31 أكتوبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); إن أي مناقشة أو تحليل لتأثيرات وانعكاسات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على دول مجلس التعاون الخليجي سوف يكون مجتزأ وأوليا في الوقت الراهن، لأنه من المبكر للغاية الإحاطة بهذه التأثيرات والانعكاسات نظرا لعدة أسباب. أولها هو أن ردة فعل الأسواق، كما قالت مديرة صندوق النقد الدولي، تجاه الخروج البريطاني مبالغ فيها للغاية وسوف تأخذ بعض الوقت للعودة للتوازن. والسبب الثاني أن أغلب تلك التأثيرات والانعكاسات التي سوف تكون جوهرية ستتولد بصورة غير مباشرة عن الشروط والتسويات التي سوف تتوصل إليها بريطانيا مع الاتحاد الأوروبي لإتمام الخروج والترتيبات الجديدة للاقتصاد البريطاني بعد الخروج وهي جميعها من المبكر جدا البت فيها. في ردة الفعل الأولية، بدا واضحا جملة من التطورات السلبية التي شهدها الاقتصاد البريطاني ومن بينها انخفاض العملة البريطانية وهبوط أسعار أسواق المال والعقارات وتدهور جودة الأصول البريطانية مع تلويح وكالات التصنيف بتخفيض التصنيف الائتماني السيادي لبريطانيا. وبالنسبة للمستثمرين الخليجيين في العقارات وأسواق المال، تعتبر هذه التطورات سلبية حيث يقدر حجم الاستثمار الخليجي في العقار البريطاني بنحو 120 مليار جنيه إسترليني. وقدر البعض نسبة هبوط العقار البريطاني بنحو 20% في المدى القصير ما يعني خسارة قيمة محفظة الاستثمارات الخليجية بنحو 24 مليار جنيه إسترليني بخلاف هبوط قيم الأوراق المالية. في الجانب الآخر، فإن هبوط الإسترليني أمام الدولار الذي ترتبط به عملات الخليج يعني ارتفاع قيمة الصادرات الخليجية لبريطانيا وانخفاض قيمة وارداتها منها، وهي ناحية إيجابية وسلبية بالوقت نفسه لأن دول الخليج سوف تستفيد من انخفاض الواردات ولكن سوف تعاني من المنافسة في سوق الصادرات. أيضًا السياح الخليجيين سوف يستفيدون من انخفاض الإسترليني. وإن لم يخفي وزير المالية البريطاني عزمه على زيادة الضرائب بمختلف أنواعها كرد فعل أولى على التراجع في مداخيل الاقتصاد البريطاني بعد الخروج الأوروبي. في المدى القريب أيضا، يعتبر النفط متغيرا رئيسيا لكونه يشكل مكونا رئيسيا للواردات البريطانية من دول الخليج. وكانت ردة الفعل الأولية هي انخفاض النفط نتيجة التوقع بتراجع توقعات النمو لكل من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا بعد خروجها منه. لكن النفط بات محكوم بعوامل كثيرة ويبدو أن أسعار النفط بدأت تتعايش مع حالة الركود وأنه تم تحييد تأثيرها نتيجة تراكم أجواء التشاؤم في الاقتصاد العالمي.في المدى المتوسط وكما ذكرنا، سوف تعتمد جملة الانعكاسات والتأثيرات على ما سيؤول إليه حال الاقتصاد البريطاني بعد التوصل إلى جملة من التسويات مع الاتحاد الأوروبي فيما يخص شروط التبادل التجاري (50% من الصادرات البريطانية تذهب للاتحاد الأوروبي) ووضع العمالة البريطانية في الدول الأوروبية وحرية تنقل الأموال والاستثمارات وغيرها.لكن ما أشيع على نحو واسع أن من بين أسباب الخروج البريطاني هو القيود الكثيرة التي كان يضعها الاتحاد الأوروبي على الاتفاقيات التجارية التي كانت تعقدها دول الاتحاد مع العالم الخارجي بما في ذلك دول مجلس التعاون بدليل عدم التوصل لغاية اليوم لعقد اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي والتي بدأ التفاوض بشأنها منذ عام 1988. ولا شك أن بريطانيا بعد الخروج سوف تكون في وضع أضعف من ناحية القدرة على فرض شروطها في أي مفاوضات تجارية مع دول العالم، خاصة إنها سوف تسعى للتعويض عن الخسائر التجارية الأوروبية بانفتاح أكبر على بقية العالم. وهذه تعتبر فرصة سانحة للغاية لدول المجلس للدخول في مفاوضات للتجارة الحرة مع بريطانيا تضعها في موقع قوي لتحسين شروط الاتفاقية وتصحيح الخلل في الميزان التجاري الذي يميل لصالح بريطانيا بنحو 40% على مدى العقد الماضي وتستفيد منها صادرات البتروكيماوية الخليجية التي تمثل نحو 20–30% من جملة الصادرات الخليجية لبريطانيا. أما بالنسبة للاستثمارات الخليجية، فهي موجودة في بريطانيا بحكم المكانة العالمية التقليدية للاقتصاد البريطاني. وبطبيعة الحال سوف تستفيد بريطانيا للغاية من علاقاتها التاريخية القديمة مع دول المجلس لتحقق مكاسب في علاقاتها الخليجية على حساب نظرائها الأوروبيين.تبقى نقطة أخيرة لا بد من التعليق عليها وهي ترتبط بوضعية بريطانيا كخامس أكبر اقتصاد عالمي بعد الخروج الأوروبي. من المبكر القول إن هذه المكانة لم تكن لتتحقق لولا عضويتها في الاتحاد الأوروبي، كما لا يمكن القول العكس أيضا. فما هي قدرة البريطانيين على الحفاظ على قوة اقتصادها وتقدمه وتحقيق الحياة المعيشية الجيدة للأجيال القادمة التي صوتت للخروج؟ وما هي الترتيبات الجديدة؟ وما هي المخاطر الإستراتيجية المحتملة والإفرازات المتبادلة مع التطورات العالمية؟ جميع هذه التساؤلات هي من تحدد في النهاية شكل وطبيعة العلاقات الخليجية البريطانية بعد عملية الخروج.