13 سبتمبر 2025
تسجيلبرامج لخلق أنشطة اقتصادية جديدة مع تحسن أسعار النفط العالمية وتوقع تحسن الأوضاع المالية والاقتصادية لدول المجلس شهدنا الأسبوع الماضي عدة تقارير ومقالات من قبل مؤسسات عالمية مثل البنك الدولي ومجلات مثل الايكونمست وفوربز تتحدث عن مدى رغبة دول التعاون في مواصلة جهود الإصلاح فيما لو استمرت أسعار النفط في التحسن والارتفاع. وتعطي مثلا على قيام البرلمان الكويتي بالتصويت على تأجيل تطبيق ضريبة القيمة المضافة لغاية العام 2021. وبينما تلاحظ بعض هذه التقارير حاجة حكومات دول المنطقة إلى اتخاذ بعض الإجراءات للتخفيف من وطأة أعباء الإصلاحات التي تم اتخاذها طوال السنوات الثلاث الماضية على المواطنين، خاصة أن التوقعات تشير إلى تحقيق هذه الدول عوائد إضافية تقدر بنحو 170 مليار دولار هذا العام. ولكن بالرغم من هذه الزيادة التي يتوقع أن تمكن بعض دول التعاون من تحقيق فائض في ميزانياتها، فإن أغلبية الدول سوف تظهر عجزا في الميزانية حتى بعد تحسن أسعار النفط. كما أن الطبيعة الهيكلية لهذه الاقتصاديات والتي تتسم بارتفاع نسبة الشباب وضعف قاعدة التنويع الاقتصادي ومحدودية توليد فرص العمل للخريجين من الجامعات والمعاهد، تفرض على هذه الدول مواصلة جهود التنويع الاقتصادي لتقليل الاعتماد على القطاع النفطي في الدخل والقطاع العام في توليد الوظائف. عامل آخر كما ترى مجلة الايكونمست مهم في مواصلة جهود الإصلاح الاقتصادي وهو ارتفاع أسعار الفائدة بفعل ارتباط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي وتوقع قيام الاحتياطي بمواصلة رفع أسعار الفائدة لثلاث مرات هذا العام وست مرات خلال هذا العام والعام المقبل، مما يحد من قدرة الشركات وقطاع الأعمال على الاقتراض لتمويل مشاريع التوسع، وهو ما يدفع الحكومات لمواصلة التوسع في الإنفاق لتحريك الاقتصاد. كذلك وعلى الرغم من تحسن توقعات النمو الاقتصادي خليجيا وعالميا، فإن ذات التوقعات تشير أيضا إلى تنامي حالة عدم اليقين بسبب تنامي مخاطر الحروب التجارية بين القوى العظمى وتصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية. وهي عوامل تفرض التحسب والحذر في السياسات الاقتصادية وأخذ الحيطة في مواصلة جهود الإصلاح. وصحيح أن جهود الإصلاح أفضت بدورها لتحسن مناخ الاستثمار وأسهمت في عدم تأثر دول المجلس بشكل كبير نظرا للدور الرئيسي للاستثمار العام (الحكومي). لكن المخاطر في هذه الدول تتمثل في الحد من نمو الائتمان للقطاع الخاص ومعوقات تمويل المشاريع الاستثمارية العامة والخاصة ليس فقط بسبب زيادة أسعار الفائدة ولكن أيضا نتيجة الضغوط على سيولة البنوك التجارية من جراء تعاظم الاقتراض الحكومي وتطبيق لوائح محاسبية جديدة على البنوك مثل المعيار الدولي رقم 9 الذي يفرض زيادة المخصصات لدى البنوك. في المقابل أيضا ولتحقيق التوازن في جهود الإصلاح يجب أن تدرس بعناية القضايا الناجمة عن الإجراءات المتخذة تحت مظلته، وتحليل فيما إذا هذه الإجراءات سوف تدفع الاستثمارات المحلية للقطاع الخاص للتنامي والصمود بغرض الاستفادة من تحسن مناخ الاستثمار أما سوف تؤدي إلى هروبها للخارج، خاصة مع تحسن أوضاع الاقتصاد العالمي وتزايد فرص الاستثمارات البديلة. وإذا ما القينا نظرة على سجل الاستثمار على مدى السنوات العشر الماضية، تشير إلى أن المنطقة قد وظفت استثمارات بمعدلات تضاهي مثيلاتها في المناطق الأخرى، بما في ذلك استثمارات القطاع الخاص لكن العائد لم يحقق الغرض المنشود في تنويع القاعدة الإنتاجية. لذلك، فإن جهود الإصلاح يجب أن يتزامن معها وضع برامج لخلق أنشطة اقتصادية جديدة قادرة على الديمومة وتوليد الوظائف المجزية للمواطنين وبنفس الوقت تعزيز لوائح المساءلة والشفافية والحوكمة.