19 سبتمبر 2025
تسجيلوقعت عيناي ذات يوم قبل سنوات على إعلان منشور في إحدى جرائدنا القطرية عن فتح باب القبول في عدة تخصصات في جامعة الخليج العربي بالبحرين، وهي مشروع رائد لو لم تصبه لعنة السياسة العربية وتقلباتها، بين تمويل وتأجيل ومناشدة لاستمرارها من جانب بعض مثقفي الخليج، وأذكر منهم الدكتور أحمد الربعي - رحمه الله - الذي ناشد الدول الخليجية المحافظة عليها وعلى شركة طيران الخليج، بوصفها مشاريع وحدوية مشتركة، وهي لا تزال قائمة كمشروع في حين اختفت شركة طيران الخليج، إلا أنني اعتقد انها لا تحظى بنفس الزخم من الاهتمام كما بدأت. على كل حال كانت التخصصات المطروحة محدودة ومختارة، لكي تسد النقص الذي تعاني منه الجامعات الحكومية في كل دولة على حدة، مثل تخصص التصحر وادارة التقنية والكيمياء الحيوية بالاضافة الى كلية الطب، فوجدت اقربها الى تخصصي هو تخصص إدارة التقنية، وهي إدارة صناعية بالاضافة الى بعض التطبيقات لمفهوم الاستراتيجية، مفاهيم الادارة الاسترتيجية، حيث وضعوا شروطا علي أن أجتازها للالتحاق بالبرنامج، في مقدمتها اجتياز امتحان الاحصاء، وبالفعل تم ذلك فالتحقت في خريف 1994 بالجامعة بوصفي طالب دراسات عليا، ومن اصعب المقررات التي واجهتني كان مقرر "بحوث العمليات" الذي كان يدرسه الدكتور عبد اللطيف الزياني وزير الخارجية البحريني الحالي والأمين العام السابق لمجلس التعاون، حيث كان جديدا علي واجتزته بصعوبة، أما أمتع المحاضرات فكانت مع الدكتور محمد جابر الانصاري استاذ الحضارة الاسلامية في الجامعة ومستشار جلالة ملك البحرين حاليا، والذي كان متطلبا أساسيا لكل طلبة الجامعة، وفي أول محاضرة له طلب مني تلخيص كتاب مختار وعرضه على الطلبة، وهو كتاب "الاسلام وأصول الحكم" لعلي عبدالرازق، وفعلا قمت بذلك وأبديت رأيي حول تصورات الكتاب، وتم نقاش مطول حوله من جانب الطلبة، وبالمثل كان على كل طالب أن يقوم بعرض كتاب مختار كما يبدي رأيه فيه، وكلها كانت من الكتب التي أثارت ردود فعل كبيرة عند نشرها لجدة محتواها ولصدمتها للعقلية التراتيبية التي لا تقبل التجديد أو المس بالتقليد، مثل كتاب "خرافة الميتافيزيقا" لزكي نجيب محمود، و"الاسلام واصول الحكم" لعلي عبد الرازق، وكتاب "دارون والتطور". وغيرها كتب كثيرة تداولناها بحثا ونقاشا أثرت لدي ذائقة نقدية كانت موجودة لكنها في حالة عطالة وكسل، فنشرت في ذلك الوقت أول مقال لي بعنوان على ما أذكر "إشكاليات تنموية" في جريدة الخليج التي تصدر في الشارقة، ومقالا آخر بعنوان "التنمية والبعد المنسي"، ونُشرا في مكان لائق لم اكن اتصور أن يحظيا بكل هذا الاهتمام من جريدة بحجم جريدة الخليج في ذلك الوقت. يتبع [email protected]