17 سبتمبر 2025

تسجيل

"الدروس المهمة من أحداث الأمة" (1)

03 أكتوبر 2012

اللحظات الحاسمة الحمد لله الذي ما شاء صنع، من شاء أعطى ومن شاء منع، ومن شاء خفض ومن شاء رفع. ومن شاء ضرّ ومن شاء نفع. لقد خرجت هذه الثورة الشعبية والتظاهُرة السلمية، مطالبةً بتغيير النهج لا الوجوه، وكفْ كفِّ الفساد،، ومدْ يدِ الصلاح والإصلاح،وإحْلال الأخيرة محل الأولى، وإنقاذِ البلاد والعباد مِن مساوئِ الاستبداد وأركانِ الفساد،إلا أن الرجل  صدَّ عن سواء السبيل، وغفل عن فِعال الجميل، وتَاهَ عن الطريقة المُثلى، وفارق العروةَ الوُثْقى، وجَارَ عن سواءِ الصِّراط، ولجَّ في الغُلُو والإفْراط، وتركَ سبيلَ الهُدي والرَّشاد، وسلم سبيل الردى والعناد، وتنكَّب مناهج الهدي، وركبَ سنن الضلالة والردى، وتمسَّك بحبائل الشيطان، ولَزِم الطغيان، وترك الحقَّ الذي وَضُح وبَان، وهجَر الصِّدق، وتَبِع الهوى، وفارقَ الهُدي. وتولَّى الشيطان. "وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً * أُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً"  ‏لقد سلك سبيلا، يُعلِّق القلوب،ويُذْهِل الألباب، ويُحَيِّر العقول، ويُوْرِث الذُّهول، ويَشْغل الخواطر، ويُكْثِر الوساوس، ويُطِيل الهَوَاجس، ويُبَلْبل الأحشاء، ويُقَسِّم الأفكار، ويَقِل معه الاصطبار، ويُصْدئ الأذهان، ويُشغل الجنان. لقد أقامَ على ضلالته، وثَبَتَ على جهالته، وانهمكَ في غِوَايته، وَتَهَوَّر في عَمَايته، وتَمَسَّك بشقاوته، ولجَّ في طُغْيانه، وتَبَجَّح بِعُدْوانه، ولجَّ في سكرته، وأولجَ في غِرَّتِه، ودامَ على إصراره، وتمادَي في اغتراره، ولَهَجَ بِغَيِّه،وأقامَ على عُتُوِّه،وأخلدَ إلى عُنُوده،وتمسَّك بإبائه، وأصرَّ على إلْتِوَائه، وخَبَط في عَشْوَائه، واستحْوذَ عليه شيطانُه، فلا تَراه إلا على غَيِّه مُصِرًّا، وفي ضلالته مستمرًا. "اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ* *إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ فِي الأَذَلِّينَ. كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ" إِن الدُّنْيَا دَارُ غرور، ومنزلُ بَاطِل وزينة، تقلب بِأَهْلِهَا، تُضْحِك باكياً، وتُبْكي ضَاحِكا، وتُخِيف آمنا، وتُؤَمِّن خَائفًا، تُفْقِر مُثْرِيها، وتُقَرِّب مُقْصِيها، ميَّالة لاعبةً بِأَهْلِهَا. أيُّها الحزب ونظامه: الحمد لله الذي له الخلق والأمر، ومالك الدنيا والآخرة، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، الحمد لله الذي فضّ حزمتكم ، وفرّق جمعكم، وأوْهَن بأسكم، وسلَبَ مُلْكَكم، وأذلَّ عزكم، الْحَمد لله الَّذِي أَزَال نِعْمَتك، وأدال عزك، وصيرك نكالًا وعبرة، الحمد لله الذي لا يَخيب لديه أمل الآملين، ولا يضيع عنده عمل العاملين. الْحَمد لله الَّذِي