14 سبتمبر 2025

تسجيل

ثقافة الرضاعة الطبيعية

03 أكتوبر 2013

أنعم الله عز وجل علي بأبنائي الذين ـ ولله الحمد ـ أرضعتهم رضاعة طبيعية، فكنا ـ أنا وأخواتي ـ المثال الذي احتذى به الكثير من أفراد العائلة والأصدقاء. إلا أن الدراسات التي قام بها مركز السدرة للطب والبحوث، وعدد من الخبراء الدوليين حول معدلات الرضاعة الطبيعية في قطر، والتي جاءت من بين أدنى المعدلات إقليميًا أحزنتني. وأتساءل لماذا؟!! خصوصاً وأن الله عز وجل حث على الرضاعة لمدة عامين كاملين لما لها من فوائد صحية واجتماعية ونفسية للطفل والأم معاً، واقتصادية للأسرة. أتساءل لماذا؟!! والرضاعة تقوي العلاقة بين الأم وطفلها ملؤها الحميمية والخصوصية. إلا أنني لم أستغرب ذلك، وأجيب على أسئلتي من واقع خبرتي مع العمل، حيث إن قانون العمل لم يحفظ حقنا كأمهات موظفات. فإجازة الوضع وساعات الرضاعة قصيرة لا توفّينا حقنا الشرعي في الرضاعة، وليس لدى كثير من جهات العمل إجازة أمومة، التي تمتد إلى سنتين من عمر الطفل. ناهيك عن اقتصار الدور الذي يلعبه المختصون في الرعاية الصحية لتعزيز الرضاعة الطبيعية (إن وجدت) بالأيام الأولى من عمر الطفل، وخلال تواجده في المستشفى وعدم امتدادها لما بعد ذلك، واقتصار مواعيد الحمل والولادة على متابعة نمو الجنين وصحته، وصحة المرأة الحامل وعدم تثقيفها بكيفية الرضاعة الطبيعية، وأهميتها وفوائدها، وإمدادها بالدعم والتشجيع اللازمين لإنجاح الرضاعة، وغرز المفاهيم الصحيحة للرضاعة، مقارنةً بالأفكار والتقاليد السائدة القديمة. فمن خلال خبرتي مع المستشفيات، فصل أطفالي عني بعد الولادة مباشرة وإبقاؤهم منفصلين طوال فترة الإقامة في المستشفى، وإعطاؤهم ماء الجلوكوز أو الحليب الصناعي من قارورة الرضاعة والتشجيع عليها، وتقاعسهم عن تقديم الدعم والمشورة عند مواجهة المشاكل والمصاعب عند محاولة الرضاعة. كل هذا بالإضافة إلى أسباب اجتماعية وثقافية تؤدي إلى عدم رضاعة الطفل طبيعياً منذ البداية، أو اقتصارها على الأشهر الأولى من عمر الطفل. ومع التقدم الحاصل في القطاع الصحي خصوصاً في الدولة، والاهتمام بصحة الفرد والمجتمع، كلي أمل أن يتم تنفيذ مبادرة منظمة الصحة العالمية (اليونيسيف) بتحويل مستشفيات الدولة — الحكومية والخاصة — إلى مستشفيات صديقة للأطفال، لتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للصحة، والتركيز على تعزيز ثقافة الرضاعة الطبيعية كبرنامج وطني. وأن تتم إعادة النظر بقوانين العمل الخاصة بالمرأة والأسرة والرضاعة. ليتم خلق بيئة تكون فيها الأمهات قادراتٍ على ممارسة الرضاعة الطبيعية والحصول على المساعدة والدعم والتشجيع من خدمات الأمومة والطفل، المقدمة من قبل مرافق الرعاية الصحية. آخر الاستكانة: همسة أمومة لكل أم، ولكل حامل على وشك الإنجاب، لا تحرمي طفلك حقه في رضاعة حليبك الدافئ المغذي والمليء بالحب والحنان.