهي تخص اللجنة المشرفة على الانتخابات والتي باعتقادي أنها عملت بجد وجهد يشار إليه بالبنان، ولكنها لم تستطع أن توجد آلية مناسبة لتمكين المواطنين القطريين المتواجدين خارج الوطن بممارسة حقهم في المشاركة الشعبية، هذا الحق الذي كفلته لهم المادة 42 من الدستور القطري. إن ظهور مثل هذه السلبيات وغيرها من الأخطاء هو أمر طبيعي لابد أن يصاحب أي عمل بشري، فالكمال لله وحده، وإنما الحكمة تقتضي أن يتم حصر هذه السلبيات والعثرات ومحاولة الاستفادة منها والعمل على عدم تكرارها أو محاولة التقليل من فرص حدوثها مستقبلا. وختاما أقول: لعلك عزيزي القارئ تتساءل ما علاقة متن المقال بعنوانه والذي هو جزء من مثل شعبي يقول "قال قه، قال وين القلب اللي يفقه"، وهو مثل يضرب لمن لا يتقبل النصيحة أو من لا ينفع معه النصح، وأشير هنا أنني لست متشائما أو سوداويا في طرحي لهذا المثل على الواقع وإنما هو استشراف لما قد يحدث مستقبلا، فإنني أكاد أجزم أنه بعد أربع سنوات من الآن "إن الله أحيانا" سوف نرى نفس السلبيات والأخطاء تتكرر ولن يتعظ إلا القليل، وستستمر العصبية للقبيلة والجماعة على حساب الكفاءة، وسيستمر عدم الوعي بدور عضو المجلس، وسيستمر الأداء التمثيلي المبتذل على الناخبين لكسب أصواتهم سعيا للكرسي الموقر، وسيستمر ناخبو "حزب الكنبة" بالجلوس على مقاعدهم الوثيرة دون حراك. @drAliAlnaimi