لَا يفوتهُ من طلب، وَلَا يُعْجزه من هرب لا تغبطنّ أخا الدنيا بمقدرةٍ .. فيها وإن كان ذا عزٍ وسلطان إنّ الليالي لم تحسن إلى أحدٍ .. إلاّ أساءت إليه بعد إحسان والعيش حلوٌ ومرٌّ لا بقاء له .. جميع ما الناس فيه زائلٌ فان يكاد يكون من المؤكد يقينا، أن زلزال يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من يناير من العام الحادي عشر بعد الألفين، من ميلاد المسيح عليه السلام،الموافق للحادي والعشرين من صفر الخير من العام الثاني والثلاثين بعد الأربعمائة وألف من هجرة سيد الأولين والآخرين،، ومثله يقينا: الخميس: السابع عشر من فبراير من العام الحادي عشر بعد الألفين، من ميلاد المسيح عليه السلام الموافق : الرابع عشر من ربيع الأول من العام الثاني والثلاثين بعد الأربعمائة وألف من هجرة سيد الأولين والآخرين من المؤكد يقينا أنه كان في رحم الغيب الإلهي فقط، فلم يَخطر ببال، ولا تَحرَّكت بِهِ الخواطر، ولا جَالَ بِهِ فِكْر، ولا جَرَى بِهِ ذِكْر، ولا تُصُوِّر لِفَهْم، ولا أحاطَ بِهِ علمُ أحد من البشر، ولا خَطَرَ فى خَلد، ولا اضطربت بِهِ حاسَّةٌ، ولا عَلِق بِوَهْم أحد، ولا جَرَى فى ظنٍ، ولا سَنَحَ في فِكْر شخص، ولا هَجَسَ في ضميرٍ، ولا حواه تقدير، ولا حزاه تفكير، ولا اتجه إليه تَوَهُّم، ولا صادَفَه تَوَسُّم، ولا وَقَعَت عليه فِراسة، ولا نطقت بِهِ قِيَافة، ولا أحاطت بِهِ معرفة، ليقضي الله أمرا كان مفعولا، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة، وما كان الله ليطلعكم على الغيب، دل على ذلك كيفية التعاطي معه، فلم يصدر - مُبَكِّرا - ثمةَ بَيَان صغيرٌ، يمتصُّ غضبَ الجماهير الهادر، أو يُهدِّئ من ثائرتها، لِأوَّل الأمر، فبعد أربعة أيام – كما قيل - سكت دهرا ونطق هَجْرا، تكلمَ وَيَاليته لم يتكلمْ، فما زاد حديثُه الشعب وشبابه إلا حنقا على النظامِ والحزبِ، وَشُخُوصه، ولم تُفْلح الوعود التي قدَّمها في تخفيف الاحتقان، أو اسْتِئْصَال الشحناء، لتَصَدُّع جِدَار الثِّقة، وليس لمكذوبٍ رأيٌ، كما لا يدري المكذوبُ كيف يَأْتَمِر، وإذا كذبَ السَّفير بَطَل التدبير. وسبحان الله !! ما يريد أن يبرحَ الكرسي، وما أقنعه ما نهبهُ خلال عقودٍ ثلاثة، وليس بِدَعًا في تلبده وتشبثه بالكرسي، إنْ هي إلا فِتْنةُ أمثاله، لا يُريد أن يتركَ الكرسيَّ إلا وهو أذلُّ مِن النَّقْد، ما إِنْ يتبوأ أحدُهُم هذا الكرسي، حتى يَبْدو لِشَعبه واهمًا وَمُتَوَهِّمًا، أنه وحيدُ القرنين، مُنْقطع القرينِ، فَريدُ زَمَانه، وَزَهْرةُ إخوانه، وحليةُ أكْفَائه، وكوكبُ نُظَرَائه، وما أعظمَ قدرةَ الله وفضلهِ،؛ عن أن يقطع بأمة محمدٍ - صلى الله عليه وآله وسلم -، أو أن يَقْعد بها دون من ينهض بشأنها ويقوم على أمر دينه وشريعته، يقودها إلى الله تعالى على بصيرةٍ وهدي، هذه الجماهير قد خرجت تغلي فى قلوبها مراجلُ العداوة، وتلتهبُ نارُ البغضاء، لما أثقلَ كاهلهَا من أعباءٍ ومظالم ومفاسد.  