11 سبتمبر 2025
تسجيلتفاءل الكثيرون ممن يستثمرون أموالهم في الذهب بإمكانية صعود أسعاره خلال الأسابيع القليلة المقبلة في ظل طبع وإصدار كميات ضخمة من النقود السائلة بأسواق العالم، من جراء توسع العديد من الدول الغربية الغنية، كالولايات المتحدة الأمريكية واليابان وبريطانيا، في تطبيق سياسات التحفيز المالي وبرامج التيسير الكمي، بالإضافة إلى انخفاض أسعار الفائدة بالبنوك والتي بلغت الصفر في بعض الدول المتقدمة، وكذا ارتفاع نسب الديون بالقطاعين العام والخاص.. إلا أن الاضطرابات وعدم الاستقرار ببعض دول الشرق الأوسط، ومعاناة دول منطقة اليورو من العديد من المشكلات الاقتصادية وتطبيقها لإجراءات وخطط التقشف المالي، بالإضافة إلى السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية المتشددة التي تتبعها الدول المتقدمة وبنوكها المركزية، قد أحبطت تفاؤل هؤلاء المستثمرين في الذهب.ولقد شكل ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي خلال الشهور الماضية ضغوطاً إضافية على أسعار الذهب، بالنظر لتسعير الذهب على مستوى العالم بالدولار، ومن ثم فإنه كلما ارتفعت قيمة الدولار كلما ارتفعت تكلفة الذهب على المستثمرين وفي مقدمتهم المتعاملون في الذهب بعملات أجنبية أخرى غير الدولار، وهو الأمر الذي يؤدي بالتبعية إلى انخفاض الطلب العالمي على الذهب.ويتخوف الكثير من المستثمرين بالذهب من احتمالية حدوث انخفاض كبير في أسعاره كاستجابة مباشرة للتوقعات المتزايدة برفع البنك المركزي الأمريكي لأسعار الفائدة قبل نهاية هذا العام "وفقاً لتصريحات وإشارات السيدة جانيت إيلين رئيسة مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي"، حيث كان لأسعار الفائدة المنخفضة، بالإضافة إلى انخفاض معدل التضخم وارتفاع أسعار الأسهم، تأثير إيجابي كبير في زيادة فرص الاستثمار وامتلاك الذهب والذي بلغ أعلى سعر له في نهاية عام 2011 وأوائل عام 2012 ليصل سعر الأوقية منه إلى 1670 دولارا بعد بلوغه 271 دولارا فقط في عام 2001.. ومن المعلوم أنه على النقيض من ذلك فإن أسعار الفائدة المرتفعة تزيد من تكلفة الحصول على الأصول والأدوات الاستثمارية التي لا تدر عائدا أو فائدة.هذا ويرجع الكثير من الخبراء في مجال المعادن النفيسة انخفاض أسعار الذهب في العام الماضي وبدايات هذا العام إلى قيام العديد من صناديق الاستثمار المتخصصة في الاتجار بالذهب، خاصة الغربية منها، ببيع مكثف لما لديها من ذهب، بالإضافة إلى انخفاض إقبال المستثمرين الغربيين على شراء الذهب بسبب خفض كميات السيولة المتاحة من الدولار الأمريكي التي كان يضخها البنك المركزي الأمريكي في الأسواق وفق برنامج التحفيز المالي والتيسير الكمي وبالتالي نقص المعروض من الدولار ومن ثم ارتفاع قيمته وما يترتب على ذلك من خفض لأسعار الذهب بالأسواق.ويؤكد الكثير من الخبراء والمتخصصين في صناعة الذهب وكذا المديرين التنفيذيين بهذا المجال أن أكثر من نصف الشركات المنتجة والمصنعة للذهب تعاني من نقص التدفقات الداخلة إليها، وأن العديد منها مثقل بالديون، ويؤكد هؤلاء الخبراء على أنه ما لم ترتفع أسعار الذهب في المدى القصير فسوف يتراجع الإنتاج إلى مستويات منخفضة للغاية.. وإن كنت أتفق مع وجهة نظر الكثير من هؤلاء الخبراء الذين يرون أن أسعار الذهب خلال السنوات الثلاث المقبلة، لن يرتفع كثيرا، وأنها سوف تدور حول 1200 دولار للأوقية.ولعل من أهم الأسباب التي حالت دون انخفاض أسعار الذهب هذا العام كما كان يتوقع الكثير من الخبراء والمتخصصين في المعدن الأصفر، زيادة مشتريات الهنود من الذهب والذين يعدون أكبر مستهلكين للذهب في العالم "وفقاً لتقارير مجلس الذهب العالمي". ويعود الفضل في هذه الزيادة لإلغاء الحكومة الهندية للقيود التي كانت مفروضة على واردات البلاد من الذهب، بالإضافة إلى الطلب الصيني على الذهب الذي تراجع كثيراً في العام الماضي، ثم عاود الارتفاع هذا العام بسبب الحملة التي قامت بها السلطات الصينية في مكافحة الفساد.ويرى الكثير من الخبراء أنه رغم جميع الاعتبارات السابقة، فإن الذهب فقد الكثير من جاذبيته الاستثمارية، في ظل تعدد الخيارات الاستثمارية الأخرى التي قد تكون أكثر جدوى وعائدا أمام المستثمرين، كالمضاربة في العملات والأسهم وغيرها.. ويظل الأمل لدى المستثمرين في الذهب في ارتفاع أسعاره من خلال شراء البنوك المركزية العالمية له بهدف تدعيم احتياطياتها واستخدامه كغطاء لإصداراتها من العملات المحلية ومواجهة أي أزمات أو صعوبات مالية ونقدية قد تواجهها، ومن أهم الأمثلة على ذلك قيام البنك المركزي الروسي بشراء نحو 30 طن ذهب في شهر مارس الماضي ليرفع احتياطياته من الذهب منذ عام 2005 وحتى الآن إلى ثلاثة أضعاف لتبلغ احتياطياته من الذهب في الوقت الراهن إلى 1238 طنا يحتل بها المركز الثاني على المستوى العالمي بعد البنك المركزي الأمريكي، ومتفوقاً على بنوك مركزية واقتصادات عريقة، كألمانيا وفرنسا وإيطاليا وسويسرا وبريطانيا.