11 سبتمبر 2025
تسجيلبعد عام كامل على جريمة العصر.. نحن بألف خير من دونهم أبوظبي مولت المؤتمرات في أوروبا فتحولت إلى منابر ضد سياستها الفاشلة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها أدانت صراحة انتهاكات دول الحصار وطالبت برفعه الاقتصاد القطري يحظى بثقة رأس المال الأجنبي وقطر تصدرت المؤشرات العالمية الرأي العام العالمي يؤيد قطر والدول المحدودة التي أيَّدت الحصار تراجعت ووقفت إلى جانب قطر بعد مضي 365 يوما على الحصار الجائر على بلدنا الحبيب قطر، نقف مع النفس لنسترجع تطورات الأحداث خلال هذه الفترة منذ اللحظة الأولى لانطلاق الأزمة بأول جريمة مركبة، هي قرصنة وكالة الأنباء القطرية وبث أخبار ملفقة وكاذبة عن توجهات الدولة بغرض التمهيد لنواياهم الماكرة الشريرة لتكتمل دائرة التآمر بإعلان الحصار على قطر في 5 يونيو 2017، اليوم وبعد مضي عام على تلك الجرائم ، نجد أنفسنا قادرين على تقييم حجم جريمتهم وما ترتب عليها من فشل في سياساتهم الخارجية وعلاقاتهم مع الدول وانتهاكهم للقانون الدولي، وتمزيقهم للنسيج الخليجي وتفريقهم للبيت الواحد وانتهاكهم لحقوق الإنسان، فضلا عن دعمهم للإرهاب والتطرف وزعزعة الاستقرار في اليمن وليبيا وبقاع أخرى من العالم . لقد نشرنا في "الشرق" طيلة هذا العام الوثائق الدامغة التي تسربت من داخل دوائر التآمر على الأمة وثوابتها ونشرنا بالدليل ما فعله نظام أبوظبي بجرِّه للسعودية نحو مستنقع الحروب والانتهاكات وقتل المدنيين ودفع الأموال لشراء الذمم وعقد المؤتمرات الفاشلة، واستمرت المخالفات القانونية والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي لتشمل المنع من زيارة بيت الله و اختراق الأجواء القطرية وطرد طلاب قطر في دول الحصار ومنعهم من إكمال دراستهم. ولم يسلم من العدوان حتى الحلال وأهل الحلال. كيف تجاوزت قطر أزمة الحصار: والسؤال الذي يفرض نفسه هو: كيف استطاعت قطر هزيمة هذا الاعتداء الجائر وكيف انتصرت على مخططات دبرت بليل وقبل وقت في انتظار اللحظة المناسبة. كيف تمكنت قطر من كسب ثقة العالم، وخلال ساعات محدودة استطاعت إيجاد البديل لسلع دول الحصار وواصلت سعيها لتأمين متطلبات مرافق مونديال قطر 2022، واستجلبت احتياجاتها الصحية والخدمية ومقومات البنية التحتية، هذا العطاء القطري المهول لم يتحقق إلا بتخطيط سليم ورؤية ثاقبة وعمل أمين وصادق، وولاء كامل من الشعب لقيادته الوفية. وللإجابة على هذا السؤال، نستعرض الحقائق الماثلة أمامنا، وهي: كان لتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، دورها الفاعل في توجيه موارد الدولة الاقتصادية والإعلامية والدبلوماسية التوجيه الصحيح الذي كان له الأثر البارز في تسيير دفة الأمور إلى الوجهة التي مكَّنت الدولة والمجتمع من السيطرة على كل الآثار الناجمة عن الحصار، وتمثلت هذه التوجهات في الآتي: قال صاحب السمو: (نحن لا نخشى مقاطعة هذه الدول لنا، فنحن بألف خير من دونها)، وكان لهذه الكلمات مفعول قوي في تماسك جبهتنا الداخلية وتعزيز ثقتنا في أنفسنا لمواجهة كل العدائيات التي قامت بها دول الحصار وجعلتها مجرد مواقف متشنجة لم تؤثر