13 سبتمبر 2025
تسجيلمنذ أيام قامت السلطات المحلية بالإسكندرية بتدمير تسعة محال لبيع الكتب القديمة في شارع دانيال الذي أصبح مزارا سياحيا ثقافيا ينافس سور الأزبكية بالقاهرة، وكانت الحجة السخيفة لهذا العدوان: منع التعديات، وتنظيم الشارع – مع أنه شارع جانبي وليس رئيسيا – وظاهرة بيع الكتب القديمة موجودة في أعرق مدن العالم المتقدم وأكثرها اهتماما بالسياحة، وهذا التصرف يعيدنا إلى حادث مماثل قريب، وفي الإسكندرية أيضا! - حين نشرت صحيفة اليوم السابع خبرا عنوانه " جامعة الإسكندرية تطرد "عم جمعة" أقدم بائع جرائد لأنه لم يدخل المزاد " وجاء في الخبر أن محمد جمعة (59سنة) أنشأ كشكا لبيع الجرائد داخل الحرم الجامعي لكلية الطب بجامعة الإسكندرية منذ عام 1977 ويدفع للجامعة إيجارا عن هذا الكشك 210جنيهات شهريا. وبعد اثنين وثلاثين عاما استقرت فيها حياة الرجل وأسرته على دخله الثابت المحدود من هذه المهنة، عاصر فيها خمسة وعشرين عميدا ووكيلا لكلية طب إسكندرية، فوجئ الرجل بعميد الكلية الحالي يطلب منه ترك الكشك، بحجة أعمال التجديد، وأفادت إدارة العقود بالجامعة بأن عقد "عم جمعة" مدته عام واحد ويتم تجديده برضا الطرفين.. إلى أن ورد [ باسم الله ما شاء الله!!] تقرير من الجهاز المركزي للمحاسبات يتضمن عدة (مخالفات) ارتكبها المستأجر خارج بنود العقد، حيث مارس أنشطة أخرى بخلاف بيع الجرائد!! مما يستوجب عمل مزايدة جديدة للتأجير. انتهى الخبر. وتبدأ التساؤلات... ما "الأنشطة الأخرى" التي (مارسها) هذا العربيد الفاجر المجاهر بمعصية مخالفة العقد؟ أكان يبيع الهيروين أو البانجو؟ لو فعل ذلك لاستتر حتما ولما طالته تلك العيون (المفنجلة!!) لديوان المحاسبات!! أكان يبيع حبوب الهلوسة التي يحكي عنها سيادة "الحقيد القذافي". لو فعل ذلك لظهرت ثورة الشباب على التوريث الذي يمارسه أساتذة جامعتهم منذ عقود جهارا نهارا!! لابد أن الرجل كان يستعين على ملاليم مكسب بيع الجرائد ببيع بعض البسكويت أو علب العصير للشباب. وهذا – في عرف الجهاز النبيه الصاحي – إثمٌ كبير لا كفَّارة له إلا بالتنكيل بالرجل وطرده (مع أنه يدفع إيجار المكان)؟ أين كان الجهاز المركزي للمحاسبات (الفتوة) وإدارة العقود بالجامعة حين كانت الندوات تُعقد للوريث العريس بالجامعة ويُنفَق عليها ملايين الجنيهات لا يجرؤ أحد من أكبر الكبار على مجرد السؤال عن جنيه واحد منها؟ ألم يكن البحث في هذه الناحية أهم من ممارسة الفروسية والبطولة على أسرة فقيرة ترتزق من ملاليم مكسب بيع الجرائد لتستر أعراض بناتها وتستر بطالة أبنائها؟ أين كان الجهاز المركزي للمحاسبات (الفتوة) وإدارة العقود بالجامعة حين تولى رياسة تلك الجامعة رجلٌ لم يحصل إلا على الماجستير وتم تزوير شهادته على أنها تعادل الدكتوراة لأن (خاله) كان رئيسا للجنة العليا للبعثات فأفتى بأن شهادة الماجستير من جامعة كولومبيا المبتعث لها المحروس ابن أخته تعادل شهادة الدكتوراة من أي جامعة على كوكب الأرض! وسرعان ما عاد الفتى يركض بماجستيره ليصبح الدكتور ثم المساعد الأستاذ ثم الأستاذ ثم العميد ثم الرئيس لتلك الجامعة العريقة؟ ألم يكن البحث في هذه الناحية أهم من ممارسة الفروسية والبطولة على أسرة فقيرة ترتزق من ملاليم مكسب بيع الجرائد لتستر أعراض بناتها وتستر بطالة أبنائها؟