15 سبتمبر 2025

تسجيل

شكراً سعادة الوزير على "ضالة المؤمن"

03 أكتوبر 2011

لقد أهديتني علماً وكما نفعتني بعلمه أردت أن أجعل مفاده مشاعاً ليفيد الآخرون منه.. لست من أولئك الذين ينتظرون الهدايا إلا تلك المرتبطة بالحكمة فهي ضالتي المنشودة التي دائما أشعر أنني فقيرة إليها، وأفرح بها مثلي مثل الطفل الذي يتلقى قطعة من الحلوى.. إنها الكتب أو ما يوازيها من وسائط المعرفة.. لقد كانت الأسطوانة CD بالمحاضرات التثقيفية التي قدمها سعادة الدكتور محمد بن صالح السادة، وزير الطاقة والصناعة لزوجي إهداء لكاتبة هذا العمود.. بعنوان: " There is a spiritual solution to Every Problem" ترجمة حقيقية لمقولة أحبها وأحب العمل بها، وهي: "زكاة العلم نشره" لذلك استحقت الشكر. وزير الطاقة لفت انتباهي إلى اهتمامه بتكاملية وزارته، يدلنا على ذلك اهتمامه الشخصي بأنواع أخرى من الطاقة غير طاقتي النفط والغاز، وما إليهما من أنواع الطاقة المحركة في مجال الصناعة، بل لعلها الأهم للبشرية على الإطلاق لأنها إما أن تيسر حياة المرء أو تهدمه، وهي "الطاقة الروحية الكامنة في الإنسان: الإيجابية أو السلبية، وليست تلك الطاقة المرتبطة بحقيبة الوزارة فحسب. إذن الطاقة هي سبيل حل مشاكل الإنسانية وليس النفط.. (نعني الإيجابية منها). العمل عبارة عن مجموعة من المحاضرات المشهورة للدكتور: Wayne W. Dyer، وهو يعد The #1 New York Times best — selling author of Inspiration وقد اختصر "الدكتور واين" الموضوع في ثلاثة مصطلحات هي"المشكلة، الروحانية، الحل"، وبها تختزل كل المشاكل بايجابية تستدعي النظر لها مدخلا لإيجاد الحلول لا النظر لها من زاوية الإشكالية، معرفاً "المشكلة" في حد ذاتها بأنها "ليست لدى الإنسان أية مشكلة، ولكنه يعتقد أن لديه مشكلة"، إنها الإيجابية في آلية طرد المشاكل. "والروحانية" بان يحرص الإنسان على أن يكون يومه أفضل من أمسه بعدة أخلاقيات، منها: التسامح والحب غير المشروط والارتباط بالعالم والكون. اما "الحل" فكون المشاكل في الأصل تحمل طاقة معينة، لذلك فان الحل غالبا ما يكون في بذل مزيد ٍ من الطاقة في مواجهة أي تحد ٍ باتجاه مضاد له، فالحب في مواجهة الكراهية، والنور في مواجهة الظلمة، والسعادة في مواجهة الحزن وهلم جرا.. أي بذل مزيد من الطاقة الإيجابية المعروفة.. وعلى الرغم من البون الشاسع بين قطاعي الطاقة والصناعة، وقطاعنا قطاع الكلمة "الصحافة"، فإن كل القطاعات تلتقي أخيراً في إنسانية العلم والثقافة التي يحرص عليها من يقوم عليها، وفي النقلة المعرفية التي خلقت الترابط الفكري بين البشر. أمَا وقد شاع في العالم مؤخراً مصطلح ثقافي فكري ومهني مفاده بناء مجتمعات المعرفة ومصطلح ثقافة المعرفة، او حتى في مجال العمل "الإدارة بالمعرفة"، وكلها مصطلحات تؤكد أهمية التبادل الفكري والمعرفي الأفقي والرأسي بين البشر، لذلك فوصول هذا الإهداء التثقيفي وأنا — في إجازة مهنية فقط لا فكرية — وعلى بعد قارات عن قطر.. يزيدني إيمانا بدور الطاقة في حياة البشر.. التي وإن كان نفطها وغازها يحتاجان لأنابيب وخطط زمنية وجغرافية ومعاهدات ووقت، فإن الطاقة الايجابية البشرية لهي المحفز الأكبر الذي يختزل كل المسارات، ويحرك سائر الطاقات. كما يزيدني ذلك تشبثاً بقداسة الكلمة ومهنتها الحرة والدائمة التي لا سلطة ولا سلطان عليها، تلك التي أحتفي وأفتخر بها فوق كل المهن!! اقتربت من قطر أو بعدت عنها، لأن الفكر لا يتوقف ولا يبتعد، وتواصل العلم شرف يقرب كل بعيد. ومما يطيب تذكره هو أنني قبيل عودتي من الغربة نهاية الصيف زارني قريب لي من الطلاب القطريين في أمريكا، وقضى معنا أسبوعاً نناقش موضوعات ذات اهتمام مشترك ونتنقل بين ثنايا عالم الانترنت ونخرج إلى "بوردرز" لنتبادل ما نريد شراءه من عناوين المعرفة الأدبية على وجه الخصوص.. وعند عودتي لقطر أهداني "محمد" كتاباً مفاجأة، لأنه كان قديماًً.. أثرياً.. لون صفحاته صفراء تكاد تبلى، وليس له نسخ في بوردرز أو أمازون. كوم، والأهم أنه حمل على هوامشه تعليقاته النقدية التي أعُدها كنزاً من كنوز المعرفة، وحصاداً سيختصر علي كثيراً من المخاض النقدي لإنسان احترم عقليته، أهداني الكتاب وهو تقلّه طائرته لولايته، قافلاً قائلاً: سامحيني يا خالتي هديتي بسيطة. قلت: هل تعتقد أنني سأحصل على أعظم من هذه هدية؟!!! فلاسفة اليونان يقولون "تكلم يا أخي حتى أراك" والكتاب أو المعرفة وخياراتهم رسول صامت بفكر المرء، شخصيته، ومنهجيته في الحياة، بل وتقديره لمن يوجهه له، "فقل لي ماذا تقرأ، أقل لك من أنت". يبلى الجسد ولا يبلى العقل، وتبلى المادة ولا يبلى العلم.. فلكل من خاطب العقل وشحذ طاقتنا وهمّتنا التحية والتقدير.. كاتبة وإعلامية قطرية Twitter: @medad_alqalam medad_alqalam @ yahoo.com