18 سبتمبر 2025

تسجيل

الشَّقبُ

03 يونيو 2019

على الجيل الجديد أن يُحسن نطق اسمه، حتى أن الإعلاميين ومذيعي قناة الريان التراثية لا يحسن معظمهم ذلك، مع أنه اليوم أو مكانه أصبح مزاراً من مزارات السياحة في قطر، حيث إنه جزء لا يتجزأ من عملية التحديث التي تجتاح الدولة بسرعة قصوى غير مسبوقة. الكثير يردد اسمه ولا يعرف معناه ناهيك عن نطقه الصحيح. في «تاج العروس» هو الصدع بين الجبال أو الأودية، يوكر فيه الطير، أما في معجم اللهجات العمانية فهو الشرخ. على كل حال، بالنسبة لجيلي هو موقع في غرب الريان القديم به مربط خيل للشيوخ ومزرعة كما نسميها بالعامية يسمى باسمه. لكي نقطع المسافة إليه علينا أن نمر بزرع الشيوخ أو زرع ابن غميان وهو اسم القائم عليه رحمه الله، وكان زرعا كبيرا وتتواجد فيه أنواع كثيرة من الطيور على أشكالها وشمال غربه يوجد زرع سعيد العلي رحمه الله، وبه بركة للسباحة مفضلة على غيرها في أيامنا تلك، حيث كانت مغطاة عن الشمس، نذهب لنصطاد الطيور ونزور مربط الخيل الموجود وبه عدد من الخيل «البوني « أيضاً ونشاهد كذلك بعض الحيوانات التي كانت ايضا موجودة لا أذكر منها سوى بعض القرود التي كنا نطعمها بعض الفستق وخلافه. الشقب على أيامنا في منتصف الستينيات كان بمثابة حديقة الحيوان القريبة، الطريق إليه لم يكن ممهدا والمنطقة كلها أشبه بجغرافيا متنوعة بين ارتفاع ونزول بين زرع وآخر ووادٍ وحزم. اليوم اسم الشقب ارتبط بأحدث المنشآت الرائدة في مجال التناسل المرتبطة بالخيل وسلالاتها، نستذكر البداية ونحن نشهد التطور، نستذكر الجغرافيا الصغيرة ونحن نرى التواجد العالمي فيها، انتقل اسم الشقب من محليته الضيقة إلى عالم الرياضة والفروسية على مستوى العالم، أستذكر الزرع وقد أصبح إصطبلات على أرقى مستوى، أستذكر الطريق الضيق غير المرصوف وقد أصبح شوارع وتقاطعات عرضا وطولا، مكان له خصوصية وحميمية عند أهل قطر لا يعرفها غيرهم، هو من بقايا التاريخ في ذاكرة الجيل القديم ؛ الشقب رمز لمكان أصبح بصمة واضحة اليوم بالرغم من ان الأسماء الجديدة اجتاحت الدولة هنا وهناك إلا أن اسم الشقب على إشكاليته لم يتغير أو لم يغيروه لحسن الحظ. كثيراً ما كنا نأخذ بعض الأكل معنا حينما نذهب إليه سيراً على الأقدام أيام الصيف اللاهب، كان صيد الطيور هو شغلنا الشاغل في الصيف الطويل، حيث المزارع مسرح لأنواعها، كان الجيل السابق يحذرنا من صيد الطيور التي تستوطن قطر خوفا من انقراضها. إزالة تلك المزارع كان خطأ كبيراً في اعتقادي، حيث اختفت الطير واختفت بساطة الإنسان معه. الشقب الكبير الذي ترونه اليوم وإصطبلاته الضخمة وجياده الأصيلة ومدربيها من الأوروبيين وغيرهم ومطاعمه واستراحاته الفارهة، ليس سوى صدى لذاكرة جيل سبق لا يعرف من الدنيا سوى رائحة أرضه وإخلاصه لها وتمسكه بالمكان دليلاً على الوجود وأصالته. [email protected]