فقد ضلَّ عن سواءِ السبيل، وتركَ منهجَ الأمانة، وَسَلك مَدرج الخيانة، وأكثرَ بِحِزبه في الأرض الفسادَ، وظهرَ منه العنادُ، واستعلى المراد،  لقد غاب عنْهُ أن لسانَ حالِ الثورةِ يقول إنَّ قناتي من صليبات القنا .. مازادها التثقيف إلا ضغنا لقد كان لسان قالِ المتظاهرين " ثُوَّار هنكَمِّل المشوار " ولسان حال هؤلاء الثوار قائلا أمام هذا العنادِ والمكابرة، وهم يُريدون الكسر من زَهْوه، والمُطامنةَ مِن نَخْوته، وقَمْعِه مِن طُغْيَانه، كان لسانُ حالِهِم قائلا وكنَّا إذا الجبار صعَّر خدَّه .. ضربناه حتى تستقيم الأخادع. الحمد لله الذي ردَّهم في أكفانٍ من المذلة، وقَبَرَهم في لحودٍ مِن الخوف والوحشة- هذه الثورة من علاماتِ اليُمن، وأماراتِ الخير، وتباشيرِ النصر، آيةٌ من آيات الله تعالى الباهرة،لا يستطيع كائنٌ من كان أن يتجاوَزها، أوْ يتغافل عن إمكانية تَجَدُّدِها - إذا لم تتحقق أهدافها-  أو انبعاثها لبقاء بواعثها ودوافعها، كما لا يستطيع أحد إنكار آثارها،لقد صححت هذه الثورة للشعب المصري بل للشعوب العربية، حقها بالحجج النيرة، والبراهين الساطعة، والشواهد الصادقة، والدلائل الناطقة. ولم لا وقد  استرد الشعب بهذه الثورة كرامته وسلطاته، بهذه الثورة من ميدان التحرير رجع الأمر إلى نصابه، وأعاده الله إلى أهله، وأقرَّه في قراره، وردَّه إلى معدنه، وطلعت الشمس من مطلعها، وأخذَ القَوسَ باريها، وعادَ الرميُ إلى النَّزَعة، وهم الرماة.أعنى بهذه السلطات، ما قد أشار إليه الفقهاء من أن الحاكم يستمد سلطانه وولايته من الأمة، وليست ولايته أو حكمه للبلاد حقا أصيلا له يستأثر به دون غيره، وليس له أن يدعي أحقيته السلطة بتفويض من السماء،كما كان يزعم ملوك أوربا إبان القرون  الوسطى، وأن الحاكم ليس معصوما من الخطأ، فكل بنى آدم خطاء، ولا عصمة إلا لنبي، ولا نبوة بعد صفوة الخلق محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأنه لا حق له في التشريع بما لم يأذن به الله؛ وإنما دوره تنفيذ أحكام الشريعة ويجتهد في نطاقها إن كانت له أهلية الاجتهاد، بدليل عدم إعادة الأمر بطاعته في آية الطاعة – كما أعادها في بيان حق الرسول صلوات الله وسلامه عليه، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً"النساء: {59}‏، وأنه ليس للحاكم سلطة روحية، كما الشأن لبابا الفاتيكان رئيس الكنيسة الكاثوليكية في العالم، فلا يُحرِّم ولا يُحل ولا يَمْنح صكوك غفران، ولا حرمان.كل هذه المفاهيم، التي قررها الفقهاء بشأن الحاكم في الدولة الإسلامية، هذا وبالله التوفيق، وللحديث صلة بحول الله وقوته. هوامش: النساء:(119-121) المجادلة: ( 19 -21)