15 سبتمبر 2025
تسجيلفي كُل عام نستذكر الغزو العراقي الغاشم على دولتنا الحبيبة الكويت، نتواصل مع من انقطعت أخبارهم من الزملاء الصامدين خاصة في محطة الزور الجنوبية التابعة لوزارة الكهرباء والماء والتي عشت فيها سبعة أشهر بين إخواني وأهلي الصامدين الكويتيين والوافدين، حيث كنا نعمل دون كلل أو ملل في انتظار لحظة التحرير الغالية، كنا نتقاسم الألم والصبر وحتى اللقمة في أواخر أيام الغزو، كان تكاتفنا لا يوصف وخوفنا على بعضنا وحرصنا على استمرار خدمتي الكهرباء والماء لا يمكن أن أصِفه بعدة كلمات، فالجميع دون استثناء يعتبر المحطة كأنها ملك خاص له، يعمل ويجتهد ويساعد وينظف ويحرس ويُشغل ويطبخ دون مِنة أو ملل. إنها أيام لا تنسى ولا يمكن أن تُمحى من الذاكرة، سأذكر بعض المواقف التي أثرت فيَّ لعل الجيل الحالي يستفيد منها وهي ذكريات للتاريخ أكتبها ويشهد عليَّ الله أنها حقيقية لا يمكن التلاعب في روايتها. أكتبها لأبين مدى الخطر والقلق الذي تعرضنا له وكيف ستر الله علينا ونجانا منها، فقد كنت متجها بسيارة الوزارة لمحطة الزور تقريباً الثامنة صباحاً، فوجدت نقطة السيطرة عند منطقة الجليعة وكان بها ضابط عراقي أمرني بأن آخذ معي جنديين عراقيين إلى النقطة القادمة ورفضت لأنها كانت قبل منفذ النويصيب بقليل وبعيدة عن عملي فأركبهم رغماً عني وعندما مشيت قليلاً قلت لهم لا أستطيع إيصالكم للنقطة، فغضب أحدهم وسحب أقسام سلاحه وقال لي بالحرف، بتوصلنا وإلا اطشر مخك، فلمحت نقطة تفتيش عند تقاطع الخط السريع والطريق المؤدي للمحطة فذهبت لها فهم لا يعرفون الطريق جيداً ومن حُسن حظي وجدت بها ضابط حرس جمهوري، فنزلت مسرعاً من السيارة وشرحت له أني موظف في هذا المعمل أي المحطة وهؤلاء الجنود يعطلوني عن أداء عملي وكان لديَّ كتاب عدم تعرض، عندها أنزلهم ودفعهم بيده وهربوا وتركهم. الموقف الثاني كُنت مع الزميل علي خلف، رحمه الله تعالى، وذهبنا لمحطة ضخ مياه الزور وكان الطريق مكسرا بفعل القوات العراقية فسلكوا طريقاً رملياً، فصرخ رحمه الله في وجهي، وقف وقف، فعندما وقفت شاهدت معه لغماً لو مشينا أقل من دقيقة لوقعنا فيه ولكن لله الحمد ستر الله علينا. الموقف الثالث مع الزميل الكبير كاظم بن زيد، عندما بدأ القصف الجوي كان زملاؤنا بسكن المحطة الذي يبعد تقريباً كيلو مترين وذهبت معه لإبلاغهم وأخذهم من السكن إلى أحد السراديب، فكانت طائرات التحالف تطلق مقذوفات أنارت الليل ليصبح نهارا وُكنا في مرمى الهدف وستر الله علينا لله الحمد. كم أتمنى أن نعتبر من الدروس والمتمثلة في التكاتف والتعاون وحُب الوطن والإيثار، والتضحية، ولابد أن نستذكر من ضحى بحياته وهم شُهداؤنا الأبرار ومن ذاق مرارة الأسر، وبكل تأكيد من كانت له مواقف حاسمة وثابتة في الغزو، اللهم احفظ بلدنا من كل شر يا رب العالمين.