17 سبتمبر 2025

تسجيل

بين دعمين: صهيوني لــ"أوروشلم" وعربي للقدس

03 أكتوبر 2013

يولي الكيان الصهيوني أهمية كبرى لمدينة القدس، فبعيْد احتلال الجزء الشرقي منها في 5 يونيو 1967 وفي نفس اليوم أقام الجنود الإسرائيليون حلقات الدبكة، وجاء المتطرفون للصلاة عند حائط البراق. كيف لا؟ وهم في صلواتهم ينشدون شعار "شُلّت يميني إن نسيتك يا أورشليم". مباشرة تم حل مجلسها البلدي وكافة هيئاتها، وقالت إسرائيل جملتها المشهورة: "إن القدس ستبقى العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل". في 17 يونيو من نفس العام أعلن الكيان الصهيوني "بدء تطبيق القانون الإسرائيلي على المدينة المقدسة، وفي 31 يوليو جاء قرار الكنيست بضم القدس إلى إسرائيل لتكون "عاصمته إلى الأبد". للعلم جرى احتلال الجزء الأكبر من القدس في عام 1948. منذ تلك اللحظة بدأت إسرائيل بتطوير عمليات تهويدها. إن ميزانية الاستيطان الإسرائيلية بما في ذلك تهويد القدس تبلغ 1.7 مليار دولار سنوياً (تصوروا!) هذا بالإضافة إلى المبالغ الآتية من المنظمات الصهيونية في جميع أنحاء العالم (وبخاصة من الولايات المتحدة) على شكل مساعدات (هبات)، ومن المنظمات الحليفة من الصهيو-مسيحية!      عملياً بدأ تهويد القدس مع دخول القوات البريطانية إلى فلسطين في عام 1917. إذ قام المندوب السامي بتعيين مهندس بريطاني اسمه ماكلين، وكلفه بوضع هيكل مخطط تنظيمي للقدس، وخلال الفترة من 1922-1925 أقيم 11 حيا استيطانيا فيما اصطلح على تسميته فيما بعد "القدس الغربية". هذه أقيمت على أملاك عربية تمت مصادرتها من قبل سلطات الانتداب، وتقديمها للمنظمات الصهيونية مثل أحياء: "روميما" و"تلبيون" و"سان هادريا". كانت مساحة مدينة القدس سنة 1931، 4800 دونم، وفي عام 1948 وقبيل إنشاء إسرائيل بلغت 20131 دونما. أما الآن فإن مساحة القدس الكبرى تبلغ 600 ألف دونم. التوسيع الإسرائيلي في مدينة القدس الشرقية هي في الجهات الشرقية والشمالية والجنوبية (وليس الغربية) أي في الاتجاهات الشاملة للأراضي العربية الفلسطينية. بالمعنى الفعلي فإن المدينة المقدسة تعيش المرحلة الأخيرة من التهويد، وفعلياً بعد عشر سنوات لن يتبقى منها أي ملامح عربية. مؤخراً صدر قرار إسرائيلي بالاستيلاء على أسطح المحلات التجارية، وقرارات أخرى: بتطبيق المنهج الإسرائيلي في المدارس العربية، وانتزاع الهويات من المقدسيين وإعطاؤهم بطاقات إقامة لمدة عشر سنوات (بهدف مسح المواطنة وتحويلهم إلى مقيمين). الائتلاف الحكومي الإسرائيلي الحالي سوف يتقدم إلى الكنيست الإسرائيلي بمشروع قرار (خلال شهر من تاريخه) ينص على، أولاً: تحويل المسجد الأقصى إلى مقدس يهودي. ثانياً: إلحاق المسجد الأقصى بوزارة الأديان الإسرائيلية. ثالثاً: فتح جميع أبواب المسجد الأقصى أمام اليهود والمستوطنين والمتطرفين. رابعاً: تحويل 70% من ساحات المسجد الأقصى إلى ساحات عامة. اليهود كانوا يملكون في البلدة القديمة للقدس في عام 1948، 5 دونمات فقط، أما الآن فهم يمتلكون 200 دونم. لقد هُدمت أحياء في البلدة القديمة: حي المغاربة هدم وتحول ساحة للمبكى، كما جرى هدم حارة الشرف (وتحولت إلى حي استيطاني)، إضافة إلى مصادرة عقارات كثيرة داخل البلدة. لقد بدأت إسرائيل بانتزاع حجارة من أسوار القدس القديمة واستبدالها بحجارة نقشوا عليها رموزا دينية يهودية لإثبات الحق التاريخي لليهود في فلسطين. الاقتحامات الإسرائيلية الحالية التي تتم للأقصى هي عملياً اختبارات لردود الفعل العربية والإسلامية، وإذا بقيت ردود الفعل باردة كما هي عليه الآن فستجري إقامة ما يسمونه "بالهيكل الثالث" بعد هدم المسجد الأقصى (بفعل الأنفاق التي حفروها تحته). الإسرائيليون يعملون وفقاً لحقيقة "من يمتلك القدس بالضرورة يمتلك كل فلسطين". انطلاقاً من هذه الحقيقة فإن صلاح الدين الأيوبي وبعد انتصاره في معركة حطين في 4 يوليو 1187م، انتقل مباشرة إلى تحرير القدس وكان ذلك في 2 أكتوبر عام 1187م ولم يذهب قبلها إلى تحرير أي بقعة أخرى.     مثلما قلنا سابقاً: فإلى جانب الميزانية الكبيرة التي خصصتها إسرائيل لتهويد المدينة المقدسة والاستيطان، هناك الدعم الصهيوني الذي يقدر بمئات الملايين من الدولارات سنوياً، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن الملياردير الأمريكي اليهودي الصهيوني ايرفنج موسكوفيتش يمول لوحده أحياء استيطانية بكاملها، إضافة إلى الاستيلاء على عقارات جديدة للمقدسيين بطرق التفافية خداعية. مؤخراً قام بتمويل الاستيلاء على 70 عقاراً في البلدة القديمة من القدس و40 عقاراً في سلوان وغيرها. في إسرائيل جمعيات استيطانية كثيرة تعمل على تمويل المستوطنات وتتلقى الدعم الخارجي، وأشهرها "عطيرات كهانيم" و"شوفوبنيم" و"ألعاد" وغيرها. المشروع الأهم الذي مولهُ موسكوفيتش قبل عدة أعوام هو: بناء حي استيطاني في رأس العمود. الفلسطينيون والعرب والمسلمون دائمو التغني بالقدس ولكن نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً.