14 سبتمبر 2025
تسجيلتناول التقرير الاقتصادي نصف السنوي لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي مؤشرات متقدمة في الاستثمارات الصناعية التي تنتهجها دول الخليج، لتنويع مصادرها النفطية.وحققت تلك المؤشرات الصادرة حديثا قفزات نوعية في مجال التصنيع القائم على استغلال الموارد. فقد توقع التقرير الاقتصادي نصف السنوي، الذي أعدته الأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، بلوغ حجم الاستثمار الصناعي بدول الخليج قرابة تريليون دولار، بحلول عام 2020، بنسبة ارتفاع قدرها 209%، مقارنة مع حوالي 323 مليار دولار حاليا، وذلك بعد انتهاء دول المجلس من تجهيز المدن الصناعية التي يجري العمل فيها في الوقت الراهن، وأبرز هذه المدن راس لفان بقطر، ومدينة الطاقة بالمملكة العربية السعودية، ومدينة حديثة لطاقة الغد بدبي.وأشار التقرير، إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي، تستهدف رفع مساهمة القطاع الصناعي إلى %25 من الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس، بحلول عام 2020، مقارنة مع حوالي %10 في الوقت الحالي، مستفيدة من النمو المتواصل لهذا القطاع، وحجم الاستثمارات الحكومية والخاصة المتدفقة، في المشاريع الصناعية.وذكر أنه في ظل توقعات بتحقيق الاقتصاد الخليجي لمعدل نمو، يصل إلى 4.2% العام الجاري، بقيمة إجمالية تقترب من 1.7 تريليون دولار، بالمقارنة مع 1.65 تريليون دولار عام 2013، فإن دول المجلس تطمح إلى رفع مساهمة بعض القطاعات الاقتصادية في ناتجها المحلي الإجمالي، لاسيَّما القطاع الصناعي.وأضاف أنه رغم أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تشكل أكثر من 86% من جملة المنشآت الصناعية بدول المجلس، إلا أن حجم استثماراتها لا يتجاوز 22% من جملة الاستثمارات في القطاع الصناعي الخليجي، ولذلك يتوقع أن يحظى قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بتوجهات استثمارية حكومية، في ظل محدودية فرص التمويل من السوق المالية والبنوك، رغم ما توفره المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، من فرص عمل للمواطنين.في عالمنا المعاصر ومع تنامي الحاجة لشراكات اقتصادية تقي المؤسسات من انهيار مفاجئ، كما يوجد هناك توجه للمنطقة العربية نحو التخصص الصناعي وفتح مجالات تصنيعية ذات بعد استثماري، ظهرت مشكلتان أمام إمكانية الامتداد الصناعي، الأولى: عدم وجود صناديق برامج التمويل، والثانية: عدم وجود هيئة تعمل على تسويق المنتجات وترويجها.فالتمويل يعتبر ركيزة أيّ مشروع اقتصادي وخطوة أولى في مقومات نجاحه، وإذا علمنا أنّ البنوك العالمية بعد أزمة الانهيار المالي أصبحت لا تقرض بالشكل المطلوب إنما تقرض من لا يحتاج إليها فباتت اقتصادات الصناعة المتوسطة والصغيرة في وضع مقلق. وقد أشرت في مقال سابق إلى أن مجمل المؤشرات الإيجابية تؤكد على أنّ تنويع مصادر الدخل في الاستثمار والخدمات والاتصالات والطاقة والأبحاث العلمية، من الخيارات التي لا تستغنى عنها دول التعاون، وهي ركيزة لبناء أرضية ملائمة لبيئة الأعمال.فالاستراتيجية المنظمة للاقتصاد هي مفهوم أعمق، يقوم على توفير مصادر مستدامة للدخل، والارتقاء بالتنمية البشرية في مجالات دقيقة مثل الطاقة والملاحة والتقنية والخدمات، التي تشكل منعطفاً مهماً، وتجنب العجز في الموازنات إلى جانب صدور حزمة من القوانين والتعليمات التي تساعد على الاستقرار المالي، باعتباره مفتاحاً رئيسيا ً لمناخ استثماري. وفي ظل نمو متسارع في الإنفاق العام على مشاريع تنموية بدول التعاون وتحديداً قطر، يضع على عاتق خبراء الاقتصاد عبء النهوض ببنية المسار الاقتصادي، لأنّ تحديد وجهة الأهداف طريق للوصول إلى إنتاجية معقولة. فقد نوه صندوق النقد الدولي إلى أنّ صادرات النفط والغاز وفرت عوائد وفوائض ضخمة لدى دول مجلس التعاون الخليجي قدرت بـ"440"مليار دولار العام الماضي الذي عزز من نمو القطاعات الحيوية ودفعها للتقدم نحو الصدارة.كل ما أشرت إليه من مؤشرات متقدمة محلياً ودولياً يقوي المكانة الاقتصادية لدول المنطقة، ويدفع عجلة التنمية الصناعية والتجارية والإنشائية مدعومة بإنفاق الدولة والتشريعات القانونية الميسرة لتنفيذها خاصة ً الاستثمارات التي تنتهج النوعية. كما تركز على الموارد البشرية وتحسين مدخلات التعليم لتجويد مخرجات الجامعات، بهدف رفد سوق العمل بكوادر وطنية متمرسة في قطاعات صناعية وتجارية تعمل على خوض بيئة الأعمال وتتأقلم مع تقلبات الأسواق.هذه المؤشرات تساعد كل مستثمر أو شركة في قطاعات التجارة أن يأخذ في الاعتبار أنّ التنامي الرقمي على درجة من الأهمية لتنفيذ مشاريع اقتصادية في أماكن الكثافة السكانية أو العمرانية، وهي مناطق واعدة وأرضية مناسبة لإقامة مشاريع صناعية وتجارية وخدمية إذا أحسن رجال الأعمال اقتناص فرص التنامي فيها. تشكل المؤشرات في أي دولة، ركيزة حقيقية لبدء الخطوة الأولى في إعداد دراسات الجدوى، ورسم الرؤى الاقتصادية لمشاريع القطاع العام والخاص وبمثابة خارطة طريق لمتخذي القرار وأصحاب المبادرات في التجارة والصناعة والخدمات، إذ عليها تقوم الاستراتيجية الاقتصادية للسنوات العشر المقبلة.