14 سبتمبر 2025

تسجيل

القممُ التي هشَّتْ ولم تنشْ !

03 يونيو 2019

وانفضت القمم الصورية في مكة المكرمة: قمة خليجية طارئة لم تتطرق إلى حصار دولة قطر والأزمة المفتعلة ضدها ومصير وحدة مجلس التعاون الخليجي المتخلخل ! وقمة عربية طارئة لم يأت أحد على ذكر مأساة سوريا ولا حرب اليمن الدامية أو أحداث ليبيا المقلقة فعلاً ولا تغلغل إسرائيل داخل القصور العربية والتلويح بصفقات القرن المتفق عليها في الغرف السرية العربية وتأثير كل ذلك على أهلنا في فلسطين عامة وغزة المحاصرة خاصة كما أن ثورتي السودان والجزائر كانتا غائبتين عن طاولة القمة رغم الإطاحة بالبشير وبوتفليقة فيهما ! وأخيرا قمة إسلامية عادية لم تكن المجازر والجرائم التي تُرتكب في حق مسلمي أراكان (الروهينغيا) والمسلمين الإيغور في الصين أو قضايا الجاليات والأقليات المسلمة في العالم ملفات عالقة فيها ! كل محاور هذه القمم كان حول الخطر الإيراني المتفاقم ضد السعودية الداعية لهذه القمم وللمنطقة بحسب المنظور السعودي الذي نجح تماما في جذب الأنظار وتحديد الخطر المحدق بمنطقتنا الخليجية والعربية بإيران فقط وكأن إسرائيل في الجهة المقابلة تلقي ورودا وزهورا على مواطني فلسطين ولا تحتل ولا تقتل ولا تمارس أشنع الجرائم فيهم بل ولا تحاول التغلغل بنعومة في دولنا العربية !. فما الذي استفادت منه الرياض وهي تأخذ الحضور من الرؤساء وممثلي الوفود في جولات منظمة لمشاهدة بقايا الصواريخ التي تطلقها جماعة الحوثي على مناطق ومحافظات السعودية بمن فيها العاصمة وكأنها بذلك تستجدي من حضر هذه القمم أنها تتعرض فعلا لعدوان حقيقي من هذه الجماعة المجرمة وللأسف أن هؤلاء المشاهدين ممن قبلوا المشاركة في هذه الجولة المضحكة لم يكن بينهم رجل شجاع يقول للرياض التي تعيش دور المظلومة حاليا أن السعودية تمارس منذ انطلاق عاصفة (الهياط) في عام 2015 أبشع الجرائم الإنسانية في شعب اليمن وحولت عاصفة الإنقاذ كما أوهمت الرياض حلفاءها هذا البلد إلى أسوأ أزمات العصر الحديث كان من آثارها الفقر المدقع الذي خلف أكبر مجاعة عرفها هذا القرن وتفشي الأمراض الفتاكة التي تطيح بصغار اليمنيين وهم الذين لم يروا بعد من الحياة شيئا سوى شهادات الوفاة المبكرة !. فهل نسي التحالف الذي تقوده الرياض ما تفعله صواريخها وغاراتها على شعب اليمن لتخرج اليوم بالصورة الباكية التي ظهرت عليها في هوامش هذه القمم ؟! هل نسيت السعودية أنها تمارس إجراما أكبر في قتل الأرواح البريئة من إجرام الحوثيين الذين يمارسون دورا طبيعيا في الدفاع واستهداف ما تراه هذه الجامعة أنه هدف حيوي لها لا سيما المنشآت النفطية فيها دون أن تعلن الرياض عن سقوط أرواح منها على إثر هذه الهجمات التي تبكبكت منها أمام الحضور ؟! أي قمم هذه التي كانت اثنتان منها طارئتان بينما اكتفت الإسلامية منها بالعادية وتحورت جميعها عما تعانيه السعودية فقط من جماعة قال ولي عهدها يوما أنه يستطيع بقواته أن يجتثها في أيام قليلة ؟! أي قمم ( خربوطية ) هذه التي يتم فيها تجاهل كبرى القضايا التي تهدد خليجنا ووطننا العربي الكبير وعالمنا الإسلامي الممتد ويكون جدول أعمالها جميعا مقتصرا على الخطر الإيراني الذي نتفق على اختلافنا مع طهران في بعض القضايا الإقليمية ولكن لا يمكن أن يتم تجاهل ذكر اسم إسرائيل على أنه الخطر الأول علينا باعتباره العدو الأول لنا ؟! كيف كان يمكن للسعودية أن تخرج بهذا المشهد الهش والهزيل وهي تشحذ همم وشخصيات جميع الدول الخليجية والعربية والإسلامية للحضور والمشاركة وتسلط الضوء في قممها الثلاث عما تعانيه شخصيا وكأن محور الكون يتركز عليها وهي التي فقدت اليوم مكانتها السياسية رغم بقاء المكانة الدينية باعتبار أن المملكة العربية السعودية – للأسف – هي حاضنة الحرمين الشريفين ولذا لا عجب أن شاهدنا الرياض تلعب بهذه الورقة الرابحة في عقد هذه (الغُمم) في مكة لاستعطاف العالم العربي والإسلامي دينيا ومع هذا لم تنجح؟! ولذا لا عجب أن يعترض رئيس الحكومة العراقية بعد تلاوة البيان الختامي لهذه القمم على بنوده التي اجتمعت على التحذير من الخطر الإيراني فقط وكأن السعودية محور الكون !. عموما كانت قمما شكلية وتباكيا على الوضع الذي آلت إليه الرياض للأسف بعد تبعيتها المفرطة وراء حكومة أبوظبي التي أودت بها إلى حال تشكو الرياض منه اليوم ولكن ما نفع الدموع إن كان الضرب بيدها لا بيد إيران ولا بطيخ !. فاصلة أخيرة: سلامي على خير ممثل لدولة قطر في هذه القمم سعادة رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني الذي كان يمشي واثق الخطوة في حين تهلهلت باقي الخطى وتباكت.. كفو يا بوناصر. [email protected]