على الشعب القطري. ورد صاحب السمو على الأعداء بقوله: (وقف الشعب القطري تلقائيا وبشكل طبيعي وعفوي دفاعا عن سيادة وطنه واستقلاله وأصبح كل من يقيم على هذه الأرض ناطقا باسم قطر)، ليبين للعالم حال الشعب القطري المتماسك أمام مؤامرات الأعداء. لقد نجحت الدولة بكافة قطاعاتها في إدارة الأزمة وتجاوز تداعيتها بفضل الرؤية الاستراتجية والمسار القانوني، انطلاقا من تلك التوجيهات ، وشكلت خطابات سموه ركيزة التعامل بالحكمة والثبات، كما جاء في خطابات سموه: خطاب الثبات 21 يوليو 2017، وخطاب الأمم المتحدة 19 سبتمبر 2017 وخطاب مجلس الشورى 14 نوفمبر وخطاب ميونخ 16 فبراير 2018. وحملت الخطابات رسائل ومضامين مهمة تعكس التآلف والتكاتف والتضامن، والاعتزاز بالشعب القطري والمقيمين، وأن قطر بألف خير ولا تخشى المقاطعة، حيث حافظت على سيادتها وظهرت أكثر قوة، في مواجهة إجراءات عدوانية من جيران طامعين. وتصدت قطر بكل قوة لمزاعم دول الحصار وحققت انتصارات في الملفين الإنساني والدبلوماسي، بلجوئها إلى مجلس الأمن الدولي، والمنظمات الحقوقية، والمنظمات المتخصصة، مثل منظمة الطيران والمنظمة البحرية الدولية والاتحاد العالمي للبريد، واليونسكو؛ لبحث خروقات وانتهاكات دول الحصار. دفعت هذه الأزمة المجتمع القطري ليس فقط إلى استكشاف قيمه الإنسانية كما بينت، إنما أيضا إلى استكشاف مكامن قوته في وحدته وإرادته وعزيمته، لقد صمـد هـذا الشعـب فـي ظـروف الحصـار، ورفض الإملاءات بعزة وكبرياء، وأصرَّ على استقلالية قرار قطر السيادي، وعزز وحدته وتضامنه، وحافظ على رفعة أخلاقه ورقيه رغم شراسة الحملة الموجهة ضده وضد بلده. الانتصار الدبلوماسي على دول الحصار رصدنا خلال هذا العام في الشرق ومن مصادر أجنبية وعالمية محايدة تأييدها الكامل لدولة قطر، مما يشير إلى وضوح الموقف القطري ونجاح قيادتنا الرشيدة في إقناع الرأي العام العالمي بعدالة قضيتها، بل تمكنت من إفشال مخططات دول الحصار بشراء الذمم والتأثير على المواقف، وفوجئت دول الحصار بتراجع تلك الدول عن دعمها لهم والوقوف إلى جانب قطر. وحققت قطر انتصارات ملموسة في المنظمات الدولية، حيث أدانت المنظمة الدولية للطيران المدني صراحة دول الحصار وأدانت الانتهاكات القانونية لأنظمة السلامة الجوية. وتمثلت أعلى ملامح فشلهم في الانصراف عن المؤتمرات الدولية مدفوعة الثمن لأنها انقلبت إلى منابر ضدهم، لأن شرفاء الكلمة والضمير واجهوا أكاذيب دول الحصار في تلك المؤتمرات، وكان نتيجة ذلك هروب أبوظبي وتركها لفكرة تنظيم تلك المؤتمرات المشبوهة. الانتصار الإعلامي قدمت المؤسسات الإعلامية القطرية أنموذجا يُحتذى في التصدي للحملات الإعلامية المضادة التي استهدفت الشعب القطري، وكانت النتيجة هي نجاح المؤسسات القطرية وعلى رأسها المؤسسة القطرية للإعلام والصحافة القطرية وكل مواطن ومقيم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي في تسديد الضربة القاضية لإعلام التضليل والأكاذيب، والدليل على ذلك هو اعتماد الخطاب الإعلامي لدول الحصار على توجيه الإساءات والخروج على أخلاق المهنة، بل والتغاضي عن موروثات المجتمع الخليجي القائمة على