14 سبتمبر 2025

تسجيل

العمالة الأجنبية والأوضاع الاقتصادية

03 سبتمبر 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تواجه العمالة الأجنبية في دولنا الخليجية صعوبات متزايدة، في ظل خطط الإصلاح الاقتصادي التي تتبعها حكومات هذه الدول لمواجهة الأعباء الاقتصادية المتجددة وعجز موازناتها بفعل أزمة انخفاض أسعار النفط التي قلصت وارداتها المالية. تلك الصعوبات التي أدت إلى رفع أسعار السلع والمحروقات، وفرض ضرائب جديدة، إضافة لإقرار رسوم إقامة مرتفعة على العمال الأجانب وعوائلهم، والتوجه نحو فرض رسوم على تحويلاتهم لبلدانهم، مما دفع عشرات الآلاف من العمال الآسيويين والعرب للعودة لمواطنهم، في حين يفكر آخرون جديًا في المغادرة، رغم الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التي تمر بها بلادهم. 25 مليون نسمة عدد المقيمين في الخليجويُقدَّر عدد العمالة الأجنبية الوافدة في دول مجلس التعاون الخليجي بنحو 25 مليون نسمة من المقيمين فيها، بحسب بيانات البنك الدولي. وعودة إلى جذور تنامي أعداد العمالة الأجنبية في دول التعاون، فهي تعود تحديداً لفترة السبعينيات بعد الطفرة في أسعار النفط وفي الإيرادات النفطية ودوران عجلة مشاريع التنمية والبنية التحتية الضخمة سواء في القطاع العام أو الخاص. ومنذ البداية فإن القسم الأعظم والأكبر من العمالة الأجنبية كان يعمل في مهن شاقة وصعبة لم يكن العامل الوطني راغب بالعمل فيها، لذلك فهم في الغالب كانوا عمالة مؤهلة تعليمياً ومهنياً تأهيلاً متواضعاً ولذلك أيضاً كانت الأجور والرواتب المدفوعة لها متواضعة هي الأخرى. لكن مما كان يعوض هذا الجانب هي تكلفة الحياة الرخيصة نسبياً في دول التعاون خلال عقود السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، حيث كانت العمالة الأجنبية تتمتع بكافة مزايا السلع والخدمات المدعومة من قبل الحكومات. لذلك، كانت تعتبر العمل في دول التعاون إجمالاً مغرياً بالنسبة لها ويوفر لها أموالاً تحولها لعوائلها، حيث تقدر هذه التحويلات بنحو 100 مليار دولار سنوياً. لكن ما يلاحظ هذه المرة أن الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها دول التعاون قد طالت هذا الجانب، أي تكلفة بقاء وعمل ومعيشة العمالة الأجنبية مما ولد ضغوطاً يجب عدم إنكارها بالنسبة للغالبية العظمى منها. وهناك نسبة مهمة من هذه العمالة هم من العمالة العربية التي يفترض أن تراعى أوضاعها بصورة خاصة. في الجانب الآخر، فإن دول التعاون لا يمكنها الحديث عن تناقص الحاجة لهذه العمالة، فأغلبها ماض في تنفيذ مشاريع ضخمة في كافة القطاعات والأنشطة، وتظهر أرقام العمالة الأجنبية تزايد أعدادها بمعدل متوسط 15% على مدى السنوات الثلاث الماضية رغم تراجع الإيرادات النفطية. أيضاً، فإن من الصعب على دول التعاون الحديث عن استبدال العمالة الأجنبية بالعمالة الوطنية في أغلب المهن والأعمال التي تشغلها العمالة الأجنبية في الوقت الحاضر، نظراً لاتسام هذه المهن والأعمال بضعف الأجور وتدني المؤهلات الأكاديمية المطلوبة، في حين أن نسب البطالة في دول التعاون تتركز في صفوف الشباب من خريجي الجامعات، حيث تقدر في المتوسط بنسبة 10%. كما حذر صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير من أن فرض ضريبة على تحويلات الأجانب سيترتب عليه كلفة إدارية وتشغيلية، قد تخفض من الإيرادات، فضلًا عن مخاطر تتعلق بسمعة الدولة بين العمال، وتراجع تنافسية القطاع الخاص، فضلًا عن فرض قيود على قطاع الصرافة، وتعدد سعر التحويل. إزاء هذه المعطيات، فإننا نعتقد أن على دول التعاون دراسة كافة البدائل المتاحة أمامها في التعامل مع العمالة الأجنبية، خاصة العربية، لتحقيق التوازن بين حاجتها للإصلاحات الاقتصادية وتعزيز مواردها المالية وبين مواصلة حاجتها للعمالة الأجنبية ولكن وفقاً لمعايير وضوابط مختلفة عما كان سائداً في السنوات السابقة.