14 سبتمبر 2025

تسجيل

ذكـرى سوداء طـواها التاريخ

03 أغسطس 2022

ربما لا يتذكر أغلبنا اللحظة التي تفجرت بها المنطقة وربما لم يشهدها أصلا حيث اُعلن آنذاك عن اجتياح القوات العراقية (الصدامية) لدولة الكويت الشقيقة واحتلالها في عمل لم ينم عن حسن الجوار الذي جمع البلدين لعشرات السنين، حتى طغى الطمع على ما جمع وتعدى العراق في تلك الفترة على كل القيم العربية والإسلامية وغزت قواته أرض الكويت التي كانت بقيادة سمو الشيخ جابر الأحمد رحمه الله في الثاني من أغسطس عام 1990 أي منذ 32 عاما ليشكل شعب الكويت جماعات مقاومة للذود عن أرض ومقدرات الوطن. وخلال أشهر قليلة استطاع درع الجزيرة بمساعدة التحالف الأمريكي البريطاني وعدد من الدول العربية والإسلامية والأجنبية أن يشكلوا قوات وجيوشا استطاعت دحر القوات العراقية الغازية وإعادة دولة الكويت الشقيقة حرة أبية كما كانت، بينما لم ينل العراق وقتها سوى نبذ العالم له قبل أن يغزوه الأمريكيون والبريطانيون ويتحول العراق إلى بلد مُراق يعاني سياسيا واقتصاديا وإنسانيا، ناهيكم عن تمركز خلايا نشطة ونائمة من تنظيم داعش الإرهابي الذي أحال في سنين قليلة مدينة الموصل إلى مدينة اشباح نتيجة المعارك التي دارت رحاها بين القوات الحكومية الأمنية وتنظيم داعش الذي لا يزال يهدد بين الفينة والأخرى أمان هذا البلد التاريخي العريق الذي يحاول أشقاؤه العرب لا سيما جيرانه من دول الخليج مساعدته على الخروج من الوحل الذي سقط به بسبب عدوانه الجائر على جارته الكويت في عام 1990 وتخلصه من حكم صدام حسين الذي سقط في فخ هذه السقطة التي لن ينساها الكويتيون كما لن يهملها التاريخ من تضمينها في صفحاته. اليوم تعيش كل من الكويت والعراق علاقات ثنائية رائعة بعد أن تخلص الكويتيون من آلام الماضي الذي تسبب بها الاحتلال العراقي لبلادهم وفتحوا صفحة جديدة مع جارتهم العراق التي اعترفت حكوماتها المتتالية بالخطأ الجسيم لحكم صدام حسين وبادر في عام 2019 بإعادة رفات أكثر من 300 اسير كويتي قُتلوا أثناء الاحتلال العراقي الغاشم على الكويت، وتم التعرف على رفات بعضهم وتسليمها لأهاليهم ليدفنوهم بطريقة لائقة ولذا تبدو العلاقات الكويتية العراقية اليوم جديرة بالاحترام، بينما يبدو الانفتاح الكويتي على نشوء هذه العلاقات الثنائية من جديد دليلا على رغبة الكويت في دفن الماضي وتناسي الحقبة المؤلمة الماضية لأنها تعلم بأن نبش ما جرى والتعلق بتلابيبه لن يفيد البلدين لا سيما وأنهما يشتركان بالحدود والجوار، ولذا فضلت الكويت أن تمد يدها للعراق بعد أن تخلص من شوائب الحكم البائد وتبدأ في علاقات قوامها الأول حسن الجوار واحترام سيادة كل بلد دون التعدي على حرمة الأرض والعرض، مؤمنة بأن هذا الأمر سوف يسهم في ترابط الأمة العربية وإن استمرار الخلافات لا ينفع أحدا ولا يمكن أن تتطور أي دولة إن ربطت نفسها بخلافات الماضي وما حدث فيه من مسببات للضغينة وقطع العلاقات وعليه يبدو الحاضر طيبا والمستقبل أكثر إشراقا بالنسبة لكل من الكويت والعراق وانعكس هذا كله على الخليج بأسره الذي أصبح ينظر للعراق على أنه دولة جارة جديرة بالاحترام والثقة فأعطى الخليجيون ثقتهم ببغداد فمنحوها حق استضافة كأس الخليج لكرة القدم الـ 25 في مدينة البصرة، وأكدوا أن العراق يستحق المشاركة في تنظيم هذه البطولة التي تقام كل سنتين وسوف نشهد نجاحها بإذن الله في بلد الرشيد بحضور جميع المنتخبات الخليجية ومنها منتخب الكويت بطل كؤوس الخليج والأكثر فوزا فيه فحمى الله بلاد الخليج والعرب جميعا وألف بين قلوبهم وما للتاريخ فلنبقه في طي التاريخ للأبد.