14 سبتمبر 2025

تسجيل

قصف الطائرة القطرية في الجو

03 سبتمبر 2017

لا يمكن بأي حال من الأحوال قبول تعريض الركاب المدنيين على طائرة مدنية للخطر، عبر قصفها بصاروخ أرضي أو جوي بهدف إسقاطها. كما أن المواثيق الدولية تُحرّم ذلك. ولا أعلم لماذا تقوم قناة (العربية) ببث الفيلم التحريضي الذي يحمل هذا المعنى، المتجاهل لحقوق الإنسان وللأعراف الدولية، حول إمكانية "تعرُّض أي طائرة ركاب قطرية للقصف إذا اخترقت المجال الجوي لدول الحصار الأربع"؟ وهو بث تجاوز نصوصَ القانون الدولي المختص بالطيران، وتجاوز الأعراف المهنية في دائرة الإعلام. لأنه يبث الذُعر بين الناس ويتجاوز حقوق الإنسان والمعايير الدولية في تأمين سلامة الركاب المدنيين، حتى ولو كان على متن الطائرة مجرمٌ أو مجرمون، وحتى إن كانت الطائرة المدنية مُختَطفة، فإن القانون لا يجوز قصفها وقتل الأبرياء من ركابها. والنص المعمول به في مثل هذه الحالات يقول: "مع الأخذ بعدم إسقاط الطائرات المدنية وذلك حفاظاً على الأرواح البشرية"! ولقد جرّمت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا بثَّ هذا الفيلم التحريضي، المُخالف للأعراف الإعلامية، والذي يصبُّ في خانة الإرهاب والدعوة إليه، في حين تدّعيّ دول الحصار أن دولة قطر "تدعم" الإرهاب! وقالت المنظمة إن ما بثته (العربية) يُعتبر تجنياً على قواعد القانون الدولي وتحريضاً على ارتكاب جريمة خطيرة، ودعت المؤسسات المعنية في المجتمع الدولي إلى "ملاحقة ومحاسبة المسؤولين عن بث هذا الخطاب"، مُعللة "أن أرواح المدنيين لا يمكن أن تكون محلاً لخطاب إعلامي تحريضي مُشبع بالكراهية"! ولقد قالت صحيفة (الإندبندنت) البريطانية "إن الإعلام السعودي بات يصنع الأخبار الزائفة، وتجاوز التحريض وترويج التهديدات، ضمن حملته المستمرة على قطر". في إشارة لبث قناة (العربية) للفيلم التحريضي بقصف طائرات (القطرية) إن عبرت أجواء دول الحصار. كما تناولت مجلة (نيوزويك) الأمريكية ذات الموضوع؛ حيث أصبحت (الإندبندنت) و(نيوزويك) في مرمى نيران قناة (العربية) لأنهما تناولتا موضوع الفيلم التحريضي ضد طيران (القطرية)! نحن لا نعلم لماذا يتجاوز هذا الإعلام المُضلل حدودَ الإنسانية والعقل!؟ ويستهين بأرواح الأبرياء الذين لا ناقة لهم ولا جمل في قضية الحصار المفروض على دولة قطر منذ الخامس من يونيو 2017؟ إذ ماذا يستفيد مَن وَضعَ ذاك الفيلم من التحريض على قتل 260 عاملاً آسيوياً عائدين إلى دولهم لرؤية ذويهم؟ أو قتل عشرين عائلة عربية تستخدم الخطوط الجوية القطرية؟ وهل بث ذاك الفيلم بقصد الحد من ارتفاع أسهم الخطوط القطرية على المستوى العالمي، ومحاولة لتخويف الناس من استخدامها في تنقلاتهم، لأنها تقدّم خدمات تُعتبر الأفضل بين شركات طيران العالم؟ أم أن ذاك البث يهدف إلى كسب ذوي النفوس الضعيفة من الفاشلين في الحياة، كي يتطوعوا لذلك العمل الإجرامي؟ ويقدّموا أنفسهم كبش فداء لعمليات إرهابية تطال المدنيين؟ لا بد من إيصال ذاك الفيلم التحريضي ضد الخطوط القطرية إلى الجهات الدولية في هيئة الطيران المدني، والمطالبة بتطبيق اتفاقية (شيكاغو) للطيران المدني. بل ولابد من وضع قناة (العربية) أمام القضاء الدولي، لأن الفيلم المذكور الذي بثته القناة، تضمن كراهية للآخر، لا تختلف عن أعمال الفصل العنصري، وبث التخويف والترويع في نفوس الآخرين من الأبرياء. لا يمكن أن يصل الفجور في الخصومة بين "الأشقاء" إلى درجة سماح القائمين على (العربية) ببث مثل ذاك الفيلم، فقد يكون بين الطائرة المُستهدفة ابن عم صاحب القناة، أو صديقه أو بنت خالته، أو أي إنسان بريء!! ولماذا تقوم القناة بترويع الناس والترويج للقتل بهذه الصورة، والاستهانة بحياة الآخرين؟ ولماذا تقوم (العربية) بما تحاربه في برامجها من فضائع (داعش) أو غيرها من المنظمات الإرهابية؟ وهل أصبح العالم "غابة" متضاربة الأهواء، يقتل فيها مَن يشاء، ويحرّض على القتل فيها مَن يشاء؟ إن الإعلام منارة للعدل والحق والحرية، ولم يكن في يوم من الأيام وسيلة للكراهية والتحريض وتوجيه العقول المريضة نحو قتل الآخر، دون ذنب أو تبرير!؟ والإعلام الذي يحترم جماهيره يقدِّم لهم الحقيقة لا الافتراضات، أو الدعوات المُحرّضة ضد الآخر! ولا يجوز أن يُقدِم هذا الإعلام على زعزعة ثقة الآخرين بما يختارونه، مساهمة في (حرب إعلامية) غير نظيفة، للأسف تُدار بين الأشقاء عبر سواعد وأفكار الآخرين الذين لا يهمُهم في استقرار المنطقة ورخائها وأمنها، بل يطمحون نحو تحوُّلها إلى أي من دولهم التي طالها الدمار والقتل والفساد، ورخص قيمة الإنسان!؟ كما أن الإعلام ينادي بقيم الجمال والحق والعدل، فهل ما تضمنه الفيلم الذي بثته (العربية) هذه القيم؟ وهل توقع واضعو الفيلم أثر ذلك الفيلم نفسياً على المشاهدين، وموقفهم من رؤية طائرة يلاحقها صاروخ أو قذيفة؟ ألم يفكر واضعو الفيلم بالحالة النفسية للمشاهدين وهو يتصورون أنفسهم داخل تلك الطائرة؟ ثم ما هو موقفهم من السفر جواً؟ هذه أسئلة كان يجب على قناة (العربية) وضعها أمام المحللين النفسيين، قبل أن تفاخر ببث ذاك الفيلم التحريضي غير المقبول إعلامياً!؟ ولعلنا نتساءل هل يرضى حاكمٌ خليجي بسقوط طائرة قطرية وقتل مائتين أو ثلاثمائة إنسان من ركابها دون ذنب؟ بل هل يرضى مواطن في أي بقعة من العالم قصف طائرة مدنية، حتى لو كانت تابعة لنظام عنصري، أو نظام يهدد العالم بصواريخه الباليستية، مثل كوريا الشمالية؟ وهل الشهامة العربية والدم العربي رخيصان لهذه الدرجة حتى تُطالب قناة خليجية بقصف طائرة قطرية مدنية؟ نحن نعيش أزمة وعي! وللأسف، المأجورون من الإعلاميين العرب رموا مبادئَهم في سلة المهملات، وأغراهم "إخضرار" الدولار، وتفننوا في "فجور" الخصام على دولة قطر، واستغلوا الموقف، ليُثبتوا وقوفهم مع الشيطان ضد حق دولة قطر. نحن في قطر لا نتمنى أن تُقصف أي طائرة سعودية أو إماراتية أو بحرينية أو مصرية، أو أي طائرة في العالم، لأن للركاب حق الحياة، ولا يمكن أن يُحكم عليهم بالإعدام دون جريمة! بل نحن نتألم لو حلَّ زلزال في أي بقعة من العالم، وتهبُّ دولنا لمساعدة المتضررين، فكيف يقبل المسؤولون في قناة (العربية) ببث فيلم يحمل مضامين الحقد والكراهية ضد البشر، ويُهدد بقتلهم إن سافروا على الخطوط القطرية!؟ إنها أزمة وعي، وفي ظل غياب الوعي يمكن حدوث غير المتوقع، ويمكن أن يحل الجنون محلَ الحكمة، في ظل ميكافيلية (الغاية تبرر الوسيلة)! وكلنا يعرف "غاية" الإعلاميين الذين باعوا ضمائرهم، وسجَدوا للدولار قبل نشرة الأخبار.