12 سبتمبر 2025

تسجيل

البيئة الاستثمارية وفرص النمو في آسيا

03 أكتوبر 2012

البيئة الاستثمارية المرتكزة على معطيات الاقتصاد القائم في كل دولة تعد مطلباً للنمو، لأنها تتيح للمبادرين اقتناص الفرص التجارية والصناعية، وصياغة تعاقدات تتكيف مع احتياجات الإنماء لديها. عالمنا اليوم يسعى إلى صياغة رؤية جديدة في جذب استثمارات عملاقة في مجالات البنية التحتية والاتصالات والطاقة المتجددة والسياحة، إذ لم تكن تلك الأعمال مقصداً أو مطلباً في وقت مضى ولكنها في عصر المستجدات أصبحت ضرورة تنموية لأيّ دولة تبحث عن ريادة اقتصادية. وما دعاني إلى تناول هذا الموضوع هو المؤتمر الذي تستضيفه الدوحة "آسياد آسيا" الذي يدرس آليات الجذب الاستثماري نحو آسيا في المجالات التي ذكرتها، فالخبراء يبحثون في كل محفل كيفية دعم الشراكات الفردية والمؤسسية لتأسيس بيئة أعمال آمنة. يوجز المؤتمر أهدافه بالكشف عن الفرص المتاحة في آسيا، وآلية الربط التناغمي بين قارة آسيا ودول الخليج، وكيفية الاستفادة من المعلومات المتخصصة التي يقدمها الخبراء للمستثمرين، والاستفادة من الأدلة المعلوماتية والصناعية التي تكشف تلك الفرص، وأهم تطورات البنية التحتية في كل دولة، وكيفية ممارستها لأعمالها التجارية. يشير تقرير "إتش بي سي" إلى أنّ فرص الاستثمار في آسيا واعدة أكثر منها في أوروبا، لتوافر الموارد الغنية غير المستغلة في الطاقة والزراعة والمياه، كما يشير أيضاً تقرير منظمة الأمم المتحدة للتنمية "الأونكتاد" 2012 إلى أنه في 2010 ازدادت أهمية الاقتصادات النامية والآسيوية باعتبارها متلقية للاستثمارات الأجنبية، وبدأ العالم يتحول صوبها لما تملكه من مقومات واعدة للإنتاج، وأنشأت العديد من الصناعات المفتقدة مثل صناعة السيارات والطاقة البديلة والإلكترونيات والفضاء الجوي والاتصالات. يقدر "الأونكتاد" حجم الاستثمارات الأجنبية في 2011 بـ"1،6" تريليون دولار والمتوقع ارتفاعه إلى الضعف في 2013، فيما تمكنت آسيا من اقتناص أكثر من نصف هذه التدفقات. إزاء هذا التدفق الهائل من الاستثمارات كان لا بد من وضع خطط قابلة للتطبيق للاستفادة من الإمكانات والموارد المتاحة في آسيا والتي لم تتأثر بدرجة كبيرة بالانهيارات المالية التي تعصف بأوروبا. وما قصدته من البيئة هي المعطيات المتاحة في كل دولة لصياغة رؤية استثمارية تتجه نحو أقطاب اقتصادية عملاقة ستؤتي ثمارها خلال السنوات القادمة، وكلنا يعلم مدى النمو الذي حققته آسيا في كل المجالات، فقد برزت على الساحة الدولية كمجتمعات استطاعت أن تنهض بنفسها وبإنتاجياتها المحلية في وقت يعاني فيه عالمنا من عدم استقرار. فالسبيل إلى هذه البيئة هو دراسة الواقع بتأن، ثم الشغف الذي يجعلنا أكثر قرباً من الدراسة الجادة للوضع الراهن، وإيجاد فرص للتمكين في الاقتصاد الآسيوي، وأستشهد هنا بالاتفاقية الاقتصادية لأمانة دول مجلس التعاون الخليجي التي بينت الشروط الواجب توافرها في البيئة وهي توحيد الأنظمة الموجهة نحو الاستثمار، والعمل على تكامل الأسواق المالية، وتذليل الصعوبات أمام المستثمرين. التحدي الأكبر الذي يواجه العالم ليس في نقص الموارد المالية أو البنى التحتية إنما في رأس المال البشري الذي يدير تلك المعطيات بوعي، وأنه من دون وجود العنصر الكفؤ لا يمكن النهوض بأيّ استثمار. في نظرة سريعة إلى المشهد الاستثماري في دول الخليج فإنّ الأمانة العامة لدول التعاون عبر موقعها الإلكتروني تشير إلى أنها تحتل مراكز متقدمة في مؤشرات تحسن بيئة الاستثمار والحرية الاقتصادية والتنافسية العالمية، حيث تحتل قطر المرتبة "24"، والإمارات المرتبة "25"، والسعودية المرتبة "27"، وسلطنة عمان المرتبة "32"، والبحرين المرتبة "39" في مؤشر بيئة الاستثمار العالمية من مجموع "177" دولة. فالمنطقة الخليجية من الشراكات الإستراتيجية لآسيا لأنها ترتبط معها بتعاقدات صناعية وخدمية وتجارية، ولابد للشركات الوطنية أن تدرس بعناية البحث عن فرص جديدة فيها.