14 سبتمبر 2025
تسجيلقبل أعوام ماضية لم تكن " ظاهرة" الوطنية" تطرح على الوعي في مجتمعنا، فهي بمثابة المُسلم به، لم تكن هناك ثمة حاجة يستشعرها المواطن لاثبات حبه لوطنه ولمجتمعه ولأرضه التي ولد وعاش عليها ومن خيراتها. جاءت الدولة لتنظيم المجتمع وهو أمر يعتبر مخالفاً لحركة التاريخ، حيث المفترض ان يتمخض المجتمع عن قيام دولة، في اعتقادي هذا اوجد فجوة بين الانتماء والبناء، الانتماء للمجتمع ام للدولة ؟، بناء ما قبل الدولة ام بناء ما بعد قيام الدولة؟ احتاج الامر لترميم هذه الفجوة الى قاموس لغوي وشعري وخطابي وتاريخي، بل حتى وتلفيقي، وبدأ بالتالي اسلوب المزايدات في هذا القاموس، وحيث ان المجتمع لا يزال يعتمد اقتصادياً واجتماعياً على الريع، اصبحت مصطلحات الريع غير المنضبطة وغير القابلة للقياس او الاختبار هي الشائعة والمتداولة في صياغة التراتبية الاجتماعية في المجتمع، فالوطنية تزيد وتنقص. وتعطى وتُسلب، ووطني الليل، موضع شك في النهار، والمواطن قابل للتفكيك واعادة التركيب، والوجاهة مزاد، وخاضعة لمشاهدات وسائل الاتصال الاجتماعي وعدد المتابعين، والاندساس وسيلة مثلى، والتدين وشيخ الدين يحتاج الى سناب شات والثقافة والفن اسيرين لاسبقية الدولة، يحتاج الامر الى الوعي بأن السبب الحقيقي لاستفحال مثل هذه الظاهرة اليوم هو تمظهر الدولة بشكلها الساطع على المجتمع الاقل بريقاً والاخفت صوتاً، ما لم تترك الدولة مسافة بينها وبين المجتمع ليعيد صياغة نفسه بعيداً عن تأثيراتها الريعية ستزداد ظاهرة الصراع على الوطنية والوطني المتضخم وستفتقد الدولة حينئذ قدرتها على التطور لغياب النقيض الذي يدفعها الى ذلك في حركة جدلية تاريخية هي بمثابة سنة التطور.