15 سبتمبر 2025

تسجيل

هل يعود رمضان القديم ؟؟ 

03 يونيو 2018

نعم لقد كان لرمضان القديم طعم مختلف، طعم ما زال في ذاكرتنا حيث صورة جدتي وهي تخبر خبز ( الرقاق ) على الحطب في الفجر ورائحة الخبز تغري بان نختلس منها واحدا لنأكله، وصورة الوالدة وهي تجهز سحور أول ليلة في رمضان الذي كان لذيذا ببساطته وننام ونحن نحلم بالغد وتجمعنا على سفرة رمضان التي كانت عبارة عند سفرتين إحداهما في مجلس الجد تجهز للمصلين الذين يخرجون من صلاة المغرب ويفطر معهم جدي وعليها كل أنواع الأكل وأهمها التمر واللبن ونصعد الى السطح لنشاهد المدفع وهو ينطلق والنار تخرج من القذيفة وصوت الشيخ محمد رفعت يرن في آذاننا من المذياع في غرفة الوالد ونهبط بسرعة للتحلق حول السفرة التي اصطفت عليها صحون ( الهريس والثريد والنشا والساقو والعيش الأبيض وصالونة اللحم )، أنواع بسيطة.   وما أن ننتهي من الأكل نتساعد في غسيل المواعين بعد صلاة المغرب ونلبي نداء الجدة التي تجهز ما تبقى من طعام لنأخذه الى بعض العمال مع بعض بنات الفريج ونحاول ان نسرع حتى نعود ونستمع الى المسلسل الاذاعي وكان وقتها ( نحن لا نزرع الشوك).  في ليل رمضان وبعد الانتهاء من التراويح ، تكون الزيارات الحافلة بالمحبة وصدق اللقاء ودون أدنى تكلف ومظاهر تشعرك انك غريب فالأبواب مفتوحة لكل ضيف يرحب به ، ونكمل الليل بتدبر آيات من القرآن الكريم وأخذ قسط من الراحة ونستيقظ على صوت المسحر الذي يشدو بنغم محبب يجعلنا نخرج للشارع لمشاهدته وهو يضرب على طبلته ونتناول سحورنا لنبدأ يوم جديد من الشهر المبارك.  وما أن ينتصف الشهر تبدأ تجهيزات يوم (القرنقعوه) حيث نخرج نحن الاطفال الى الشارع معلقين أكياسا من القماش في أعناقنا ونشدو بأغنية القرنقعوه في العصر ونعود للبيت قبل الفطور سعداء ما تحصلنا عليه من مكسرات وحلويات نحتفظ بها  ولا يمكن ان تغيب عن الذاكرة صورة نساء الحي مجتمعين في بيت إحدى النساء من حفظة القرآن الكريم ومحفظات له يتدارسن القرآن ويستمعن الى قصة سيدنا محمد والتابعين وذلك من منتصف رمضان وحتى انتهائه يتخلل هذه الجلسات صلاة التراويح والقيام التي كانت تؤدى في البيت.  صورة رائعة ترتسم في الذاكرة عندما تسعد بختم القرآن وتفرح كل سيدة وفتاة بما ختمت من آيات الله اشجع غيرها على ختم القرآن في أواخر الشهر التي تكثر فيها جلسات ختم القرآن، وما اقتراب العيد تجهز الأمهات ملابس الاطفال وتخفيها عنهم حتى لا يرتدينها خلسة وهي من اشترتها احيانا بصعوبة.  فرحة كبيرة ليلة العيد حين تجلس الام لتحني أيدي وأقدام بناتها وتربطها بالقماش حتى الصباح والأطفال قد وضع كل واحد منهم ملابسه الجديدة تحت مخدته وهو نائم ليحلم بيوم العيد وفرحته فهل يعود لنا رمضان القديم.