المروءة والشهامة والصدق مع النفس قبل الآخرين. وشكلت وسائل الإعلام القطرية طيفا مؤسسيا رسميا إلى جانب منابر الإعلام المجتمعي التي هزت إعلام دول الحصار وأفشلت مخططاته. وكان المهرب الوحيد لإعلام الحصار الفاشل أمام هذا السد الإعلامي القطري المنيع هو الهروب وادعاء نصر وهمي لا وجود له إلا في خيال من صنعوه. وفي كل يوم يمضي يحقق الاعلام القطري المسموع والمرئي والمطبوع وفي شبكات التواصل الاجتماعي انتصارا جديدا على دول الحصار وسيأتي اليوم الذي تقتنع فيه دول الحصار بأن ما فعلته كان جريمة العصر التي لا تُغتفر وأن الحل في الجلوس للحوار والتعاون على مواجهة التحديات التي نواجهها معا، وأن سياسة الاستعلاء والعدوان لن تحقق إلا الخسائر والخراب. هزيمة الحصار تقول سجلات التاريخ إن هذا الحصار لم يكن الأول، بل سبقته مؤامرات سابقة حطمها الآباء والأجداد .. واليوم يسير على نهجهم الأحفاد ليسطروا هذا التاريخ الناصع. وهذا الحصار هو الثالث منذ تبلور الدولة القطرية على يد الشيخ محمد بن ثاني، حتى تسلُّم الشيخ جاسم راية تأسيس الدولة منذ العام 1878 وحتى العام 1913، وتسلم الشيخ عبدالله بن جاسم من بعده رحمهم الله جميعا. ♦ الحصار الأول: مع نهاية معركة مسيمير عام 1850، قام حاكم البحرين بالتحالف مع سعيد بن طحنون رئيس بلدان أبوظبي في ناحية عمان آنذاك وحاصروا الدوحة بحرا - كانت عاصمة قطر آنذاك «البدع» وتبين لاحقا أن سعيد بن طحنون كان هدفه الأساسي منع السفن القطرية من مغاصات اللؤلؤ القطرية، بينما هدفت البحرين زعزعة سيادة قطر على أراضيها. ♦ الحصار الثاني: أعاد الشيخ عبدالله بن جاسم بناء قلعة الزبارة عام 1937 وخلال هذه الفترة تصالح مع قبيلة نعيم في شمال قطر، الأمر الذي أثار حفيظة حمد بن عيسى آل خليفة حاكم البحرين محاولا إبقاء الزبارة منطقة متنازعاً عليها، فأعلن حصارا اقتصاديا على قطر، حيث وجد أنها تعتمد على البحرين في التزود بالمواد الغذائية، ويبيع القطريون مواشيهم فيها. استمر الحصار الخانق حتى 1943 وبعد ضغط من البريطانيين على البحرين، تمكنوا من فك الحصار للتودد لقطر لاستغلال النفط المكتشف بها حديثاً. ♦ الحصار الثالث أو الحالي: الْيَوْمَ نرى أن التاريخ يعيد نفسه في هذا الحصار الغاشم الذي يأتي غدراً من جيرانها والمستهدف هو السيادة القطرية والمساس باستقلالية القرار السيادي الداخلي والخارجي. إن الحجج التي سيقت لهذا الحصار غير القانوني ليس على دولة قطر فحسب، بل على كل فرد من أفراد الأسرة الخليجية، حيث كسر هذا الحصار كافة المبادئ الدينية والأعراف الأخلاقية والاجتماعية والمواثيق الاقتصادية والعهود. رؤية قطر لحل الأزمة الرؤية القطرية للحل تنبني على مبدأين: أولا، أن يكون الحل في إطار احترام سيادة كل دولة وإرادتها. وثانيا، ألا يوضع في صيغة إملاءات من طرف على طرف، بل كتعهدات متبادلة والتزامات مشتركة ملزمة للجميع، قطر جاهزة للحوار والتوصل إلى تسويات في القضايا الخلافية كافة في هذا الإطار. قطر ستظل شامخة تسمو بروح الأوفياء، وستمر هذه الأزمة لتجعل قطر أقوى تسير على نهج الأولين وتكمل مسيرة البناء والعمران والخير للبشرية كلها.