11 سبتمبر 2025
تسجيلكان هذا شعار النسخة الرابعة من منتدى قطر الاقتصادي الذي عقد مايو الماضي وجاء في فترة مهمّة من عمر التطور التكنولوجي عالميا وكان خبرا سعيدا يثلج الصدر أن أطلق معالي رئيس الوزراء في منتدى قطر الاقتصادي مشروع فنار chatgpt التوليدي للمحتوى والبيانات باللغة العربيّة والذي يعدّ ثورة ستشكل ثروة فكرية وبشريّة واقتصادية وفرصا ذهبيّة لجمع المحتوى الرقمي العربي وأرشفته في سرديّة موجهة للإبداع والابتكار مجددا باللغة العربية التي ستعيد مجد الإرث الثقافي والفكري للعرب كما في دار الحكمة وانتشارها إشعاعا كما العصر العباسي الذي سمي بالعصر الذهبي للدولة الإسلامية وهذه إضافة جديدة لقطر والعرب والمسلمين خصوصا في ظل اقتراب موعدنا مع الثورة الصناعية الخامسة والتي تختلف عن الرابعة من مجرد بروز الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي كمنافس إلى الذكاء المدمج فستجعل السيادة للتكنولوجيا ولكن القرار للبشر في علاقة أكثر توازنا مع زيادة للتفاعل ما بين الروبوتات والبشر بشكل أكبر مما يجعل البشر في مركز الصدارة في كل من عمليات الإنتاج مع زيادة استخدام البيانات الضخمة Big Data واتساع نطاق العمل عن بعد بشكل أكثر انتظاما، وانتشار الطباعة ثلاثية الأبعاد وازدهار إمكانية الانتاجية والتصنيع عبر الطابعة المنزلية، وأتمتة انترنت الاشياء IOT Internet of Things) ) في كل المجالات. هنا تأتي أهمية الحيازة التقنية والإلكترونية التي فطنت لها الدول الكبرى فتنافست بل تصارعت ولا زالت والحيازة الإلكترونية تسليح مثلها مثل التسليح العسكري الذي تستحوذ الدول الكبرى اسراره وادواته فوق حيازته، هنا تفسر الحرب التكنولوجية بين أمريكا والصين. بدأنا متأخرا كعرب ولا ضير فأن نبدأ متأخرا خير من ألا نبدأ أبدا خصوصا في ظل امرين: احتكار الرواية والسردية في زمن التدفق التكنولوجي الأحادي الغربي، واحتكار حيازة أدواتها وصناعاتها وبرامجها فضلا عن خوادمها وبياناتها الضخمة والتي تعدّ أهم الأدوات في السلم والحرب. يجدر هنا أن نطرح ثلاثة تساؤلات: أولاً: الحيازة الرقميّة الذكيّة!! هل ستلبي استراتيجية قطر الوطنية في الذكاء الاصطناعي دخول قطر ميدان الحيازة الرقميّة إن لم نقل التصنيع على مستويين؟ أولها: حيازة الأدوات الذكية وخوادم البيانات في مواقعها وفي خوادم رديفة احتياطيّة محميّة وآمنة. وثانيها: حيازة البيانات والمعلومات التي هي وقود المستقبل وهي المحرك الرئيس لكلّ مسارات الحياة حتى النفط والطاقة بل والموجّه الأشمل لمسوغات السلم والحرب. أما وقد خاضت قطر تجارب عدّة ألهمتها سابقا؟ فهل ستشكّل حيازة البيانات وأدواتها قوّة جديدة ناعمة لدولة قطر؟ ثانياً: التمكين البشري الذكي!! كيف سنتعامل مع الذكاء الاصطناعي إذا لم نوظف الأدوات ونطوعها وندرب الافراد لا على الطريقة البسيطة في إدارة الأدوات الذكيّة فحسب بل بتكوين العقلية التحليلية للبيانات الضخمة التي يجمعها الذكاء الاصطناعي دون الاعتماد على ثقافة الاستهلاك والتلقي خصوصا وان بيانات التجميع الذكي للتقنيات تقتضي الذكاء البشري أي الجمع بين الأداة والعقل البشري وهي رهان المستقبل والتحدي الذي تفرضه الثورة الصناعية الخامسة؟ ثالثاً: التحولّ الرقمي الذكّي!! كيف ستطبق قطر مفهوم التحول الرقمي من مجدر أتمتة الأشياء والأدوات إلى تخطيطها وإدارتها بذكاء في توازن الإعداد العلمي والمعرفي والمهني بين الجانبين النظري والتطبيقي الذي يتطلب ذكاء بشريا في الابتكار وتحليل الواقع لتقديم سيناريوهات وارهاصات المستقبل، وهذا يتطلب ضرورة الولوج في الحقبة الخامسة بخطى ثابته والإيمان بأنها تؤثر على الاقتصاد والسياسات والقوى العاملة والسوق فضلا عن أثرها على الدبلوماسية والسياسة وفوق كل ذلك الأمن القومي للوطن في السلم والحرب. فهل وضعت قطر خطة دقيقة لإعادة تخطيط البرامج المهنيّة والتدربيبّة والتخصصات الجامعية في جامعاتها لتشمل التخصصات المتعددة Multidisciplinary والمتداخلة Interdisciplinary والعابرة transdisciplinary للتخصصات في الجامعات الرسمية والعسكرية والأمنية والخاصة ومراكز التدريب بحيث يستوعب نظام قطر التعليمي هذه التخصصات في ظل التحولات العالمية للتكنولوجيا وأثرها على سيناريوهات المستقبل التي لا تؤولها العلوم التطبيقية والتكنولوجية فحسب بل تداخلها الحاسم والعاجل مع العلوم الاجتماعية والسياسية والإنسانية ونحن لا زلنا في قطر نعاني الفصل العنصري بين التخصصات الجامعية وبناها التحتيّة وكأن كل تخصص دولة قائمة بذاتها ونحن في أمسّ الحاجة للتداخل العلمي والتدريبي في مرحلة التحول للمرحلة الصناعية الخامسة. في وقت انطلقت فيه قطر بشعار اجتياز المجهول في عالم متغير فإنها بالتأكيد لا تعني التكيف مع المتغيرات العالمية المتسارعة بل الإبداع والابتكار، ولا تعني صراع البقاء بل المنافسة والصمود في زمن بات فيه المستحوذ على الأدوات الرقمية وبياناتها الضخمة ينذر الآخرين المستهلكين بالقمع المعلوماتي والحرمان من الخدمات التقنية DDO واحتكار الرواية والسرديات والحرمان من الوصول لكلمات المرور بل وتعطيلها بكملة واحدة ... هي قطع الوريد الذي هو النافذة على العالم... الأتمتة ليست كلّ أحلامنا الوردية لاجتياز المجهول في عالم متغيّر بل الأهم: كيف ينجح من نجح في حفر واستثمار آبار النفط في الاربعينيات! والغاز في التسعينيات! ومن نافس الغرب وكسر حاجز الصوت وفردية واحتكار التدفق الإعلامي الأحادي والرواية والخبر والمعلومة في التسعينيات بالجزيرة التي أصبحت معلما دوليا وفاصلا تاريخيا يؤرخ بها. كيف ينجح في عصر الذكاء الاصطناعي في تقديم تعليم وتدريب ومشاريع وطنية وازنة في حيازة أدوات رقميّة وامتلاك البيانات الضخمة التي هي النفط المعرفي. خام البيانات الذي هو نفط الخوارزميات التي ستلعب في كلّ أنواع الوقود وسترسم سيناريوهات المستقبل سياسيا واقتصاديا.