12 سبتمبر 2025

تسجيل

الثقة المتبادلة وحفظ الأسرار

03 يوليو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); قال -تعالى-: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ * قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [يوسف:4-5]، ثقة متبادلة بين الأب وابنه، فسيدنا يوسف -عليه السلام- لم يقصص رؤياه تلك إلا على والده، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على مقدار الحب والثقة والصراحة التي بينه وبين والده، وبدوره طلب سيدنا يعقوب من ابنه يوسف -عليهما السلام- ألا يقصص تلك الرؤيا على إخوته، ووضح له السبب من غير إسهاب ولا تفصيل، وكان واثقاً من ابنه، حيث اعتبر هذه الرؤيا سرا لا ينبغي لإخوته أن يطلعوا عليه، وعزى ذلك الأمر إلى أن إخوته إذا سمعوا بتلك الرؤيا (والتي في ظاهرها عز وشرف لصاحب الرؤيا) قد يدبروا له المكائد والدسائس حسداً منهم وغيرة. ولم يفسر سيدنا يعقوب لسيدنا يوسف تلك الرؤيا، لأنه يعلم شعور أبنائه الآخرين نحو يوسف وأخيه، كما يعلم ما يكنه تجاه سيدنا يعقوب بحكمته وعلمه يعلم شعور أبنائه تجاه سيدنا يوسف وتجاه أخيه بنيامين، وما يكنه أولاده من حقد عليهما، طلب منه ألا يخبرهم بتلك الرؤيا، ولكم أن تتخيلوا ما كانوا هم فاعلين لو علموا بتلك الرؤيا، فبرغم عدم علمهم بتلك الرؤيا، فعلوا فعلتهم وألقوه في غيابة الجب، يقول سيد قطب: (لهذا أدرك أبوه يعقوب بحسه وبصيرته أن وراء هذه الرؤيا شأناً عظيماً لهذا الغلام، لم يفصح هو عنه، ولم يفصح عنه سياق القصة كذلك، ولا تظهر بوادره إلا بعد حلقتين منها، أما تمامه فلا يظهر إلا في نهاية القصة بعد انكشاف الغيب المحجوب، ولهذا نصحه بألا يقص رؤياه على إخوته، خشية أن يستشعروا ما وراءها لأخيهم الصغير - غير الشقيق - فيجد الشيطان من هذا ثغرة في نفوسهم، فتمتلئ نفوسهم بالحقد، فيدبروا له أمراً يسوؤه).وقد تحدثت في المقال السابق عن أهمية مصاحبة الأب لابنه والأم لابنتها في فترة المراهقة والشباب، تلك المصاحبة التي تجعل الابن "أياً كان عمره" يثق بوالديه فيكشف لهما أو لأحدهما عما قد يتعرض له من مشاكل أو أحداث غريبة، أو يجعلهما مصدر استشارة في الأمور التي تستدعي مشاورة الأكبر سناً وذوي الخبرة في الحياة، يقول الخبير التربوي مصطفى أبو سعد: (الطفل الذي يشعر بثقة أسرته يتعلم الصدق، ويتبنى الصراحة سلوكاً يومياً في حياته، ويتعلم أن الصدق يقربه ممن يحب ولا يبعده، ويتعلم أن الصدق مقبول ومحبوب من الوالدين بخلاف من لا يملك ثقة أسرته فيلجأ باستمرار إلى الكذب والإخفاء).. فنحرص دائماً على تعزيز الثقة المتبادلة بيننا وبين أبنائنا، ولنحرص أن نكون قدوات لهم في حفظ الأسرار.