"ابن فارس" معجمي سبق عصره

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); الإِمَامُ العَلاَّمَةُ، اللُّغَوِيُّ المُحَدِّثُ، أَبُو الحُسَيْنِ، أَحْمَدُ بنُ فَارسِ بنِ زَكَرِيَّا بن مُحَمَّدِ بنِ حَبِيْبٍ القَزْوِيْنِيُّ، المَعْرُوفُ بِالرَّازِيِّ، المَالِكِيُّ.كَانَ رَأْساً فِي الأَدب، بَصِيْراً بفقهِ مَالِك، مُنَاظراً مُتَكَلِماً عَلَى طريقَةِ أَهْلِ الحَقّ، وَمَذْهَبُهُ فِي النَّحْوِ عَلَى طريقَةِ الكُوْفِيِّين، جمع إِتْقَانَ العِلْم إِلَى ظَرْفِ أَهْل الكِتَابَةِ وَالشّعر. وكان كريما جوادا لا يبقي شيئا، وربما سئل فوهب ثياب جسمه وفرش بيته. كان الصاحب بن عباد يكرمه ويتتلمذ له ويقول: "شيخنا أبو الحسين ممن رزق حسن التصنيف وأمن فيه من التصحيف".قيل عنه: إذا ذُكِرت اللُّغة فهو صاحب مُجْمِلها، لا بل صاحبها المجمّل لها. وكان يحثّ الفقهاء دائمًا عَلَى معرفة اللُّغة، ويلقي عليهم ويُخْجِلُهم ليتعلّموا اللُّغة، ويقول: من قصر علمه عن اللغة وغُولط غَلط.ترك ابن فارس للمكتبة العربية مجموعة من التصانيف التي تنمُّ عن عقلية موسوعية، منها: كتاب المجمل، ومتخير الألفاظ، وفقه اللغة، وغريب إعراب القرآن، وتفسير أسماء النبي عليه السلام، ودارات العرب، وحلية الفقهاء، وذخائر الكلمات، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، كتاب الليل والنهار، وكتاب العمّ والخال، وأصول الفقه، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، والصاحبي صنفه لخزانة الصاحب بن عباد، وجامع التأويل في تفسير القرآن، وخلق الإنسان، ومقاييس اللغة، وهو كتاب جليل لم يصنف مثله. وقد امتدح أحد الباحثين جهود ابن فارس في معجمه (مقاييس اللغة) قائلا: يعد ابن فارس من اللغويين الأوائل الذين اهتموا بإيجاد صلة بين المدلولات المختلفة للجذر اللغوي الواحد، ومحاولة إرجاعها إلى أصولها وتوضيح هذه الصلة مااستطاع إلى ذلكم سبيلا، وإن لم تخلُ المعجمات السابقة مثل العين والجمهرة من مثل هذه الإشارات بصورة متفرقة، حتى جاء ابن فاس ليدفع بها إلى القمة، ويبني معجمًا لغويًا متكاملا يبحث في هذه الظاهرة الدلالية التي لفتت انتباهه، واستطاع أن يقدم لنا معجما يجمع شتات هذه الظاهرة ويبين طرق انتقال المعنى، فكان عملا دلاليا فريدًا من نوعه استطاع أن يخترق به الأزمان والأمكنة، وأن يغزو به عقول معاصريه وأفئدتهم. لقد بلغ ابن فارس في معجمه (مقاييس اللغة) الغاية في الحذق باللغة وتكنه أسرارها، وفهم أصولها، إذ يرد مفردات كل مادة من مواد اللغة إلى أصولها المعنوية المشتركة فلا يكاد يخطئه التوفيق.قضى الشيخ أبو الحسين أحمد بن فارس ـ يرحمه الله ـ في صفر سنة خمس وتسعين وثلاثمائة بالريّ، ودفن بها.