14 سبتمبر 2025
تسجيلأكثر الأسئلة المتداولة هذه الفترة في الأوساط السياسية والإعلامية العربية وتحركها القواعد الشعبية التي لا تخفي خشيتها من ارتدادات الضربة المنتظرة لقوات النظام السوري هي: متى ستضرب الولايات المتحدة ضربتها الموعودة التي أطلق لها السيف الرئيس باراك أوباما ولكنه "لكنن" بذريعة العودة إلى الكونغرس، والثاني كيف سيتم توجيه الصواريخ المدمرة، أمن البحر أم من أراضي الدول المجاورة، والثالث هو أين ستقصف الولايات المتحدة وحلفاؤها أفي دمشق حيث يتحصن الأسد وأعوانه أم في جميع الاتجاهات؟! هذه الأسئلة مع أهميتها تعتمد على سؤال أساسي وهو هل الأمريكيون والأوروبيون فعلا مهتمون بشعوبنا وبضرب القاعدة الأساسية للرئيس الأسد وتدمير قوته الصاروخية والدفاعية بعد مقتل 110 آلاف إنسان في سوريا نتيجة حرب فتاكة لم تحرك دمعة على جفن سياسي غربي واحد، وكل ما سمعناه ورأيناه عبر الأشهر الثلاثين الممتدة فوق جثث الضحايا هو استنكار وشجب وحزن كلامي لا يتعدى شفاه من يصرح بكلمات أقرب إلى كلام الشعراء على منابر الأمم المتحدة والمؤتمرات الصحفية، وهذا بالطبع ليس أكثر من تصريحات المسؤولين العرب الذين يدركون تماما عجزهم عن حل صراع بين مدينتين، ثم لا يتفقون على رؤية واحدة لإنهاء حمامات الدم لأبرياء الشعب السوري. متى وكيف وأين هو سؤال مزدوج لحال هذه الأمة التي لا يزال مصيرها بين أيدي غيرها من الأمم، فمتى وكيف وأين سيتغير حال شعب ما من شعوبنا، ليدرأ عن نفسه خطر الحرب الداخلية التي قد يشنها النظام الحاكم في أي لحظة عصيان مدني، ومتى وكيف وأين ستسجل دولة عربية واحدة على الأقل اسمها على لائحة الدول المتحررة من الخارج والمتصالحة مع نفسها من الداخل، والتي ترى بعينيها لا بأعين حلفائها، وتعمل بأيديها لا بأيدي مساعديها الخارجيين، وتوبخ نفسها حينما تخطئ قبل أن يوبخها وزير خارجية أمريكي أو تقرير لمنظمة ما!؟ شيء مخجل ومخز في آن واحد، ما وصل به الحال وآل المآل لهذا الشعب العربي الذي أصبح مضرب مثل الاستهزاء عند أمم عرفت كيف تحكم نفسها بقوانين ودساتير وأعراف ومواثيق تحافظ على الفرد كما تحافظ على الشعب، وتحفظ أمن المنزل كما تحفظ أمن الوطن عندهم. لقد رأينا النتيجة التي آلت إليها مصائر حكام عرب ركبوا سفينة العناد والأحادية، والاستهزاء بشعوبهم، وظنوا أنفسهم آلهة لا يمكن الاقتراب منها أو حتى استبعدوا الموت الذي هو مصير كل البشر، وما الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي إلا مثال صارخ للجنون الذي يلبس ثوب رئيس دولة، ويخطب بجهله أمام جماهير من العلماء والمثقفين، ثم يريد منهم أن ينحنوا له، والطغيان الذي قاد به جاره زين العابدين بن علي، أوصله على يد عامل بسيط إلى أن يهرب كسجين مؤبد فتحت له بوابة الفرج، لم يلتفت خلفه ليرى ما الذي جرى، وهذا لأنه حارب الله بالأوامر، فحاربه الله بالرعب، أما رئيسهم الكبير محمد حسني مبارك، فلم يُذل زعيم كما أذله الله في آخر عمره، حتى لو انتصر له عسكره الذين استمرأوا مناصب السلطة التقاعدية العسكرية. لهذا رأينا العِناد والكِبر والاستماع برضا إلى المستشارين والقادة الذين يشكلون عصابة تحكم مصالحهم، لم يعد على قيادة الحاكم الطبيب "الأسد" بخير، بل حول كل ذلك، ذلك "الحكيم" بلغة الأطباء، حوله الكبِر إلى زعيم لأي شيء إلا الزعامة السياسية، وهو الذي كان يستغرق خطابه الأستاذي في مؤتمرات القمة العربية فترات أطول مما يستمع هو لغيره، فها هو قد رمى عنه مبضع الجرّاح المداوي وأمسك بآلة الجراحة المؤلمة في سبيل السلطة رغم كل هذا الرفض الداخلي لزعامته غير الموجودة، وكيف لطبيب عيون لا يرى أبعد من عيني قادة أسلحته، وها هو اليوم بكل نظرياته وفلسفته يضع سوريا في مرمى الهدف الأممي إن عاجلا أو آجلا، وهو يعلم أن الضربة قادمة لا محالة، وحتى إن لم تطله فستقضي على ما تبقى من أركان الدولة السورية، ومع هذا ما زال عنيدا. هذه مشكلة القادة المسكونين بعقدة القيادة العصابية، لا ينظرون إلى نهايتهم أبدا، بل ينظرون إلى نهاية خصومهم، وستبقى هذه العقدة مسيطرة على الأنظمة الجمهورية الشمولية، ولذلك لا يمكن الاعتماد على بدائل من ذات الصنف في محاولة لإبقاء رموز النظام الذي يفتك بشعبه، ولا أي شخص يقترب في شهوته الحمراء من عقلية أولئك المضطربين نفسيا الذين يعالجون أنفسهم بالسلطة.. لهذا يجب تجهيز قيادات وحكومات ظل بديلة تعمل في الظل لاستلام مرحلة ما بعد انهيار النظام العربي الذي يوشك أن يبدل الخارطة السياسية والجغرافية العربية.